الهدنة الإنسانية في اليمن
ناديا شحادة
بعد ستة أسابيع من الغارات الجوية للتحالف العسكري بقيادة السعودية، تلك الغارات التي جعلت الشعب اليمني يعاني أوضاعاً إنسانية كارثية، جراء القصف الجوي والحصار البحري والبري الذي تفرضه السعودية وحلفاؤها على اليمن، لمنع وصول المساعدات إلى أبناء اليمن، فأصبح اليمنيون يعانون من نقص الوقود والغذاء والدواء وكذلك تأثرت البنية التحتية ما أدى الى نزوح الملايين، فبات الوضع الإنساني مقلقاً. وقالت الإمم المتحدة إن القتال والحصار أديا إلى تدهور سريع في مخزن الوقود، ما يعرقل توزيع المواد الضرورية على المواطنين العالقين في هذه الحرب. بعد تلك الفترة بدأت تتعزز فرص الهدنة الإنسانية التي اتُفق عليها بين السعوديين والحوثيين تبدأ في 12 أيار وتستمر لمدة 5 أيام وقابلة للتمديد، وهذا ما أكده كل من وزيري الخارجية السعودي والأميركي في 8 أيار من العام الحالي في المؤتمر الصحافي الذي عقد بينهما، الذي وصفه جون كيري بالبنّاء، ومهد الطريق لقمة مثمرة في كامب ديفيد. ويؤكد المتابعون أن أهمية ما جاء على لسان الوزيرين السعودي والأميركي هو تناولهما للموضوع اليمني، حيث سيكون للملف اليمني المشتعل النصيب الأكبر في القمة المشتركة بين أوباما وقادة دول الخليج، فبعد دخول عاصفة الحزم شهرها الثاني لا تزال الأزمة اليمنية ترواح مكانها، فمن المنتظر أن تركز القمة على الوضع السياسي في اليمن وجمع الفرقاء اليمنيين على مائدة واحدة، وجاء إعلان تاريخ بدء الهدنة الإنسانية وشروطها وإمكان تمديدها تمهيداً للحل السياسي، الذي باتت السعودية تبحث عنه، بعد المستجدات الأخيرة التي طاولت المملكة.
فالسعودية التي تواجه تحولات داخلية خطيرة وقد تكون هي الأخطر منذ تأسيس المملكة عام 1932، بالتوازي مع التحولات الخارجية والتهديدات الناجمة عن تغيير الأطر الدولية والإقليمية، والتطورات الميدانية في اليمن التي انعكست سلباً على المملكة حيث أصبحت الأخيرة تحتاج إلى التهدئة، لذلك جاء طلبها الهدنة التي تتزامن مع قمة كامب ديفيد المزمع عقدها في 14 أيار بين الدول الخليجية والولايات المتحدة التي تعول عليها السعودية لإيجاد مخرج يحفظ ماء وجهها.
فالواقع الميداني على الأرض اليمنية يؤكد فشل السعودية التي بدأت تغير لهجتها التصعيدية، فها هي الدبلوماسية السعودية تطالب بهدنة إنسانية قابلة للتمديد وتتراجع عن شرطها بإجراء الحوار اليمني في الرياض، إذ كان الديوان الملكي السعودي أعلن موافقة دول مجلس التعاون الخليجي على إجراء الحوار اليمني في الرياض في 9 آذار من العام الحالي، وبحسب مصارد فإن وزير الخارجية السعودي قال إن بلاده ترحب بالحوار في الرياض ولكنها لا تمانع حصوله في أي مكان يختاره اليمنيون، وكذلك وزير الخارجية جون كيري أكد لنظيره أن جنيف تبدو المكان الأنسب، وأن الأمم المتحدة سوف تكون الجهة الراعية للحوار. جاءت تلك التصريحات بعد إعلان نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق في 6 أيار أن من المحتمل أن تستضيف جنيف المفاوضات المزمعة بين أطراف الأزمة اليمنية.
ففي وقت تتجه الأنظار إلى الساحة اليمنية ومع المستجدات السياسية والميدانية التي تتعلق بالأزمة اليمنية، يبقى السؤال: هل سنشهد تمديداً للهدنة الإنسانية التي أعلنتها السعودية لتصبح هدنة دائمة؟ ويتم السماح لها بالاستمرار وتقديم العون الحقيقي للشعب اليمني الذي يعد الخاسر الأكبر في تلك الحرب بخاصة أن موعد الهدنة يرتبط بالحوار واستئناف المفاوضات برعاية أممية في جنيف، وتتزامن مع قمة كامب ديفيد، تلك القمة التي ربما تكون هي الطريق الوحيدة لإخراج السعودية من مأزقها.