«بالشمع الأحمر»… إضاءة مسرحية على أزمةٍ لا بدّ أن تنتهي

رانيا مشوِّح

للفنّ رسالة مؤثرة وهامة في كل مكان وزمان، فهو مرآة الواقع بحلاوته ومرارته، وهذا ما حاول المخرج والكاتب المسرحي باسل طه إيصاله من خلال عمله المسرحي الأخير «بالشمع الأحمر»، الذي يعرض حالياً على خشبة «مسرح القباني» في العاصمة السورية دمشق.

وكان لـ«البناء» لقاء مع طه، شرح خلاله الفكرة الأساسية من العمل، قائلاً: «بالشمع الأحمر» مقتبس من فكرة مسرحية مصطفى الحلاج «احتفال ليليّ خاص لدريسدن»، والتي تحكي قصة مجموعة من الشخصيات الذين أرغموا على البقاء معاً بسبب حرب في الخارج تحيل حياتهم عدماً. أعدت كتابة النصّ منطلقاً من الفكرة ذاتها، لأنني شعرت بقدرتها على استيعاب ما يحصل اليوم في بلادنا، وتحميل تلك الشخصيات هذه المسؤولية.

للعمل هدف ورسالة أراد باسل طه من خلالها تسليط الضوء على عدّة نقاط ظهرت بكثرة مؤخراً في نسيجنا الاجتماعي. وفي هذا الإطار يقول: أهم ما كنّا نريده من العمل، تسليط الضوء على نقاط ضعف جعلت من الكثيرين جاهزين لاستقبال السلبي والسيئ والموشّح بالمأساة بسلاسة. كما أردنا تعميم المعاني الإيجابية والإشارة إلى وجودها بالإمكانيات كافة. فما زال هناك أمل للخروج من الحرب منتصرين بالحبّ والتماسك وعدم الانقسام.

وأضاف: كما أنّ العرض منح المشاهد أسئلة ومن أهمها البحث عن مفاهيم «الأنا» و«الوجود» ومعنى الغياب بسهولة.

أما عن الفن المسرحي في الشارع السوري ودوره في ظل الآليات الفنية الأخرى، وفي ظل الحرب التي تعاني منها سورية فيقول طه: المسرح موجود، لكننا نحتاج بالضرورة إلى التعامل معه بصيغة جديدة لا تعتمد ما عمّمه الكثيرون من قبلنا لسنين وفشلت تجربتهم. المسرح سيستمر، إنما ما أهمية هذا الاستمرار؟ هذا هو السؤال، هل سنبقى نشاهد ألف شخص، هم ذاتهم دوماً جمهور المسرح ذاته؟ أعتقد أننا استطعنا من خلال عروضنا في مسرحية «بالشمع الأحمر» جلب نسبة كبيرة من المشاهدة على رغم كلّ الظروف التي تمر بها البلاد.

وأضاف: المسرح يحتاج إلى خطط منهجية جديدة لصوغ مشهده، وفتح أبواب أوسع لروّاده، ومنح فرص أكبر للجيل السوري الشاب وللحكايات التي تعنى بهمومنا، ولحكاياتنا نحن، وبلغتنا، ومن حياتنا وواقعنا. في ظل حرب مستمرّة أثرت بدورها على كل مجالات الحياة.

وردّاًَ على سؤال حول دور الفن في هذا الواقع، أوضح طه: للفن في ظل الأزمات أو خارجها دور كبير وهامّ. بدءاً من شر الوعي وصولاً إلى كونه صوت الناس الأول، وبوابة للتخفيف عنهم وإمتاعهم قدر المستطاع. كما تتعدّد أهداف الفن، فهو رافد كل شيء في أيّ بلد يريد أن يعمّم مفرداته سياحياً واقتصادياً وثقافياً وفي كل المجالات الأخرى، كما أن أهم الأعمال في العالم كانت تقوم في ظل الأزمات والحروب، وتلك الفرصة الكبرى للفن ليقول كلمته. لكنني أجزم أن كل ما قدّم عن أزمتنا ما زال استعراضياً وسطحياً، ولا عمل حتى الآن يستطيع أن يستوعب الأزمة بالمطلق، وهذا لأنها لم تنته بعد. أما نحن فنحاول أن نشير إلى بعض ما نراه فقط، فذلك يبقى واجباً وطنياً علينا. في الفن وفي كل الميادين الأخرى استطاعت سورية أن تزرع في شبابها الكثير، وفي ظل أزمتها بدأ الحصاد من شباب مبدع ومتميّز.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى