ماتت الإنسانية… تقبل التعازي في اليمن
شهناز صبحي فاكوش
رمت عاصفة الحزن الحزم بذور الموت في اليمن، موت مدجّن منثور في كلّ الأرض اليمنية، قنابل، صواريخ، مقذوفات بوارج… ما ينتج موتاً مختلف الأشكال أشلاء أطفال بقايا نساء… أطياف رجال… انتشرت رائحة الموت حتى أزكمت الأنوف.
كلّ ما يحدث حسب الادّعاء السعودي له أهدافه… أية أهداف تلك؟ قتل جماعي تدمير منشآت حيوية تخريب مقومات حياة البشر! سجود قسري للمؤسسات الخدمية على الأرض ونهايتها دون قيام، ومحو كامل لبنىً تحتية.
تنتهي الحياة ببطء وتزهق الأرواح على عدد الدقائق في كلّ مكان في اليمن، وعلى لسان المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء.
بوارج التحالف المشؤوم تضرب من البحر، وطائرات آل سعود تقصف بيد طياريها الصهاينة من مختلف الجنسيات كلّ شبر في اليمن… تنهي على مقدرات المحروقات والمشتقات النفطية، وتدمّر موارد المياه، كما تدمّر حتى شبكات الصرف الصحي.
تلك هي أهداف الحرب على اليمن، موت للأطفال بانعدام الغذاء والدواء، واحتجاز المواطنين في محافظات تعلن بكاملها مناطق عسكرية خلافاً لكل القوانين الدولية.
يتحدثون عن دعم الشرعية والحرب السعودية على اليمن لأجلها، الشرعية تدعم بقصف المشافي والمدارس والمصانع والمطارات والمدن!
الشرعية هدف تريد السعودية دعمه، وتقول إنها حققت لأجله بعض أهدافها. هل الهدف الذي تقصد تحقق بشنّ ستين غارة مؤخراً على ست من المحافظات خلال اثنتي عشر ساعة، واستخدام القنابل العنقودية وهي من الأسلحة المحرمة دولياً؟
الهدف الذي تحقق حقيقةً ولا يخفى على أحد، هو الإبادة الجماعية في تدمير صعدة كما قال العسيري لتصبح قاعاً صفصفاً، لمحوها وكثير من المواقع عن الخارطة.
الهدف تحقق بضرب مؤسسات الاتصال والكهرباء، وتشديد الحصار على الشعب اليمني ومنع الغذاء والدواء، ليحاصر من الداخل بالركام والدمار الناتج عن أكثر من مئتي غارة، وتراكم القمامة التي تنشر الأوبئة إلى جانب ما تتركه القنابل المحرمة،
الهدف تحقق في منع المساعدات الإنسانية عن الشعب اليمني، والتلوث البيئي الذي يؤكده المبعوث الأممي السابق لليمن، الهدف تحقق في تأجيل ما دعي بالهدنة الإنسانية لأيام أربع. لتأخذ قوات التحالف وقتاً في القتل والإبادة والتدمير أكثر.
تحقق الهدف بحصار بري وبحري وجوي. وإغلاق جميع المنافذ، واحتجاز الطائرات التي هرّبت إلى جيبوتي كي لا تدمّر. واحتجاز العاملين في الموانئ، ومنع عبور المهجرين إلى خارج الحدود.
الهدف تحقق بمنع أبناء اليمن المغتربين الأطباء وغيرهم من العودة إلى اليمن للوقوف إلى جانب أهلهم وذويهم.
أي فرق بين شارون وبن غوريون وموشي دايان وبوش الابن وبين الملك السعودي الجديد سلمان ومن تحالف معه في الهستيريا التي تمارس على اليمن؟ أيّ فرق بين القصف على قانا وجنوب لبنان عام 2006 وقصف غزة لمرات عدة؟
كما لا فرق بين جمال باشا السفاح وأردوغان السفاح، وما يمارس على الأرض السورية من مجازر وما مورس أيام السفر برلك،
كما يتأكد انتفاء الفوارق رغم مرور الزمن بين حسين الأب في الأردن وعبدالله الابن، فذاك باع العرب لدايان وغولدا مائير، وهذا يبيع سورية لـ«إسرائيل» وأميركا و«القاعدة» و«النصرة»، وهو يدرّبهم على الأرض الأردنية منسقاً مع «إسرائيل».
العدو واحد، والمعتدى عليه موزع في أقطار رسمتها أقلام سايكس وبيكو قبلاً. والمخطط لها اليوم ما رسمته الصهيونية والماسونية التي ما عادت مقتصرة في محفلها على رايس وبوش المروّجان لمشروعها الشرق أوسطي الجديد.
المحفل اليوم يلملم بالمجاهرة وبلا حياء المتحالفون ضدّ اليمن، والمرسِلون للإرهابيين إلى سورية، والزاحفون إلى تأييد ما يحدث ضدّ اليمن وسورية، وكلّ شريك في سفك الدم في بلدين بارك الله بهما الشام واليمن.
يدمّرون المدن والبيوت، والقصف العشوائي يدمّر الحياة، ويزهق أرواح المدنيين. ولما تهتز بهدوء مؤسسات حقوق الإنسان العالمية، فتتثاءب الأمم المتحدة وتصحو بعد يقينها بأنّ الحياة بدأت تتلاشى في اليمن… فتبدأ بنصب الخيام، كما نصبتها قبلاً للفلسطينيين.
لا فرق بين بني صهيون المحتلين لفلسطين الواضحين للعالم، وبين بني سعود الوهابيين المحتلين لشبه الجزيرة العربية، فالجذر واحد والأصل واحد.
كما لا فرق بين السفاح الجدّ التركي جمال باشا وبين السفاح الحفيد أردوغان. ولا فرق بين انتهاك السيادة في سورية والعراق والسودان التي طالتها مجدداً طائرة صهيونية. لم يهتز لها التحالف العربي الذي يدّعون وجوده لأجل الأمن العربي.
الجميع يسعى استرضاءَ بني صهيون ليبقي على عرشه. كان سراً وتلميحاً والآن جهراً وتصريحاً، فصك التثبيت على العروش يمنحه نتنياهو الذي تحدّى أوباما في عقر داره ما جعل التبّع يهرعون لأداء فروض الطاعة بقتل الأقربين.
الطائرة السعودية تهبط في مطار بن غوريون في فلسطين المحتلة، عربوناً لحسن النية الطّيعة، التي استمرّت بالقصف العشوائي على اليمن بعد إعلان نهاية «عاصفة الحزم» وبدء «عاصفة الأمل»، استمر القصف لأنّ بني صهيون لم يكتفوا من الدماء العربية.
لا بدّ تستمرّ الإبادة الجماعية ولو بلغ العدد مليونين ويزيد، حتى يتأكد موت الإنسانية وانتشار الهستيريا… فيصبح الجميع فاقداً للأهلية ويحجر الصهاينة في فلسطين المحتلة على الجميع و«تشرعن الدولة اليهودية»!
عندها يعلن في ورقة نعي الإنسانية تقبّل التعازي في اليمن الذي كان يوماً سعيداً وهو اليوم غارق في بحر الموت…