هذا ما دفع تركيا إلى إلغاء برنامج تدريب «المعارضة السورية»
يوسف الصايغ
في خطوة مفاجئة، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو تأجيل تنفيذ برنامج تدريب المعارضة السورية المسلحة والذي كان مقرّراً بالاشتراك مع الولايات المتحدة، من دون تحديد مهلة زمنية لاستئنافه ما يعني إلغاءه عملياً.
وبينما أعاد أوغلو أسباب التأجيل إلى الأمور التقينة محاولاً دحض وجود أي خلاف بين أنقرة وواشنطن، إلا أنّ الوقائع تشير إلى نقيض المزاعم التركية.
في التفاصيل، لا يخفى على أحد حلم أردوغان الإمبراطوري باستعادة أمجاد أسلافه العثمانيين وما يتطلبه ذلك من إعداة السيطرة على مناطق النفوذ في الجوار، والتي بدأت تركيا بالعمل على تحقيقها منذ اندلاع الأحداث في سورية بالتنسيق مع الجماعات المسلحة التي حصلت على كل التسهيلات من الجانب التركي الرسمي.
ولعل المطالبة التركية المتكررة بإقامة منطقة عازلة في المنطقة الحدودية الفاصلة مع سورية بذريعة حماية المدنيين من الأعمال العسكرية ما هي إلا أحد تجليات الرغبة التركية بإعادة سيطرتها وهيمنتها على الشمال السوري والتي تلقت صفعة قوية بعد انكسار إرهابيي «داعش» في معركة عين العرب.
وهنا، لا بد من الربط بين إعلان تركيا تأجيل تنفيذ برنامج تدريب المعارضة السورية المسلحة الذي كان مقرراً بالشراكة مع واشنطن وفشل حلمها الاستعماري الجديد للسيطرة على الشمال السوري من بوابة المنطقة العازلة، وبالتالي أيقنت تركيا أن الإدارة الأميركية لن تحقق لها مرادها فأرادت أن تعبر عن امتعاضها من تراجع واشنطن بإلغاء تدريب المسلحين السوريين.
أما على الصعيد الأميركي يبدو أن واشنطن التي تنظر بقلق إلى سيطرة إرهابيي النصرة على جسر الشغور وإدلب، باتت تدرك جيداً أن أي منطقة عازلة لا بد من توفير الغطاء الجوي اللازم لها، لكن ذلك يتطلب وجوداً عسكرياً برياً، وهو ما لا تريد وزارة الحرب الأميركية أن تنجر إليه مجدداً بعد استنزاف قواتها في العراق، ما يعني أنّ الحلم الإمبراطوري التركي ذهب أدراج الرياح.