السياسة «الداعشية الجديدة» كُتبت في واشنطن
فاديا مطر
بعد مرور الكثير من الأحداث السياسية والتقلبات العسكرية الدراماتيكية خلال ما يقارب الخمس سنوات من عمر الحرب على سورية التي زادت من عناء السوريين وانكشاف أقنعة النفاق الزائفة والداعمة للإرهاب، والتي جعلت الصراع أكثر تعقيداً بحجج وذرائع واهية، ليس آخرها ما أعلنه الأردن على لسان مصدر أمني في 11 آيار الجاري بأن الولايات المتحدة الأميركية قامت أخيراً بنشر عدد من جنودها وخبرائها الأمنيين على الحدود الأردنية ـ السورية، تحت زعم أن هذا الانتشار يأتي في إطار العمليات المشتركة بين الجانبين لتأمين الحدود الأردنية إلى جانب مشاركة الأردن في المهام التدريبية الجارية لقوات عسكرية في المنطقة، بعد إقرار الأردن في آذار الماضي بانضمامه إلى المخطط الأميركي لدعم وتسليح إرهابيي المعارضة في سورية ممن تسميهم واشنطن «المعتدلين»، بالتعاون مع الأنظمة في المنطقة وعلى رأسها نظام أردوغان، فبعد إعلان الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية ووزير الدولة لشؤون الإعلام «محمد المومني» في 7 أيار الجاري أن بلاده هي جزء من هذا المخطط بالتشارك مع «التحالف الدولي» وهي ستقوم بتدريب أبناء العشائر والشعب السوري بزعم مواجهة الإرهاب وتنظيم «داعش» الإرهابي، في تشارك تقوده الولايات المتحدة الأميركية بمشاركة نحو 60 دولة عربية وأجنبية بدأت بها واشنطن بشنّ ضرباتها الجوية في العراق منذ آب 2014، فهي أسئلة كثيرة تدعو إلى شك أكبر وسط التطورات التي تحصل في سورية والمنطقة، واليوم من الأردن، والذريعة محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، وبتوجه أميركي نجح ولا يزال ينجح في تجنيد أنظمة وتنظيمات ظلامية سواء من المنطقة العربية أو الإقليمية، تحت ستائر وشعارات لا تمتد إلى الواقع بأي خيط، فهذا النموذج هو أحد نماذج «صناعة الموت» الأميركية، ولكن بأيدي عربية وإقليمية بعد توقيع تركية أخيراً في 19 شباط 2015 اتفاقاً مع الولايات المتحدة لتدريب ما يسمى «المعارضة السورية المعتدلة»، لتبقى الأسئلة مطروحة حيال لماذا تدرب الولايات المتحدة قوات «المعارضة»؟ وما هو الضامن أن تكون «معتدلة»؟ بعد أن كانت حركة «حزم» الإرهابية التي أبادتها «النصرة» هي التنظيم الأكثر قرباً من الولايات المتحدة والأكثر تسليحاً من جانبها، وهي الحركة الوحيدة التي حصلت على أسلحة أميركية متقدمة مثل صواريخ «تاو» المضادة للمدرعات، فالانخراط الأردني بالمحلول الأميركي الجديد هو ليس جديداً على خصوصية أن الأردن من الدول المعرضة للفوضى والإرهاب في ظل أحتوائها على قيادات للتيار السلفي والإخواني وهي صاحبة اليد الطولى في تعقيد الأزمة السورية عبر حلفائها وعملائها في ظل غياب الحل السياسي وانعدام أي خطة طريق واضحة أو وجود قيادة ناضجة وحكيمة ومستقلة تقود المعارضة، فهذا اختلاط للمفاهيم والمعاني والقيم يؤدي بدوره إلى ظهور نمطية جديدة من الإرهاب مغلفة بمفهوم الدفاع عن الدين الإسلامي لكن تحت الرعاية الأميركية، فالأردن يسير على الخطة التركية في مشروع تدريب عناصر المجموعات الإرهابية المسلحة الموجودة على أرضه تحت اسم لاجئين مرة، وتحت اسم «معارضة معتدلة» مرة أخرى، فالولايات المتحدة تتمم الخيارات الأميركية الضيقة بإعادة التموضع على سلم العلاقات الخارجية خدمة لمصالح الدول الداعمة للإرهاب على سورية والتي على رأسها بالأمس تركيا واليوم الأردن، حتى يتم رسم دور سورية الجيوسياسي في المرحلة المقبلة، فالتحديد الأردني هو إشارة لما تريده أميركا من تحقيق حالة التوازن في الصراع العسكري تمهيداً لتفتيت المنطقة إلى كيانات هزيلة وإطالة أمد الحرب على سورية مع زيادة الأرباح وخلق «داعش» جديد متحالف مع أميركا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، عبر بعض الأنظمة التي تراهن على الحل الأميركي في رسم خريطة المنطقة على صفيح كل الاحتمالات، والتي تعاني منها عمان في الوضع الداخلي الذي ربما سيعصف بثأر الكساسبة على سفوح الهدف الأميركي الأساسي.