الخليج الأطلسي!
عامر نعيم الياس
تعقد القمة رفيعة المستوى بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ودول مجلس التعاون الخليجي الست اليوم الثالث عشر من أيار، وسط تكهنات متباينة حول الأهداف المرجوة من عقد القمة، بين طرف يرى أنها لتمرير الاتفاق النووي مع إيران، وآخر يرى أنها لتعزيز التعاون بين واشنطن ودول مجلس التعاون الخليجي لطمأنة الحلفاء في شأن عدم تغيّر وضعيتهم الاستراتيجية في العقل السياسي الأميركي. لكن في ضوء التطورات الأخيرة في ساحات المواجهة في المنطقة، وحديث الرئيس باراك أوباما في مقابلته مع الصحافي توماس فريدمان في صحيفة «نيويورك تايمز» بتاريخ الخامس من نيسان الماضي عن أن التهديد لدول الخليج «سيكون ناشئاً من عدم الرضا داخل بلدانهم بشكل يفوق التهديد القادم من التعديات الإيرانية»، هذا الأمر يضع القمة ودول الخليج كافةً في مهب المطالب الأميركية الجديدة بتغيير وضعية النفوذ الأميركي في الخليج وقوننته أكثر فأكثر في سياق لعبة تقاسم النفوذ وإدارة الأزمة التي من المتوقع أن تسود في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي الأميركي ـ الإيراني.
وفي هذا السايق أجمعت معلومات صحافية متقاطعة، غربية تحديداً، عن إمكانية طلب دول مجلس التعاون الخليجي إبرام اتفاقية دفاع جماعية رسمية على غرار معاهدة حلف شمال الأطلسي من شأنها إلزام الولايات المتحدة بالدفاع عن الدول الخليجية إذا تعرضت لهجوم. وهذا ما لمّح إليه بشكلٍ غير مباشر إليه الرئيس أوباما في سياق مقابلته مع فريدمان بقوله: «عندما يتعلق الأمر بعدوان خارجي، أعتقد أننا سنقف إلى جانب أصدقائنا العرب وأريد أن أدرس الكيفية التي تمكننا من إضفاء طابع رسمي على الأمر أكثر قليلاً مما هو قائم حالياً».
وبناءً على ذلك، يتوقع أن يطرح في قمة «كامب ديفيد» حصول دول الخليج على ضمانات أمنية على غرار «المادة الخامسة» من معاهدة واشنطن لعام 1949 التي تشكّل الأساس القانوني لترتيبات الأمن الجماعي التي تقوم عليها منظمة حلف شمال الأطلسي والتي تنصّ على أن «أي هجومٍ مسلّح ضد طرف أو أكثر من أطراف المعاهدة في أوروبا وأميركا الشمالية يعتبر هجوماً ضد كافة الأطراف. وأن كل طرف سيتّخذ الإجراءات التي يراها ضرورية لاستعادة أمن منطقة شمال الأطلسي والحفاظ عليها».
الأزمة التي تعيشها الدول الخليجية وعدم قدرتها على استيعاب التحوّل الأميركي باتجاه إيران، من شأنهما أن يدفعاها طوعاً إلى المطالبة بهذا الخيار. فإيران دولة نووية يعني تحوّلاً شاملاً في ديناميات القوة في الشرق الأوسط، ووجود طهران وواشنطن رسمياً في خانةٍ واحدة من بعض القضايا التي تواجه المنطقة وبالتالي النزوع إلى إدارة الأزمات في المنطقة سواء عبر التوافق أو عبر الجنوح إلى التهدئة والاحتواء، وهو ما يفرض بكافة الأحوال اعترافاً متبادلاً بمصالح الطرفين ونفوذهما، الأمر الذي يصب في خانة رفع منسوب قلق الدول الخليجية من هذا التحوّل، وبالتالي البحث عن غطاء أكثر فاعلية وقوّة، يتجلى بتحالف علني عسكري وسياسي مشابه للرابط الرسمي بين دول حلف شمال الأطلسي، حتى وإن كان هذا التحالف ليس على هيئة وثيقة دولية، بل اتفاقاً سياسياً بين الأطراف المجتمعة في «كامب ديفيد»، وهو الاحتمال المرجح بسبب الخلافات التي تعصف بالكونغرس حول إبرام اتفاق ملزم على هيئة وثيقة دفاعية.
واشنطن هي الرابحة بالاتجاهين، وهو ما يدركه الرئيس الأميركي باراك أوباما جيداً، أما ما يشاع عن حلول بعض الدول الأطلسية مكان الولايات المتحدة في الخليج، كفرنسا على سبيل المثال، فهو لا يعدو عن كونه مزحةً سمجة ستلقى بعض الصدى في قمة «كامب ديفيد» التي حُضّر جيداً لها بدايةً باتفاق الإطار بين إيران والدول الست، مروراً بالعدوان على اليمن وطرح الهدنة قبل يومٍ واحد من القمة، وليس انتهاءً بالتصعيد الميداني في سورية وتحديداً في الشمال وتعويم «جبهة النصرة» باعتبارها «روح الرهان الغربي الميداني» في سورية.
كاتب ومترجم سوري