سوتشي تكتب مقرّرات «كامب ديفيد» بالخط العريض
لم يكن الإعلان عن الملفات التي سيتمّ البحث فيها في قمة سوتشي بين وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا جون كيري وسيرغي لافروف عبثياً، فجدول الأعمال الذي بدا موسعاً ومصيرياً لا يأتي في ظروف طبيعية، حيث يأتي قبل يوم واحد من القمة التي تجمع فيها الولايات المتحدة القادة الخليجيين في مجمع كامب ديفيد الشهير، هذا المجمع الذي يرمز دائما الى أكثر الاجتماعات مصيرية وخطراً على منطقتنا باسرها.
واضح انّ الأميركيين يريدون تقديم مشهد ومعطى جديد ودقيق للخليجيين في هذا المكان، ليحاكي المرحلة المقبلة، ولكن الواضح ايضاً انّ الولايات المتحدة تبحث في ذلك مع روسيا قبل اتخاذ أيّ قرار.
روسيا التي فرضتها الأزمات التي اجتاحت الشرق الأوسط عموماً، والأزمة التي واجهتها في حديقتها الخلفية ـ أوكرانيا ـ واستطاعت التعامل معها بما يحفظ دورها كدولة كبرى، روسيا هذه لا يمكن استسهال توريطها أو إضعافها، فيما هي تنافس الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين على النفوذ في غير منطقة من العالم.
البحث الأميركي في ملفات سورية واليمن وإيران مع روسيا قبل الاجتماع بالخليجيين لا يشير سوى الى انّ النقاط على الحروف توضع عند الدول الكبرى وترسم المرحلة المقبلة التي لن تكون عادية مع التوقيع النووي بين الإيرانيين والغرب، والتي تحتاج إلى الترتيب، وإنه يستحيل ان يقود الأميركيون المرحلة وحدهم نظراً إلى دور روسيا أولاً وارتباط حلفائها بمجمل الملفات التي تعني الأميركيين مباشرة، وثانياً لأن هذا الاجتماع سيشكل أرضية التسويات المقبلة. وعليه فإن القاء الوزاري الروسي الأميركي اليوم يبلغ من الأهمية ما يكفي ليكون مفصلاً لتحديد سير الأزمات والملفات، خصوصاً أنها تبحث في التسويات الممكنة.
بالتالي، فإنّ الولايات المتحدة وبعد التشاور مع الروس، تعقد اجتماع كامب ديفيد الذي تسعى ان يكون جدول أعماله بمثابة رسم خريطة طريق الخليجيين في المرحلة المقبلة، والأهمّ أنّ مؤشرات الجدية الأميركية في إنجاح ما سيخرج عن القمة واضح من خلال استدعائها المسؤولين السعوديين الأقرب إليها وإلى سياستها بدلاً من حضور الملك سلمان رسمياً الذي لا يمكن ان يكون غيابه عن هكذا قمة طبيعياً.
محمد بن نايف الذي سيحضر الاجتماع لن يكون اسماً عادياً عند الأميركيين قريباً، فهو الذي سيقع على عاتقه تنفيذ المقرّرات التي ستخرج عن كامب ديفيد حتى زمن بعيد، وهي تعليمات المرحلة المقبلة التي تمخّضت عن قمة سوتشي التي ستكون مقدّمة لاجتماعات أخرى بين الأميركيين والروس يخرج عنها حول كلّ ملف تفاصيل معالجته وتسويته، وهذا كله يتطلب ان يكون للولايات المتحدة خليجياً مثل محمد بن نايف المستعدّ للتعاون والتنفيذ.
سوتشي تكتب مقرّرات كامب ديفيد بالخط العريض.
«توب نيوز»