المرصد

المرصد

أهل الغناء يقتحمون الدراما التلفزيونية!

هنادي عيسى

لا شك أنّ كل الناس يعلمون أنه لولا الأفلام السينمائية التي شارك نجوم الغناء فيها خلال القرن الماضي، لما عرفنا أشكالهم ولا أحببنا أعمالهم الفنية. فكل أبناء هذا الجيل والذي سبقه بسنوات عدّة يعرفون أمّ كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وأسمهان ومحمد عبد الوهاب وغيرهم العشرات من المطربين الكبار، الذين استشرفوا أن السينما هي التي ستدخلهم إلى كتاب التاريخ الفن العربي. وستخلّد أعمالهم لأجيال المستقبلين القريب والبعيد . ومثلهم فعلت الشحرورة صباح التي قدّمت نحو 85 فيلماً سينمائياً ستتحدث عنها الأجيال الطالعة. ومثلها أسماء كثيرة من مطربي العصر الذهبي الذين عرفوا قيمة الأعمال الدرامية سواء في السينما أو التلفزيون، ومنهم سميرة توفيق التي قدّمت مسلسلين أحدهما «فارس ونجود» إلى جانب الممثل الراحل محمود سعيد. إنما للأسف، يبدو أنّ نجوم الغناء في العالم العربي من الجيل الحالي، لم يعر معظمهم أهمية لدور السينما في حياتهم المهنية، لا بل اكتفوا بتقديم الأغاني والكليبات وإحياء الحفلات والمهرحانات وتكديس الأموال في البنوك أو استثمارها في مشاريع عقارية. لكن كساد سوق الحفلات في العالم العربي نتيجة الأوضاع الأمنية والسياسية، جعل مغنّين يتّجهون إلى تقديم أعمال درامية تلفزيونية لهدفين: الأول مكسب مادي، والثاني يكمن في رغبتهم ضمّ هذه الأعمال إلى أرشيفهم الفني، علّها تساهم في السنوات المقبلة بتعريف الأجيال الجديدة إلى أسمائهم.

وكنا قد بدأنا نشهد ظاهرة دخول المغنيات مجال التمثيل في رمضان الماضي، إذ قدّمت ميريام فارس مسلسل «اتهام» الذي حقق نسبة مشاهدة عالية، وعُرض على عدد من المحطات التلفزيونية العربية. كما كانت لهيفاء وهبي تجربة لم تنجح في مسلسل «كلام على ورق»، علماً أن لوهبي فيلمَي سينما، الأول أظهر موهبتها التمثيلية وهو «دكان شحاتة» مع المخرج خالد يوسف، والثاني «حلاوة روح» الذي أثار جدلاً كبيراً، وكان «دعسة ناقصة» في مسيرتها.

أما هذه السنة، فإنّ وهبي تخوض السباق الرمضاني بعملين هما: «مريم» و«مولد وصاحبه غايب»، و شيرين عبد الوهاب هي الأخرى تخوض مجال التمثيل للمرّة الثانية، بعد تجربتها الأولى في فيلم «ميدو مشاكل» مع أحمد حلمي التي لم تكن موفّقة. واليوم تشارك في مسلسل «طريقي» الذي يتناول سيرة حياة فنانة من الحضيض إلى النجومية .

وللمرة الأولى، سنشاهد رامي عياش في مسلسل تاريخيّ عنوانه «أمير الليل» بعد انتهاء رمضان. وفي هذا الشهر سنتابع المغنية سابين عبر مسلسل «أحمد وكريستينا»، وسيكون لمشاركة المطرب عاصي الحلاني في مسلسل «العرّاب» وقع خاص، وهو الذي قدم أكثر من عمل مسرحي على مسرح قلعة بعلبك، إلّا أنّ موهبته التمثيلية لم تكن فذّة، على أمل أن يكون للمخرج الكبير المثنى صبح دور في مساعدة الحلاني في تعميق تجربته في التمثيل.

إذاً، نجوم الغناء في العالم العربي بدأوا يقتحمون عالم الدراما تمثيلاً، بعدما اجتاحوها قبل سنوات عبر غناء شارات المسلسلات. لذا، نتمنّى أن تكون هذه التجارب بصمات في مسيراتهم الفنية، لا مجرد باب رزق جديد يعوّضون عبره فشل أغنياتهم طوال سنوات ما سمي بـ«الربيع العربي».

ها هو رمضان على الأبواب، والجمهور في انتظار هذه الأعمال ليحكم ما إذا كانت أرشيفاً للتاريخ، أو مجرّد تجارة رابحة في الوقت الراهن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى