«القومي» يدين الحملة المشبوهة على»العسكرية»: هدفها ترهيب القضاة لمنع الأحكام عن الإرهابيّين والعملاء

تواصلت حفلة جنون 14 آذار وفي مقدمها تيار المستقبل وفي طليعته وزراؤه، والهادفة إلى تشويه سمعة القضاء، آخر المؤسسات الدستورية الصامدة والعاملة، بعد الجيش وبعض القوى الأمنية، وذلك على خلفية الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية في حقّ الوزير السابق ميشال سماحة. وبدل سلوك الطريق القانوني للاعتراض على الحكم والقضاة، بحسب ما أوضح مجلس القضاء الأعلى ردّاً على الحملة، وكما يجب أن يفعل رجال الدولة و حماة المؤسسات الحقيقيين، تابعت قوى 14 آذار، هجومها الشرس على المحكمة العسكرية مخاطبة كما دأبت في محطات عديدة، غرائز جمهورها لتأجيج الشارع، من خلال الاستعراض الوزاري المستقبلي أمام ضريح الرئيس الراحل رفيق الحريري واستحضار رئيس شعبة المعلومات الراحل وسام الحسن الذي كان وراء تجنيد المخبر المخبأ ميلاد كفوري لاستدراج سماحة.

ويأتي ذلك بالتزامن مع التوجه المحتمل لمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر إلى تمييز الحكم وقد تسلم الملف أمس لدرسه تمهيداً لتحضير استدعاء النقض أو الاستئناف، بحسب التسمية القانونية.

ولم يكتف تيار المستقبل بهذا الموقف بل لجأ إلى إجراء عملي عبر وزير العدل أشرف ريفي الذي أحال المستشارة المدنية في المحكمة العسكرية القاضية ليلى رعيدي على التفتيش القضائي، بسبب الرأي الذي أدلت به قبل صدور الحكم على سماحة بعد التشهير بها في وسائل الإعلام، الأمر الذي أثار استياء مجلس القضاء، فيما رأى الحزب السوري القومي الاجتماعي أنّ هدف الحملة المدانة «ترهيب القضاة لمنع الأحكام عن الإرهابيّين والعملاء» الذين تنظر المحكمة العسكرية في ملفاتهم.

وفي موازاة تحضير القاضي صقر لتمييز الحكم، أعلنت عائلة سماحة ومحاموه أنهم يتجهون إلى ذلك أيضاً معتبرين أنّ «الحكم عليه بالسجن 4 سنوات ونصف السنة غير متناسب مع فعل نقل المتفجرات، بسبب استدراج فرع المعلومات».

وفي انتظار ما ستؤول إليه هذه القضية التي أنست قوى 14 آذار كلّ الاستحقاقات والأخطار المحدقة بلبنان، بعد أن صبت كلّ اهتمامها على التشهير بالقضاء وأصبحت المحكمة العسكرية قضيتها، على ما قال ريفي، دافعت قوى 8 آذار عن القضاء مشدّدة على عدم المسّ بسمعته.

مجلس القضاء

وبين الفريقين، ردّ مجلس القضاء الأعلى، في بيان، على الحملة وعلى إحالة القاضية رعيدي على التفتيش القضائي، وجاء في البيان:»إنّ مجلس القضاء الأعلى، أمام بعض المواقف التي صدرت في وسائل الإعلام، تعقيباً على حكم المحكمة العسكرية الدائمة في قضية الوزير السابق ميشال سماحة، يذكر بالآتي:

إنّ النظام القضائي في لبنان يلحظ طرقاً للمراجعة ضدّ أي قرار يشكى منه.

إنّ نسبة أي مأخذ إلى قاض، لها آلية مكرسة في القانون، وهذه الآلية محكومة بجملة شروط أهمها السرية، فلا يجوز خرقها عبر الإعلان عن إحالة قاض بالذات على التفتيش القضائي أياً كانت الأسباب أو الظروف».

وجدّد المجلس ثقته بقضاة لبنان، مؤكداً»جسامة الأعباء الملقاة على عاتق القضاء في الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن»، لافتاً إلى «أنّ الجسم القضائي يبذل جهوداً بيّنة للنهوض بهذه الأعباء».

فرنجية يرشح ابراهيم للوزارة

وفي المواقف،رشح رئيس تيار «المرده» النائب سليمان فرنجية رئيس المحكمة العسكرية الدائمة العميد الركن الطيار القاضي خليل ابراهيم لمنصب وزاري، لافتاً إلى أنّ ابراهيم «أحقّ من الذين أفرجوا عن عملاء إسرائيل وأصبحوا وزراء».

«القومي» يدين الحملة

وأصدرت عمدة القضاء في الحزب السوري القومي الاجتماعي البيان التالي: «إنّ الحملة التحريضية على المحكمة العسكرية والتشكيك في أحكامها القضائية، هي حملة مشبوهة تطاول سمعة القضاء اللبناني برمّته، وتثير شبهات كبيرة حول أهدافها، وخصوصاً أنّ هذه المحكمة تنظر في العديد من القضايا والملفات الحساسة، وفي مقدّمها ملفات الإرهابيين الذين ارتكبوا جرائم إرهابية على الأرض اللبنانية، من ضمنها قتل ضباط وجنود لبنانيين».

وأضاف البيان: «العجب العجاب أن يكون على رأس حملة التشكيك بالأحكام القضائية، وزير العدل في الحكومة اللبنانية، وهذا أمر خطير يفتح باب التساؤلات عن الأسباب الكامنة من وراء الحملة، وهل هي بمثابة ضغوط تمارس على القضاة الذين ينظرون ويبتون في ملفات الإرهابيين»

وتابع:»إنّ سيرة بعض المشاركين في الحملة على القضاء، لا تشفع لهم، ولا تمنحهم صدقية في إلقاء التهم على القضاء، فهم أصلاً متهمون، من قبل اللبنانيين، برعاية قادة المحاور الذين نفذوا أعمالاً إرهابية، ومتهمون بعدم تمكين القضاء من استجواب الشهود الزور الذين يعملون لمصلحتهم، ومتهمون بالتحريض وبإذكاء حالة الانقسام الداخلي في لبنان، وبعضهم يمارس الحقد على سلك القضاء، وخصوصاً من خرج من محكومية القتل بعفو عام وليس بحكم قضائي».

وأكدت عمدة القضاء في «القومي»أنّ المحكمة العسكرية المعنية بالمحاكمات في قضايا تعنى بأمن لبنان واللبنانيين، هي محكمة فوق الشبهات، كما كلّ المؤسسات القضائية، وحملات التحريض عليها والتشكيك بها إنما تندرج في سياق مخطط يهدف إلى إسقاطها وتمييع المحاكمات ومنع الأحكام عن الإرهابيين والعملاء».

كما أكدت «وقوفها إلى جانب القضاء اللبناني، ولا سيما المحكمة العسكرية، رئيساً وقضاة»، مدينة الحملة ضدّها، كما دعت «القضاء اللبناني إلى أن يتحمّل كامل مسؤولياته وأن يتخذ كافة الإجراءات التي تقضي بمحاكمة الشهود الزور المحميّين من قبل مسؤولين وقوى سياسية معروفة».

جريصاتي يناشد ريفي الاستقالة

وقال الوزير السابق سليم جريصاتي «هالني أن أسمع موقف وزير العدل الذي خرج عن طوره، وهو الساهر على المرفق القضائي، بمجرد أنّ محكمة أصدرت حكماً لا يروقه في السياسة لحسابات لا ترقى إلى مستوى القانون في شيء»، مناشداً ريفي «الاستقالة الفورية».

وعدّد جريصاتي أسباب هذه المناشدة معتبراً أنّ «وزير العدل الذي يحجب شاهداً محورياً عن محاكمة لدى القضاء العسكري هو مخبر مستدرج للجرم، لا يحقّ له أن ينقضّ على قضاء الحكم». ورأى «أنّ حماية الشهود عنوان زائف يتوسله وزير العدل لحماية كفوري من زيفه ودوره، وهي حائل دون كشف المحرضين والمحركين وأهدافهم».

وأكد جريصاتي أنّ «استقلالية الوظيفة القضائية، المرادفة لضمانة المتقاضين، هي في مستوى المبدأ الذي يعلو كلّ اعتبار، على ما نصّت عليه المادة 20 من الدستور والتي أطاحها وزير العدل، بمجرد أنه تعرض للقضاء العسكري بالطريقة الموتورة التي عبّر عنها، وأحال القاضية العدلية ليلى رعيدي في المحكمة العسكرية الدائمة على التفتيش المركزي بمجرد أنها مارست وظيفتها القضائية، في معرض اشتراكها في النطق بقرار قضائي. هذا إرهاب ما دونه إرهاب، يمارسه من يفترض به أن يحصّن السلطة القضائية وألا يرهبها في معرض أدائها رسالتها السامية».

وأصدرت عائلة سماحة، من جهتها، بياناً جاء فيه: «إنّ الوزير سماحة لم يكن متهماً باغتيال الشهيد وسام الحسن، حتى يبرّر وزير العدل هجومه على الوزير سماحة وعلى المحكمة العسكرية باستشهاد اللواء الحسن، بل بتهمة نقل متفجرات طلبها وحدّدها فرع المعلومات بإشراف وزير العدل ذاته كما صرح بذلك أمس».

وإذ اعتبرت العائلة أنّ الحكم على سماحة بالسجن 4 سنوات ونصف السنة غير متناسب مع فعل نقل المتفجرات، بسبب استدراج فرع المعلومات، أكدت «أنها لا تشهر بالقضاء ولا بالقضاة الذين تحترمهم، لأنّ انتقاد الحكم يكون حصراً بالطعن فيه أمام محكمة التمييز، خلافاً لما ذهب إليه وزير العدل .مع العلم، أيضاً خلافاً لطلب وزير العدل، لا يحقّ لمفوض الحكومة تمييز الحكم الصادر بإدانة الوزير سماحة لأنّ هذا الحقّ محصور بأحكام البراءة، عملاً بالمادة /75/ من قانون القضاء العسكري».

وأكد النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي «أنّ للمحكمة العسكرية الحرية باستنساب العقوبة الملائمة في أي قضية»، مشدّداً في حديث تلفزيوني على «أنّ هناك هامشاً متروكاً لها وليست ملزمة بتوضيح الأسباب التخفيفية».

وعلق محامي الدفاع عن سماحة صخر الهاشم، على الحملة السياسية التي تشن على الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية، مشيراً إلى أنه لا يتعاطى مع هذا الملف «إلا من الناحية القانونية»، متّهماً «جهات في البلد بالتعاطي مع الشقّ السياسي منه.

وأوضح أنه سيتقدم بطعن في الحكم إلى محكمة التمييز عندما يتبلغ بنسخة عنه.

وفي حين اعتبر «أنّ هدف الحملة قد يكون امتصاص نقمة ما أو حركة في الشارع»، لفت الهاشم إلى «أنّ الموقوف عمر بكري فستق حوكم 3 سنوات بالمواد القانونية نفسها التي حكم على أساسها سماحة ولم يعترض أحد».

وأوضحت وكيلة الدفاع عن سماحة رنا عازوري «أنّ محكمة التمييز هي المرجع المختصّ للنظر في الطعن الذي سيتقدم به وكلاء الدفاع عن سماحة». وقالت: «في هذه الحالة تصبح كلّ الأمور أمام محكمة التمييز التي يعود إليها القرار النهائي إما بالمصادقة على حكم «العسكرية» أو نقضه».

ورأى الأمين العام لـ«التيار الأسعدي» المحامي معن الأسعد، في تصريح، أنّ «القضاء اللبناني هو المؤسسة الضامنة لحقوق المواطنين والسيادة العادلة والقانون، وإنّ التجييش والاتهامات والانفعالات خارجة عن الأصول في التعامل مع القضاء»، لافتاً إلى أنّ «التعامل مع مؤسسة القضاء بهذه الطريقة الاستفزازية سيؤدي إلى اهتزاز الثقة بالقضاء والقانون، وبالتالي إلى انهيار المؤسسات وهيبة الدولة».

واعتبر أنّ الحكم الذي صدر في حقّ سماحة» راعى جميع الأصول القانونية والظروف المحيطة، وكان يكفي المعترضين والمنتقدين طلب تمييز الحكم، بدلاً من إصدار هذا الكم من المواقف والبيانات التحريضية على شخص ماثل أمام القضاء وعلى رئيس دولة شقيقة وحليفة».

وسأل الأسعد «المنتقدين والمعترضين على عمل المحاكم: أين كانوا عندما تمت تخلية المعتدين على القوى الأمنية بكفالات مالية بسيطة، والمتورطين بعمليات إرهابية تنال من هيبة الدولة؟».

وانتقد المؤتمر الشعبي اللبناني، في بيان، الحملة على المحكمة العسكرية، وقال:»لسنا معنيين بالدفاع عن ميشال سماحة … لكننا ضدّ الحملة على القضاء العسكري الذي حاكم عشرات الشبكات الإسرائيلية وقوى التطرف المسلح الذي غطاه حزب المستقبل ولا زال يغطي بعضه حتى الآن».

المعترضون على الحكم

وفي المقابل، اعتبر الرئيس نجيب ميقاتي أنّ الحكم الصادر في حقّ سماحة «يطرح إشكالية أساسية تتعلق بالمساواة بين اللبنانيين أمام القانون والقضاء . والسؤال البديهي المطروح: … هل يعقل أن تبقى ملفات معلقة أمام القضاء سنوات وسنوات ويزجّ بالناس في السجون من دون محاكمة؟ وأين حقوق الموقوفين منذ سنوات أو الذين تمّ توقيفهم أخيراً في محاكمة عادلة لإحقاق الحقّ، وقد أمضى بعضهم في التوقيف مدة أطول من الأحكام التي يمكن أن تصدر في حقهم، وبعضهم أوقف لمجرد الشبهة، فيما تصدر أحكام على آخرين بطريقة تثير الالتباس؟».

وأعلن الوزير ريفي، من أمام ضريح الرئيس الحريري، في حضور وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أنّ «14 آذار» كقوى اتخذت قراراً، بموافقة الرئيس سعد الحريري، بأن تكون قضيتنا الوطنية الحالية هي المحكمة العسكرية، فنحن مستمرون في نضالنا نحو إقامة الدولة في وجه الدويلة والقضاء يجب أن يكون وفق معيار واحد».

أما المشنوق، فقال:»نحن نتصرف ضمن القانون والأصول القضائية التي تسمح بأن نضع الحقّ في نصابه، وأنّ كلّ ما حصل لا يتكرّر ولا يتعرض المواطنون اللبنانيون لأحكام ظالمة أو جائرة بقضايا من دون ميزان موحد».

وأوضح درباس»أنّ إمكانية الطعن مسألة قانونية وأعتقد أنّ مفوضية الحكومة لدى المحكمة العسكرية تُعدّ مشروعها وطعنها، وفقاً لتعليمات وزير العدل وهذا الأمر سيأخذ مجراه». وقال: «نحن لا نتدخل في العمل القضائي، لكنّ هذه الوقفة المقصود منها أن نقول للرأي العام إنّ مجتمعنا لن يصبح مستباحاً، فهناك من هو ساهر على ضرورة المراقبة ومنع التفلت».

وكان المشنوق قال في تصريح:»لقد ربط الرئيس العماد ميشال سليمان حين كان رئيساً للجمهورية، علناً ومن موقعه المسؤول الرسمي، بين كشف مخطط «س م»، أي سماحة مملوك، واغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن. هذه هي القاعدة التي نعتمدها في مقاربة الاغتيال ونتائجه القضائية التي لا نوافق عليها ولن تمرّ مهما قال من قال أو فعل من يفعل، من أي من الجهات السياسية».

ووصف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في تصريح، الحكم بأنه « فضيحة قضائية وعسكرية وسياسية»، معتبراً أنّ «الحكم المخفف والملطف الذي يناقض كلّ الاعتبارات السياسية والقانونية، يفتح الباب أمام ملف القضاء العسكري الذي بات يستوجب نقاشاً وإعادة تصويب».

ورأى النائب محمد الصفدي، في تصريح،»أنّ الطعن بالحكم في حقّ سماحة هو حقّ قانوني لكنّ المطلوب، في الوقت نفسه، إقفال ملف الموقوفين الإسلاميين، ونحن على ثقة تامة بأنّ وزير العدل اللواء أشرف ريفي سيتخذ جميع الإجراءات المطلوبة لإجراء المحاكمة العادلة للموقوفين الإسلاميين في أسرع وقت ممكن».

وأعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، دعمه لموقف ريفي، وقال:»كلنا مع أشرف ريفي في ردّ فعله، حان الوقت للتخلص من المحاكم الاستثنائية وفي طليعتها العسكرية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى