رسائل الرمادي
نظام مارديني
قبل البدء في قراءة الرسائل التي حملتها وسائل الإعلام عن دخول «داعش» مدينة الرمادي العراقية، والدلالات التي حملتها في هذه الآونة من الانتصارت التي يحققها الجيش السوري ورجال المقاومة في القلمون، لا بد من قراءة ما كشفته صحيفة «يديعوت أحرونوت» في الرابع من الشهر الجاري، لكي ندرك ما يخططه المحور المعادي المكون من «إسرائيل» والسعودية وقطر وتركيا والاردن. وبحسب الصحيفة فإن المؤسسة الأمنية في «إسرائيل» راضية تماماً عن أداء المسلحين في سورية، والرضا يشمل تنظيم «القاعدة» و«جبهة النصرة»، و«داعش» وبقية التنظيمات الارهابية، التي تقاتل الجيش السوري.
وأشارت الصحيفة الى أنّ الوضع على الحدود، وتحديداً في المناطق التي تسيطر عليها هذه التنظيمات هادئ، وآمن، ومن دون تسجيل أي حادث أو هجوم ضد «إسرائيل» من قبلها.
وترى الصحيفة أن الفرصة سانحة في هذه المرحلة تحديداً، لتوحيد الفصائل المسلحة على اختلافها، وتزويد مقاتليها بالدعم، وكذلك ضمهم الى التدريبات في الأردن والسعودية وتركيا، وكل ذلك في موازاة موقف أميركي – سعودي يتمسك بعدم شرعية الرئيس بشار الأسد، كما جاء في قمة «كامب ديفيد» الأميركية ـ الخليجية الأخيرة.
لكن الانتصارات التي تتحقق في منطقة القلمون وجسر الشغور ضد التنظيمات الارهابية، أقلقت المحور المعادي بعد انهيار حلفائهم بهذه السرعة القياسية وهم الذين كانوا يُعولون عليهم للهجوم على عاصمة الأمويين دمشق من جهة، والنزول من جرود الجبال إلى مناطق البقاع في بعلبك والهرمل ومناطق أخرى بهدف تفجير حرب أهلية وإرباك المقاومة وحزب الله في لبنان من جهة ثانية.
إذا كان ممكناً اعتبار دخول «داعش» مدينة الرمادي واحتلال المجمع الحكومي فيها قد هزا الأنبار، إلا اننا لا يمكن ان نعتبر هذه الهجمة إلا جزءاً من الحرب الضروس التي تخاض على كل من سورية والعراق، وهي بقدر ما تنطوي على فعل تدميري إجرامي، فإنها تنطوي أيضاً على فعل تحذيري لحلف المقاومة… التحذير من الاقتراب من الاماكن واللحظات والملفات الحساسة!
وكما بدا فإن هناك رسائل لا يمكن ايصالها إلا عبر الإرهاب ومفادها: أياكم والاقتراب من الملفات الحساسة التي لم تحسم إقليمياً طيلة فترة الصراع مع الارهاب، وهي تدرك، أي القوى الاقليمية المعادية، ان الفشل في ساحات القلمون وأدلب وجسر الشغور والرمادي والموصل لا بد ان يتم تعويضه بالحسم عبر التفاوض السياسي وهو ما تم تبليغه لمشيخات الخليج في «كامب ديفيد»، بدءاً بالرضوخ للاتفاق النووي مع إيران وانتهاءً بالعمل على انهاء الازمات في اليمن والعراق وسورية، على رغم «الكليشيه» الانشائي القائم منذ أربع سنوات والقائل بأن الرئيس الأسد لا مكان له في مستقبل سورية وكأنهم هم من يقررون ذلك لا الشعب السوري العظيم.