نصرالله: إذا لم تتحمّل الدولة مسؤوليتها تجاه الإرهابيين فأهل البقاع سيقومون بذلك ولن تمنعهم خطوط حمراء

نبّه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى أنّ المنطقة اليوم تواجه نكبة أخطر وأكبر من نكبة فلسطين، هي نكبة المشروع التكفيري الذي تستخدمه أميركا لتمزيق الأمة وتقسيمها. وإذ لفت إلى أنّ معركة القلمون حققت نسبة أعلى من الأمان للبلدات القلمونية السورية وعدد من البلدات اللبنانية، أكد أنّ حزب الله يخوض معركة مفتوحة مع الإرهابيين التكفيريين ويتطلّع، كما أهالي البقاع إلى يوم لا يتواجدون فيه على حدود لبنان، محذّراً من أنه «إذا لم تتحمّل الدولة مسؤوليتها فهذا الشعب سوف يتحمل مسؤوليته ولن تمنعه خطوط حمراء من ذلك». ودعا إلى أخذ ما طرحه رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، في الشان الرئاسي، بجدية عالية، مؤكداً أن لا مصلحة لأحد في الفراغ.

جاء ذلك في كلمة متلفزة للسيد نصرالله بثت عبر شاشة قناة «المنار» مساء أول من أمس واستهلها بنفي الإشاعات مطمئناً إلى أنه لا يعاني من أي مشكلة صحية، وداعياً إلى عدم الإصغاء إلى تلك الإشاعات «لأنها جزء من حرب نفسية»، وأكد أنّ الوفاة والاستشهاد هما في يد الله».

التاريخ يعيد نفسه

وتطرق إلى الذكرى 67 لنكبة فلسطين مشدّداً على «أننا نحتاج إلى أخذ العبرة. ويجب أن ندرس ونشرح للأجيال الحاضرة عن تلك المرحلة. لماذا حصل ما حصل في 1948، وأخطاء تلك المرحلة التي ما زالت أجيالنا المعاصرة تتحمل نتائجها. يجب أن نحكي عن المسؤوليات في ذلك الوقت ومدى تحمل الناس المسؤولية، سواء كان هؤلاء الناس حكومات عربية، ملوكاً ورؤساء وأمراء عرب أو كانوا قوى سياسية أو كانوا نخباً أو كانوا شعوباً. نريد أن نتكلم عن مستوى فهم وإدراك ذلك الجيل للمخاطر والتهديدات، ونريد أن نتحدث عن إضاعة الفرص عن القصور والتقصير وعن الحسابات الخاطئة ونريد أن نتحدث عن المصالح الخاصة والفئوية وعن المصالح القُطرية على حساب مصالح الأمة، عن ضياع الأولويات عن الخيانات والصفقات من أجل حفظ عروش ومواقع أو إقامة عروش ومواقع وأيضاً، في جانب آخر، يجب أن نستحضر كلّ المواقف الشجاعة والعظيمة والعزيزة لقيادات ونخب وشخصيات ومقاومين في تلك المرحلة وحركات ومجموعات مقاومة تعبّر عن مظلوميتها وعن خذلان الكثيرين لها وعن غربتها في أمتها وعن الشهداء الذين قاتلوا حتى آخر طلقة رصاص وآخر قطرة دم».

وأضاف: «يجب ذكرالمشهدين، رغم أنّ المشهد الأول هو الأكبر والأخطر والذي أدى إلى النكبة وعن النتيجة الكارثية التي كانت ضياع فلسطين ومقدسات الأمة في فلسطين وتشتت شعبها وما لحق بنا جميعاً من دول وحكومات وشعوب المنطقة».

وأوضح «أننا نحتاج إلى هذه المراجعة، لأننا أيضاً أمام نكبة جديدة أكبر وأخطر هي نكبة المشروع التكفيري. الأول الذي أتى بهذه النكبة إلى المنطقة، المشروع البريطاني ـ الصهيوني، الآن المشروع الأميركي التكفيري الصهيوني والذي تستخدمه أميركا لإضعاف الأمة وتمزيقها وإحكام السيطرة عليها وعلى مقدراتها».

ونبّه إلى أنّ «النكبة الجديدة ستضيّع فلسطين والأمة والأخطر أنها ستضيّع دولاً وحيث يوجد للتكفيريين بيئة هذه النكبة ستحلّ، وستطال داعميها وصانعيها في كلّ مكان»، لافتاً إلى أنّ التاريخ يعيد نفسه.

نتائج معركة القلمون

وتحدث السيد نصرالله عن معركة القلمون لافتاً إلى أنّ «هناك مواجهات متواصلة في تلك المنطقة تدور منذ أيام بين طرفين: الأول هو الجيش السوري ومعه قوات شعبية سورية من دفاع وطني ولجان شعبية وعدد كبير من أبناء المدن القلمونية ورجال المقاومة الإسلامية في لبنان من جهة، والجماعات المسلحة في المنطقة من جهة أخرى».

وقال: «أصبحت لدينا قدرة سيطرة أعلى بعد الحصول على عدد من التلال، وهذا يمكّن الجيش السوري والمقاومة من الإشراف والسيطرة بالنارعلى مساحة واسعة، ما يضيّق على حركة المسلحين».

وأوضح أنّ من نتائج المعركة تحقيق نسبة أعلى من الأمان للبلدات القلمونية في سورية وعدد من البلدات اللبنانية» ولا أتحدث عن أمان كامل لأنه طالما أنّ المسلحين موجودون في الجرود اللبنانية لا نستطيع أن نتحدث عن أمان كامل».

وتابع السيد نصرالله: «من النتائج المباشرة للمعركة إلحاق هزيمة مدوية بالجماعات المسلّحة وخروجها من مناطق الاشتباك كافة واستعادة مساحة 300 كيلومتر مربع من الأراضي اللبنانية والسورية من المسلحين وتدمير كامل الوجود المسلح في هذه المساحة، وأننا وصلنا الجرود ببعضها بعضاً من سورية، أي عسّال الورد إلى الداخل اللبناني في بريتال وبعلبك ونحلة ويونين»، مشيراً «إلى أنّ المسلحين في كلّ الأماكن التي كانوا يملكون قدرة القتال فيها كانوا يقاتلون وأنه حصل عدد كبير من المواجهات العنيفة في جميع مراحل المواجهة، كانت تؤدي إلى هزيمة المسلحين وانسحابهم».

وشرح السيد نصرالله أنّ الميدان الواسع كان يحتوي على مجموعة كبيرة من المواقع العسكريّة وعدد منها هو مجموعة كبيرة من المغاور الطبيعية، بالإضافة إلى مصانع عدّة لتفخيخ السيارات وعدد من غرف العمليات القيادية.

وكشف أنّ عدد شهداء حزب الله في المعركة حتى الآن هو 13 شهيداً، ومن الجيش السوري والقوات الشعبية المساندة له 7 شهداء، معتبراً «أننا أمام انتصار ميداني كبير جداً وأمام إنجاز عسكري مهم جداً».

اختلاط الدماء اللبنانية والسورية دفاعاً عن الأمة

وأشار السيد نصر الله إلى أنّه «في معركة القلمون اختلطت الدماء اللبنانية والسورية، دفاعاً عن الأمة في وجه المشروع التكفيري»، مشدّداً، في الوقت نفسه، على «أننا لم نكن نريد توريط الجيش اللبناني في المعركة ونحن حريصون على دماء كلّ عسكري».

وأكد أنه «طالما أنّ المسلحين موجودون في جرود عرسال والمناطق المتبقية من القلمون لن يتحقق الأمان بالكامل»، منتقداً «قيام قوى سياسية ووسائل إعلام تابعة لها بالدفاع عن الإرهابيين الذين قتلوا جنوداً من الجيش اللبناني وخطفوا جنوداً آخرين ويقصفون ويعتدون على مواقع الجيش ويخطفون من أبناء عرسال ويقتلونهم ويعتدون على أبناء العائلات في بعلبك الهرمل وأدخلوا سيارات مفخخة إلى لبنان ونفذوا تفجيرات إرهابية في لبنان ويحتلون أكثر من 300 كيلومتر من جرود عرسال.

وشدّد السيد نصرالله على أنّ «من حقّ اللبنانيين ومن حقّ كلّ البقاعيين، وخصوصاً أبناء بعلبك الهرمل أن يتطلعوا إلى اليوم الذي لا يكون في جرودهم إرهابي واحد وأن لا يعيشوا بجوار لا «النصرة» ولا «داعش» وهذا اليوم سوف يأتي وإذا لم تتحمّل الدولة مسؤوليتها فهذا الشعب سوف يتحمل مسؤوليته ولن تمنعه خطوط حمراء من ذلك»، مشيراً إلى أننا في معركة مفتوحة في الزمان والمكان والمراحل مع الإرهابيين».

وسأل السيد نصرالله القوى السياسية التي تصف الإرهابيين بـ»الثوار» عن المرجعية الفكرية أو الثقافية أو الدينية أو الحقوقية الخاصة بها في تصنيف هذه الجماعات. وقال: «إذا كانت المرجعية الخاصة بكم هي المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين وهيئة كبار العلماء في السعودية، فهم أصدروا لائحة، في الحدّ الأدنى، أنّ «داعش» و»النصرة» منظمتان إرهابيتان. إذا كانت مرجعيتكم المجتمع الدولي الذي تتحدثون دائماً عنه، فهؤلاء مصنفون على لوائح الإرهاب. إذا كانت مرجعيتكم القضاء اللبناني فهؤلاء يُعتقلون بتهم الانتماء إلى منظمات إرهابية، هذا القضاء الذي تقولون إنكم تريدون أن تحصّنوه وتدافعوا عنه إلخ…».

وسأل: «كيف يصدر عنكم أنّ هؤلاء ثوار وتتمنون لهم النصر وتقدمون لهم الدعم السياسي والإعلامي والمعنوي والنفسي؟ بل أكثر من ذلك ونتحدث فيه فيما بعد».

المخرج للشغور الرئاسي

وفي الشأن السياسي الداخلي، تناول السيد نصرالله الموضوع الرئاسي وما طرحه عون في هذا الصدد خلال مؤتمره الصحافي يوم الجمعة الماضي، معتبراً أنّ عون يحاول أن يقدم مخارج لمأزق السلطة والحكم حالياً في لبنان « فإما أن تناقش هذه المخارج أو تقبل كلها أو يقبل بعضها، والذي لديه مخارج أخرى فليتفضل. البلد لا يتحمل الانتظار، كلنا في لبنان نقول إنّ المفتاح هو انتخاب الرئيس، لأنّ هذا يحلّ لنا مشكلة التشريع في المجلس النيابي، رغم أنّ موقفنا هو أنّ المجلس يحقّ له أن يمارس هذه السلطة، وهذ يحلّ لنا مشكلة الحكومة الـ24 وزيراً رئيساً التي يحكى عنها، وهذا يعيد ويدفع عجلة البلد إلى الأمام في الاستحقاقات الأمنية والاقتصادية والمعيشية القائمة».

ودعا السيد نصر الله إلى أخذ ما طرحه عون بجدية عالية وأن نبحث عن طريقة لانتخاب الرئيس فلا مصلحة لأحد بفراغ رئاسي في لبنان، مضيفاً: «انتظار الخارج لن يؤدي إلى انتخاب رئيس وحصل رهان على الحوارات التي حصلت ولم نصل الى انتخاب رئيس للجمهورية وحصل رهان على حوار حزب الله والمستقبل ونحن أكدنا جاهزيتنا، لكنّ هذا الموضوع يبحث مع العماد عون».

وفيما خصّ الوضع البحريني، توجه السيد نصرالله إلى الشعب البحريني بالقول: «إنّ رهان السلطة كان دائماً على الوقت وعلى أن تضعفوا ولكنّ خياركم يكون في عزمكم ونفسكم الطويل وأن تكون لديكم كلّ الثقة بما تقومون به في وجه هذه السلطة والأفق يبقى مفتوحاً وأنتم أهل الوفاء وهذا التواصل الدائم في الحراك هو الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى النتيجة»، منبّهاً إلى «أنّ الوضع في السجون البحرينية خطير جداً».

الجيش اليمني وأنصار الله يزدادان ثباتاً

وجدّد السيد نصر الله إدانته «للعدوان السعودي على اليمن في ظلّ الصمت العالمي و التطورات القاسية التي تحصل». وإذ أكد فشل هذا العدوان في تحقيق أهدافه، اعتبر أنه «أسّس لأبشع أنواع ونماذج الحروب في المستقبل لأنه لم يترك أي محرمات». وأشار إلى أنّ «ما يحصل الآن في اليمن هو عكس الأهداف وهناك تمرّد يمني وإصرار يمني على الاستقلال والسيادة والعزة والكرامة ورفض الهيمنة والجيش اليمني يزداد ثباتاً و»أنصار الله» تزداد قوة وثباتاً».

وأسف السيد نصرالله لتدمير ضريح السيد حسين الحوثي، قائلاً: «ليشرح لنا أحد كيف يدمر ضريح ومن ثم تدمير مسجد تاريخي ومقام أكبر رموز الزيدية. ولكن هذه عقيدتهم وفكرهم الذي لا يمتّ إلى النبي محمد بصلة وهذه المرجعية الفكرية لداعش هناك من يقتل بسيارات مفخخة ومن يقتل بالطائرات الحربية».

ولفت إلى أنّ «العدو الصهيوني الغاشم المتوحش الذي ارتكب المجازر لم يقم بقصف الأضرحة والمقامات الدينية مع أنه الأشدّ عداوة للذين آمنوا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى