بين نكبتين… نصر المقاومة في وجه المشاريع المعادية

سعد الله الخليل

ترسخ معارك القلمون الطاحنة وسير عملياتها وفق ما يرسمه الجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانية حقيقة التلاحم السوري اللبناني كضرورة لا بدّ منها لكسب أيّ معركة، خاصة تلك التي تدور في المناطق الحدودية بما لا يدع مجالاً للشك في أنّ خوض معركة القلمون بهذا الحجم من التنسيق المباشر كان له الدور الأكبر في تحقيق الانتصار في معركة القلمون وإلحاق الهزائم المدوية بالجماعات المسلحة في القلمون وخروجها من كافة مناطق الاشتباك، والتي بلغت بحدود 300 كيلو متر وتكفلت بفصل منطقة الزبداني وجزء من ريف دمشق عن منطقة جرود عرسال والقضاء على حلم خلق مناطق نفوذ لـ«جبهة النصرة» الإرهابية ترسم مناطق عازلة غير معلنة على الحدود السورية ـ اللبنانية تقطع شريان التواصل بين الجيش السوري والمقاومة تمتدّ من جبل الشيخ حتى مزارع شبعا.

ربما يفسّر حجم الإنجازات الميدانية في القلمون حقيقة الهجمة التي يتعرّض لها حزب الله عن مشاركته في الدفاع عن سورية من أطراف تدور في الفلك السعودي ولا تخفي عداءها لمحور المقاومة، عداء تتشارك فيه مع العدو الصهيوني منذ عقود، ولا يقلّ مقدار ضررها بقضايا الأمة عن ضرر اليد «الإسرائيلية».

حين وصف السيد نصر الله في خطابه يوم السبت ما يجري على الساحة العربية بالنكبة الجديدة والمتمثلة بالمشروع التكفيري الأميركي الصهيوني الأخطر بكثير من نكبة عام 1948 لم ينطلق من منطق الخصومة السياسية ولا من باب ردّ الفعل على ما يجري من حرب سعودية بحق البشر والحجر في اليمن وتورّط سعودي في سورية بل من انكشاف واضح للدور والمهمة المنوطة بهذا المشروع منذ ما قبل النكبة ربما بعقود منذ تعهّد مؤسس مملكة آل سعود عبد العزير بمنح فلسطين لليهود، ولعلّ تاريخ خلفائه الحافل بالتعامي عن الحقوق الفلسطينية انطلاقاً من مقولة ضيق ذات اليد تارة والخوف والحرص على مصالح «أمة الإسلام» تارة أخرى، والسير في دعم مسار المفاوضات وقتل أي خطوة لتقارب فلسطيني يؤسّس لمواقف داعمة للقضية بما يؤكد حقيقة تحالف المصالح الأميركية السعودية الصهيونية.

مع دخول الصراع مراحله الحاسمة في المنطقة من انتصارات المقاومة اللبنانية ووصول مشروع تسوية الحقوق الفلسطينية من بوابة المفاوضات إلى الطريق المسدود انتقلت قوى المحور السعو ـ أميركي من مرحلة عرقلة الإنجازات للحرب المباشرة على القوى الفاعلة في الصراع الأميركي فكان لا بدّ من افتعال معارك تحوّل الصراع إلى الساحات الداخلية في سورية عبر دعم مجموعاتها المرتزقة بالتمويل والتسليح وتزويدها بالخطط وقائمة الأهداف المطلوب ضربها من قواعد دفاع جوي ورادارات واستنزاف الجيش العربي السوري والدولة والشعب في محاولة لإخراج سورية من تحالفها المقاوم وجرّ سلاح حزب الله إلى الداخل اللبناني بمعارك من قبيل قرارات 5 أيار وما تبعها من مواجهات. وأحداث نهرالبارد وعبرا، ودعم الظواهر الاستفزازية المعادية للمقاومة والجيش اللبناني من أمثال أحمد الأسير وعمر بكري فستق وشادي المولوي وغيرهم.

ولعلّ الحرب السعودية على اليمن المثال الأكثر وضوحاً لما يلعبه هذا المحور من دور في استهداف الشعوب العربية الخارجة عن العباءة الأميركية الصهيونية، والتي فتحت الباب واسعاً أمام العدو الصهيوني لارتكاب المزيد من الجرائم مستقبلاً في مواجهة الشعوب العربية لإسقاط حرب آل سعود كلّ المحرّمات في المواجهة ورفعت من سقف خطوطه الحمراء المرتفعة أصلاً.

بين نكبة عدو تستبيح الأرض والوجود منذ عام 1948 ومشروع يروّج له ويجاريه ويفوقه في تدمير الحجر وقتل البشر يواجه مشروع المقاومة أخطر ما يُحاك ضدّه، وكما شكل نصر أيار عام 2000 وتموز 2006 كسر مشروع التمدّد الصيوني سيؤسّس نصر القلمون لانكفاء المشروع التكفيري الصهيو ـ أميركي.

بين نكبتين تقف المقاومة منتصرة الإرادة لقضيتها رافعة شعار وحدة الدم والمصير في وجه العدوان.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى