«القومي» وأهالي البقاع يشيّعون عميد الداخلية الأمين المناضل صبحي ياغي: يوم العميد في بعلبك… ألوف القوميين والمواطنين يودّعونه في مأتم حاشد

المشهد مهيب مهابة الخسارة، شوارع مدينة بعلبك غصّت بالآلاف الذين أمّوها لوداع الأمين المناضل صبحي ياغي عميد الداخلية في الحزب السوري القومي الاجتماعي.

جاؤوا من كلّ المدن والقرى والبلدات، وكأنّ ما خطته يداه في دفتر النهضة تحوّل إلى خط بشري، طالما قرأ في كتابه، حضر القوميون أشبالاً وزهرات طلاباً وطالبات، عائلات عن بكرة أبيها، هذا شاب بالأمس كان شبلاً يتلقّن درس النضال في مخيّمات ينظمها حضرة عميد التربية، وهو الآن يتمسك بواحد من مئات أعلام جبهة المقاومة، ويحبس الدمعة، فالعميد الراحل علمه الصلابة في المواقف الصعبة، وهو يؤكد الآن أنه سيكمل المسيرة، وهذه صبية جامعية احتضنت صورة الراحل وكأنها لا تصدّق بعدُ أنّ الذي تعرّفت من خلاله على أبجدية النهضة قد رحل.

أهو صمت الموت أم صخب الحياة، أهو وداع راحل أم استقبال موكب عريس؟ بين هذا وذاك امتزجت مشاعر المشاركين، وازدحمت الأمكنة بالحضور، على الرغم من حرارة طقس البقاع، فقد رطبته رفرفة أعلام الزوبعة تعانق أعلام جبهة المقاومة وتحيي مدينة الشمس التي فتحت ذراعيها لاستقبال الحشود، وكفيها لترفع نعش ابنها البار.

أتى القوميون الاجتماعيون من كلّ الجهات، بعد رحلة وداع بدأت من أمام مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، حيث أدّى له القوميون مسؤولون ورفقاء التحية الحزبية، وسار الموكب المهيب باتجاه مدينة الشمس فاستوقفته صوفر جارة شارون بلدة الشهيد وجدي الصايغ، حيث تجمّع القوميون من مختلف المتحدات في منفذية الغرب، يتقدّمهم المسؤولون، فرفعوا النعش على الأكفّ وساروا به وسط نثر الأرز والورود وأداء التحية الحزبية.

وفي المريجات، احتشد القوميون والمواطنون، ورفعوا النعش مرة أخرى على الأكفّ، وأدّوا له التحية الحزبية.

وفي الفرزل تجمّع القوميون على جانبي الطريق واستمهلوا الموكب حتى أدّوا التحية الحزبية،

ورحّبت تمنين التحتا بالفارس الذي سيمرّ من دون أن يترجّل، لكن القوميين أنزلوا النعش ورفعوه على الأكفّ وتمّت تأدية التحية الحزبية. وكذلك عند الوصول إلى مستشفى دار الامل.

وفي محاذاة مخيم الجليل في بعلبك، حضرت قيادات فصائل المقاومة الفلسطينية واللجان الشعبية وأبناء المخيم الذين عرفوا في حضرة العميد واحداً من حملة لواء فلسطين حتى تحرير آخر ذرة تراب منها، فرفعوا النعش على أكفهم بعد أن لفوه بالعلم الفلسطيني، وجالوا به شوارع المخيم وأزقته، حيث احتشد الناس على جوانب الطرقات يلقون نظرة الوداع، وينثرون الورود والأرز، وفاء لمن كان يدافع عن فلسطين ويطالب لهم بحياة اجتماعية وإنسانية كريمة، فأحبّوا أن يكرّموه في رحلته الأخيرة إلى مخيمهم.

من ثم وصل النعش الى بيت الأهل حيث ترعرع العميد الراحل، وسط حشود القوميين والمواطنين، والطلبة والأشبال والزهرات.

وعلى وقع عزف الفرقة الموسيقية رفع القوميون النعش ورقصوا به قبل ان تلقي عليه والدته نظرة الوداع الأخيرة.

المشاركون

سجّي النعش في باحة التشييع، حيث تقدّم المشيعين رئيس الحزب النائب أسعد حردان، رئيس المجلس الأعلى الوزير السابق محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب توفيق مهنا، رئيس المكتب السياسي المركزي الوزير السابق علي قانصو، الرئيسان السابقان للحزب جبران عريجي ومسعد حجل، رئيس هيئة منح رتبة الأمانة كمال الجمل، وأعضاء مجلس العمد والمجلس الأعلى والمكتب السياسي، منفذون عامون من لبنان والشام أعضاء هيئات المنفذيات ومسؤولو وحدات حزبية.

وشارك في التشييع وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب إميل رحمة ممثلاً رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، النواب: علي عمار، علي المقداد، نوار الساحلي، مروان فارس، مسؤول منطقة البقاع في حزب الله النائب السابق محمد ياغي ومسؤول منطقة الجبل بلال داغر، وفد من قيادة حركة أمل ضمّ بسام طليس، طلال حاطوم، حسن قبلان، علي عبدالله، حسن اللقيس ومسؤول منطقة البقاع في الحركة مصطفى الفوعاني، الوزير السابق فايز شكر، النائب السابق ابراهيم بيان، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد هشام طبارة ممثلاً رئيس الحزب الوزير السابق عبد الرحيم مراد، وفد من الحزب الديمقراطي اللبناني مثل رئيس الحزب النائب طلال أرسلان، ممثل عن عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في الشام النائب عمار ساعاتي، وفد من قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، نائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي دريد ياغي، العقيد خالد زيدان ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، ممثل مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار، مطران بعلبك ـ الهرمل للروم الكاثوليك الياس رحال، راعي أبرشية بعلبك الهرمل للموارنة المطران سمعان عطاالله، العميد حسين اللقيس، العميد عدنان ياغي، المدير العام السابق لوزارة الإعلام محمد عبيد، عضو قيادة اللجان والروابط الشعبية عبدالله عبد الحميد، عضو قيادة الحزب العربي الديمقراطي مهدي مصطفى، رئيس اتحاد بلديات بعلبك محمد عواضة، رئيس بلدية بعلبك الدكتور حمد حسن، الإعلامي غسان جواد، وفود قيادية من الفصائل الفلسطينية، اللجان الشعبية ووفود من المنظمات الشبابية والجمعيات الأهلية.

وفي وقت لاحق حضر رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك وشخصيات.

كلمة منفذية بعلبك

استهلّت الكلمات بكلمة تعريف لناظر الإذاعة والإعلام في منفذية بعلبك اياد معلوف قال فيها: كان الموعد قريباً مع الموت، فجأة رحلت عنا وتركت في قلوبنا غصة، غصة على شبابك وعطائك ونضالك.

يا حضرة العميد، يا من وهبت حياتك ووقتك في سبيل نهضة هذه الأمة، لأنك آمنت بالعقيدة السورية القومية الاجتماعية.

يا من خرجت آلاف الأشبال والزهرات والنسور ليكونوا مشاعل مضيئة في مجتمعنا.

أنبكيك أم نبكي حال مجتمعنا المتفسّخ، والذي ينهشه البرابرة والمغول؟

لا… نحن أبناء حياة انتصرنا بعقيدتنا على الموت، لا بل نختار الموت متى كان طريقاً للحياة الكريمة.

يا حضرة الأمين ستظلّ موجوداً في كلّ اجتماع، ومؤتمر ومخيّم، وفي ساحات الوغى، وعلى ملامح وجه كلّ سوري قومي اجتماعي، وسنبقى على موعد مع الانتصارات.

يا حضرة العميد، جاؤوا من كافة أنحاء الأمة السورية، من المنفذيات والمديريات المستقلة، ليجدّدوا القسم، وليكملوا الطريق التي بدأت بها منذ العام 1981 حين انتميت إلى الحزب.

بعد ذلك القى الأمين علي الحاج حسن قصيدة بالمناسبة النص منشور في مكان آخر .

كلمة مركز الحزب

وألقى نائب رئيس الحزب توفيق مهنا كلمة مركز الحزب، وقال فيها: الموت حق، أما الحياة فهي وقفة عز وشهادة للحق، كثر يعمّرون، لكنهم يعبرون من دون أن يتركوا أثراً أو بصمة. يأتون ويمضون، وسرعان ما يطوي تقادم السنين ذكراهم.

قلة من الرجال، قصر عمرهم أو طال، تفرض وجودها علامة فارقة، في سجلات الزمن، تعجز أحداثه وتحوّلاته أن تنال من قامتها.

أنت أيها العميد الأمين صبحي، من معدن رجال النهضة الذين لم يتمكّن مسار الزمن من تبديل صورته، أنت قامة من شباب النهضة ورجالها الأبرار والأحرار، جذورها ضاربة في الأرض وشموخها لا تحدّه سماء.

قامتك، تحمل سرّ الحياة المتدفّقة حارّة في شرايين كيانك، في مضاء إرادتك، في ثبات يقينك، وامتلاء وجدانك عشقاً لقضية تساوي وجودك، قضية الأمة وحزبها، الحزب السوري القومي الاجتماعي، أنت في اختيارك الحرّ والطوعي، كرّست حياتك، في كلّ تفاصيلها ومحطاتها، راهباً لخدمة أمتنا وشعبنا، وناسكاً في قداسة هيكلها، وجندياً مقاوماً في محراب حصونها وقلاعها العصية على الانمحاء.

أيها العميد زرعت روحك في تربة النهضة، وها هو الحصاد يملأ فضاءنا أشبالاً وطلاباً وأبطالاً مقاومين، ها هو الحصاد، يمتدّ في أرضنا القومية مخيمات تدريب وتأهيل، أشرفت عليها ونظمت الألوف في خنادقها أجيالاً موعودة للنصر الآتي.

أجيال هي عنوان التجدّد، وعنوان العز والعنفوان، وعنوان الأمل والآمال على انتصار العقيدة القومية الاجتماعية، عقيدة الوحدة القومية والوحدة الاجتماعية، عقيدة الإنسان الجديد، البعيد عن تشويهات ثقافات العصبيات القاتلة، عصبيات المذهبية والطائفية، أو عصبيات مأسورة في حدود الولاءات الحزبية الفئوية، أو منزوية في كهوف الانغلاق وسراديب الجهل.

عقيدة قومية اجتماعية تحرّرنا من ظلمة الأفكار الجاهلية الرجعية المتخلفة. تعتقنا من أغلال المفاهيم العفنة، وتحرّر عقولنا من أصفاد تعطل العقل وتضع العراقيل أمام التقدّم والتطوّر، وتمنع قيام الدولة الحديثة، دولة المواطن لا دولة الملل والنحل والرعايا والسبايا…

أيها العميد أنت رمز جيل واستمرار لأجيال قومية اجتماعية نهضوية بُعثت من صميم الوجود الحيّ لأمتنا… اقتدَتْ بالزعيم سعاده، وتمثَّلتْه في سلوكها.

دعانا سعاده ولبّينا الدعوة عاملين لتغيير مجرى التاريخ، لا نقبل بالأمر المفعول، يحدونا الأمل واليقين أنّ نفوسنا تخلد إلى إرث عظيم وحضارة عريقة، هي نفوس أهل العز، وأبناء العز الذين لا يرضون الذلّ وحياة الذلّ، يقفون في الحياة أحراراً لا عبيداً أو مأجورين، ويأبون أن يروا بلادهم ممزقة وشعبهم مشرذماً كيانات أو طوائف أو قبائل… أو معتدّاً بالأمم الناهضة، وكأنّ أمّته ليست منها، إنْ شاءت أو عزمت.

نحن، وأنت أيها العميد المسجّى جسداً، والمتألق حضوراً ودوراً وعطاء، لن نستكين، أو يهدأ لنا خاطر، أو يركن لنا بال، أو نلقي سلاح العقيدة، أو نترجّل عن صهوة جواد الحق والمجد إلا بانتصار يليق بنا، أحراراً من أمة حرة… لذلك، أنت في حدقات عيوننا، وفي عين الزمان المناضل المتفاني، الذي لم يحسب حساباً لراحة شخصية، ولا استهوته إغراءات.

نراك في أشبالنا، ومخيماتنا وصفوف طلاب حزبنا، نراك في صفوف رجال الزوبعة وفرسانها ونسورها.

نراك جوّالاً على مدى أرضنا القومية من لبنان إلى الشام والعراق، رجل قضية، وحامل مشعل رسالة سعاده واستراتيجية الحزب النضالية القومية المقاومة، تجول، تعبّئ، تشرح، تبعث العزم، تنظّم الفروع، وتؤكد صحة موقع حزبنا في مقاومة المؤامرة الإرهابية، التي تقودها جماعات أعمى الغضب والجهل بصرها وبصيرتها، وارتمت أدوات في مشروع جهنّمي جاهلي قبلي، صحراوي، فاقد كلّ معاني الانتماء إلى دين سمح أو حضارة مبدعة.

إنها الجماعات الإرهابية تستهدف معين القوة في أمتنا، ونقطة الارتكاز في حماية هويتها وحفظ وجودها بين الأمم الحية.

إنها الجماعات المتطرفة تكمل إرهاب العدو اليهودي الصهيوني الغاصب، تلاقيه بفتاويها الملعونة، وخناجرها المسمومة، حيث فشل في حروبه كلها لإحداث اليأس في نفوسنا وإرادتنا.

تلاقيه في ضرب وحدة مجتمعنا، وتفخيخه من الداخل، إنها الجاهلية الجديدة، التي ترى في الحضارة تحدّياً لتخلُّفها، وشهادة على عتمتها وانحطاط مفاهيمها، والمفارقة أن تجد القوى الدولية التي تدّعي الديمقراطية والانفتاح والعلمانية في الغرب، تجتمع في خندق واحد مع هذه الجماعات الداعية إلى قيام دولة للخلافة، في زمن ولّى زمانها، وفي إساءة لجوهر الدين والقيم، لم يعرف تاريخ البشرية أقسى منها إرهاباً وتكفيراً وقبحاً.

أليس هذا سقوط جديد لتلك الأنظمة من عالم الإنسانية الأدبي؟

أيها العميد الأمين… تحتلّ ذاكرتنا، شاباً مقداماً ومقاوماً من طراز رفيع، إنْ طُلب إلى معارك الدفاع عن وحدة لبنان وجدته في المتراس ضدّ القوى الانعزالية التقسيمية، جبل صنين شاهد، المتن، عيون السيمان شاهدة.

إنْ طلب إلى دور في المقاومة، لم يتردّد في حمل نهجها وخيارها، في كلّ المواقع والمراحل والمحطات… وإنْ طُلب لمواجهة قوى الإرهاب تراه في كلّ موقع وعلى كلّ منبر. من لبنان إلى الشام، يصدح صوته مطالباً برص الصفوف، لمقاومة هذه الغزوة القاتلة.

بوصلتك فلسطين دائماً وأبداً، تسفّه دعاة الجهاد المزوّر إلى حرب ضدّ المقاومة أو سوريا، وفلسطين لا ذكر لها في دعواتهم.

دافعت عن لبنان المقاوم، دافعت عن الشام، ووثقت أنّ سوريا قائداً وقيادة، وجيشاً وشعباً ستنتصر، وتستمرّ قلعة قومية صامدة، يرحل الغزاة عن أرضها خائبين، وتبقى… ويسقط الحكام المتآمرون عرباً وأجانب واحداً بعد الآخر، ويبقى رئيسها وجيشها وقيادتها يحفظون الخيارات، ويحبطون أحلام المراهنين.

إني هنا باسم قيادة حزبنا أشهد كم جاهدت ليلاً ونهاراً، في حركة لا تهدأ، رافعاً سيف التحدّي في وجه المؤامرة الإرهابية الصهيونية ورعاتها، لم تقف حدود سايكس ـ بيكو عائقاً، تخطى إقدامك كلّ الحدود، لنصرة الأمة وقضيتها.

إننا هنا وبأعلى صوت، نؤكد على وحدة المعركة، على مدى أرضنا القومية، لا نلتفت إلى أصوات ناعقة تدعو إلى النأي بالنفس عن معركة، فيها كلّ مصيرنا ووجودنا…

أصوات المتخاذلين، لا أثر لها في مجرى الصراع الفاصل.

نحن السوريون القوميون الاجتماعيون، سوريون عقيدة وهوية وانتماء، نجسّد قناعاتنا وانتماءنا حيث يدعونا الواجب القومي…

أنظر، كيف يقف حزبك، ويجتمع ها هنا مع المحبّين والأصدقاء والحلفاء، يرفعون التحية إلى روحك الشابة، إلى حيوية دور ضجّت به حياتك، وبسمة ما فارقت محيّاك.

إني هنا لا أرثيك، بل أحيّيك…

أنت واحد من أعمدة الضوء الخالدة في نهضتنا ـ كما هي بعلبك مدينة الشمس ـ خالدة بأعمدة هياكلها.

ووجه في ختام كلمته تحية للمقاومة والمقاومين والجيش في لبنان والشام والعرق الذين يخوضون مواجهات ضد الاحتلال والارهاب والتطرف.

وفي الختام شكر فادي ياغي المشاركين في التشييع باسم العائلة.

أكاليل

وتقدمت محطات التشييع وموكبه، اكاليل زهر ابرزها من: رئيس الحزب الأمين أسعد حردان وقيادات الحزب ومنفذياته ومديرياته، رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد مشال عون، رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد، أمين الهيئة القيادية في حركة المرابطون العميد مصطفى حمدان، عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا النائب الدكتور عمار ساعاتي، حركة أمل، حزب الله، تيار المردة، الحزب الديمقراطي اللبناني، الجبهة الشعبية القيادة العامة، إدارة مستشفى دار الأمل، الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب، المنظمات الشبابية والطلابية اللبنانية، والجمعيات الأهلية، وعشرات الأكاليل من لأهل والشخصيات والأصدقاء.

كما ارتفعت يافطات باسم العديد من الأحزاب والقوى والشخصيات والفاعليات والبلديات، لا سيما حزب الله وحركة أمل وبلدية بعلبك.

وداعاً حضرة العميد…

الفارس يترجّل عن صهوة جواده

حسن الخنسا

من لم يمت بالرصاص تقتله سورية حسرةً وحباً، هو الأمين المناضل صبحي ياغي، الذي لم يقتله رصاص معارك الدفاع عن الحزب والأمة، لكنه توفي أمس إثر نوبة قلبية. برحيلك، فقدت الأمة رجلاً هي بأمسّ الحاجة إليه في هذه الظروف التي نمرّ بها، وخسر الحزب واحداً من قيادييه البارزين الذين تميّزوا بالتضحية والعطاء في سبيل النهضة.

عرفتك ساحات النضال مقداماً شجاعاً يجهز على الموت بالموت من طرابلس وضهور الشوير إلى كل ساحات النضال في معركة الدفاع عن الحزب والذود عن النهضة القومية الاجتماعية. وعرفتكَ مكاتب مركز الحزب وأنت عرفتها ركناً ركناً، لأنك لم تكن لتفارقها أحياناً حتى في الأعياد الرسمية وأيام الآحاد.

لم تعرف الراحة من معركةٍ إلى معركة، ومن مخيم إلى مخيم، تشرف على الطلبة والأشبال بنفسك وتعالج المشاكل التي تواجههم في المخيمات والجامعات والمدارس.

لقد كنت شغوفاً في عملك معطاءً لا تبخل على رفقائك بإعطاء النصيحة والدعم.

عندما يترجّل الفارس عن صهوة جواده معلناً الرحيل، تبكي العيون التي أحبته وتتحسّر على رجلٍ قلّ نظيره.

في «وليمة ورده» خُصّص مكان لك، ويردّ النادل على كلّ من يسأل هذه طاولة محجوزة «هذه طاولة العميد». فبعد يومك الذي يبدأ باكراً وينتهي متأخراً لأجل الحزب، الذي لم تتوانَ يوماً عن خدمة أعضائه، كنت تقصد «ورده» لتنعش روحك الباحثة دائماً عن الفرح. لقد أخطأت أيها النادل هذه الطاولة لم تخصّص لحضرة العميد لأنها كانت تستضيف الجميع، كنّا نأتي واحداً تلو الآخر نبحث عن جرعةٍ من الضحك نستلهمها من روحك الجميلة، كنّا نأتي بحثاً عن حلّ كان في جيبك لكلّ مشكلة تواجهنا في الحزب أو في الجامعة أو حتى في حياتنا الشخصية، لم تتركنا يوماً، وكنت دائماً السند والداعم لمعنوياتنا.

حبّك للشام جعلك لا تصدّق ما يحصل في شوارعها وأحيائها، فكنت في كل مرة أسألك عنها وعن أحوالها تجيبني بابتسامةٍ تطوف على وجهك، «ما في شي بالشام ولو يا رفيق حسن».

حضرة العميد، غادرتنا قبل أن ترى الشام رافعة لواء نصرها، كنت أتمنى أن نحتفل بالنصر سوياً لكن القدر شاء ما شاء. لقد رحلت باكراً، قبل أن تُلوّن بالأبيض والأحمر والأسود سماء أمتنا، قبل أن نستيقظ كل يوم كما في المخيمات على نشيد حزبنا، نشيد سورية، نشيد الوطن. فارقتنا كما فارقنا كثير من الرفقاء والأمناء والشهداء، لكننا لن نبكي ألم الفراق، بل سنعمل على نصر أمتنا، آخذين بقول الشهيد جود مخول عنواناً لمسيرتنا: «هذا المساء، لا تموتوا مع موتاكم، أجمل ما نقدّمه لمن ارتقوا أن نحيا بفرح».

حضرة الأمين، قد تسقط أجسادنا أما نفوسنا فقد فرضت حقيقتها على هذا الوجود، وداعاً وتحيا سورية.

نبقى على العهد في وجدان أمتنا

الأمين علي الحاج حسن

قل للمنايا بأنّا معشــــر شُــــــــهدا

طوعاً نموتُ لتحيا سورية أبدا

يا صبح أشرقت في أرجاء نهضتنا

من بعلبك فكنت النور والعمدَ

نزفك اليوم والتيجـــــان صافنــة

لم يبرح الأهل من في قلبهم رقدا

جاهدت بالروح والأجســــاد فانية

تبقى بروحك في الأجيال متقدا

أعطيت حتى استراح القلب منتصراً

فيك الجهاد وكنت العون والسندا

نم يـــا رفيقي قرير العين أمتنا

صِنوُ الخلود دمانا قوتها مددا

في وقفة العز هاب الموت وقفتنا

فانسلّ في صمته يستهون الحسدا

أبناء مدرحة الإيمــان علّمنا

فيها سعاده أنّ الشعب قد رشدا

يا رمل بيروت نبض العز ثورته

تفتّح الموت نصراً كم أذلّ عِدا

وربنا الله في الإيمـان يجمعنا

على الجهاد عديد الأمة اتحدا

أبناء عيسى وطه ربنا أحد

إلاه في الدين حقاً لم نطع أحدا

يا شام يا مقلع الأحرار ملءُ دمي

بشار حافظك عزّاً روى بردى

مقاوم علم الأجيال ثورته

للحائرين ملاذاً للمضلّ هدى

والشام زوبعة آياتها بُشر

والله إلا بنصر الله ما وعدا

والعرب صلت بهم في البيد أبعرة

إلا على عدن ما استجمعوا عددا

صارت فلسطين من صنعا يحرّرها

رعديد مكة مَن للغرب قد سجدا

بغــــــــــداد يا قدس بين النوَّ عاثرة

بنو الملوك استظلوا للخؤون ردا

نبقى على العهد في وجدان أمتنــــا

واليومُ يشهد فينا نصرنا وغدا

نم يـــا رفيقي فقد حنّ التراب إلى

بهاء وجهك فيك القبر قد سعدا

أصدق الدمع حنّي بالدموع يدي

وأبقِ لأبقى أحيي سوريانا يدا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى