الرئاسة إلى ما بعد ولاية المجلس!
هتاف دهّام
ينتظر الملف الرئاسي حلّ ملفات أكبر منه في المنطقة، وعندما يحين أوانه سيكون وفقاً لموازين القوى في الميدان الذي على وقعه ينتج الحلّ السياسي.
أكدت مبادرة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون التي نصّت على أربعة اقتراحات للخروج من الأزمات الدُستورية المُتراكمة، اعتماد الانتخابات الرئاسية المباشرة من الشعب على مرحلتين، الاستفتاء الشعبي، اختيار المجلس النيابي بين الأوّل والثاني من الموارنة الأكثر تمثيلاً فيه، إجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية على أساس قانون جديد يؤمّن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين أنّ النظام السياسي الحالي ليس نظاماً قابلاً للحياة لتنظيم الدولة.
يرغب رئيس «التكتل» بتفادي مخاطر الإملاءات الخارجية، بالمطالبة بالاحتكام الى الشعب، لا سيما أنه «يئس» من الوصول إلى حلّ في الوضع الراهن، وأن يكون هذا الحل وطنياً. كل ذلك يقود بصيغة أو بأخرى الى وضع لبنان أمام مفترق طرق: إما تلقف المبادرة البرتقالية والسير بها وفقاً لتفاهمات داخلية، أو الانفجار الذي يعني فتح الباب مجدّداً أمام الخارج لإيجاد حلّ على غرار الطائف، الذي في نهاية المطاف سيعدل، فهو شبع موتاً، وفريق 14 آذار يدرك ذلك، لكنه لا يملك جرأة إلاعلان.
يتجه عون إلى التصعيد في حال لم تستجب القيادات السياسية مع مبادرته، ويعتبر أنّ الأفكار التي طرحها هي أفكار محايدة، غير منحازة وعادلة وتترجم قناعة بضرورة أن يكون الرئيس هو الأقوى مسيحياً، لذلك تم تكليف وفد من التيار بدأ أمس جولاته على القيادات السياسية والروحية، وربما تكون هذه الجولة، بمثابة الطلقة العونية الأخيرة في الاقناع، وتبقى الفترة المقبلة من الانتظار، لاتضاح المزيد من نتائج المشهد الإقليمي وما مدى تأثيره على الوضع اللبناني.
أعطى الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله أمس غطاء مرناً لموقف رئيس التيار الوطني الحر الذي يقترح تطبيق الطائف من ناحية المناصفة، لكن السيد نصر الله لم يشجع العماد عون في لقائهما الأخير على أي موقف متشدّد كالاستقالة أو الاعتكاف استناداً الى تجارب سابقة، هذا فضلاً عن أن العماد عون لن يترك الحكومة ويبقي لفريق 14 آذار والنائب وليد جنبلاط التفرّد بالقرارات، فالبقاء في الحكومة يمكنه من معرفة ماذا يجري في داخلها ويمكنه من مراقبة عملها.
لكن ماذا لو أقفلت الأبواب أمام تطبيق اتفاق الطائف «مناصفةً»؟ فهل ينتقل الجنرال عون من طرح البحث في الملف الرئاسي إلى طرح النظام السياسي برمّته؟
تشير مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أنّ تعديل الطائف لا يحلّ مشكلة انتخاب الرئيس، لأنّ المشكلة تكمن في التطبيق. والعقبة ليست في هذا الميثاق انما في المجلس النيابي وقانون الانتخابات، بغض النظر عن أن «الطائف» يحتاج الى تعديلات إلا أن هذه التعديلات يجب أن يسبقها انتخاب رئيس للجمهورية، علماً ان العماد عون يريد أن يعود ملف رئاسة الجمهورية إلى الأولوية، وأن تتحدد آلية العمل للوصول إلى هذه الانتخابات، ويعمل على فتح ثغرة في الحائط المسدود للوصول إلى انتخاب رئيس.
لن ينتخب المجلس النيابي الحالي رئيس الجمهورية، ولذلك قد يكون الاقتراح الرابع القائم على اجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية على أساس قانون جديد، هو الأصعب، فأحد الفريقين في هذا المجلس لا يملك الأكثرية، وبالتالي فإنّ هذا البرلمان غير قادر على انتخاب رئيس، الأمر الذي يتطلب إجراء انتخابات نيابية جديدة.
وتؤكد المصادر «أنّ الرئيس الأقوى للجمهورية يأتي من أكثرية قوية في المجلس النيابي، وهذا يفرض إجراء انتخابات نيابية جديدة، ولو وفق قانون الستين، تستفتي الشعب بطريقة غير مباشرة.
وتحدثت عن خيار من اثنين:
الأول: استقالة نصف المجلس +1 عندها يصبح منحلاً.
والثاني: انتظار انتهاء الولاية في حزيران 2017 وإجراء انتخابات نيابية من جديد، وهذا الخيار هو الأوفر حظاً، فأي من الكتل النيابية لن يقدم على خطوة تقديم الاستقالة قبل انتهاء ولاية المجلس.
وعلى رغم أنّ وصول العماد عون إلى الحكم ممنوع من قبل بعض الدول الإقليمية، تجزم المصادر أن لا رئيس تسوية في لبنان، وتلفت إلى «أن من يضع فيتو على وصول جنرال الرابية إلى قصر بعبدا لأنه حليف حزب الله، هو نفسه مَن أبعد التيار الوطني الحر في عام 2005 عن الحكومة، ولم يكن يومذاك الجنرال عون حليفاً لحزب الله، ولذلك فإنّ هؤلاء يتذرّعون بتحالف عون مع حزب الله، فقط لأنهم لا يريدون رئيساً قوياً للجمهورية.