جيرو إلى المغرب وبون إلى بيروت

يوسف المصري

المهتمون بمتابعة قياس نبض الاهتمام الدولي بأزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، يصرفون جزء كبيراً من وقتهم، في متابعة أخبار جان فرنسوا جيرو الذي عمل خلال الفترة الماضية بتكليف من هولاند على خط الإليزية – طهران – الفاتيكان – بيروت لتلمس إمكانية بلورة مبادرة تنهي الفراغ الرئاسي اللبناني.

وكانت الكواليس المتابعة لجيرو تلقت معلومات متضاربة خلال الفترة الفاصلة عن آخر مرة جاء فيها إلى لبنان، ومنها أنه سيعود في أيار الجاري ومعه معطيات جديدة ربما تحرك شيئاً من الركود السائد داخل بركة الأزمة الرئاسية الراكدة.

ولكن مؤخراً وردت أخبار سيئة من باريس للمراهنين على دبلوماسية جيرو المكوكية لإنتاج فخامة رئيس جديد.

تقول هذه الأخبار أن الرئيس الفرنسي هولاند قرر تعيين جيرو سفيراً لباريس في المغرب، ما يعني أن مهمة جيرو كموفد من هولاند لعواصم قرار حل أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، انقطعت وتبددت بالكامل.

ولكن في مقابل هذا الخبر ورد خبر آخر فيه بعض التعويض للمراهنين اللبنانيين على دور فرنسي ما يمكن أن يؤدي إلى حل أزمة الرئاسة. مفاد هذا الخبر هو تعيين الخارجية الفرنسية لايمنيل بون سفيراً جديداً لها في لبنان.

من هو بون؟!

قبل فترة قصيرة نقل عائدون من باريس إلى بيروت كلاماً منسوباً لبون مفاده أنه أخبر شخصيات من 14 آذار كانت تزور فرنسا، أن باريس ستعمل ما في وسعها لمنع توصل الغرب لاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي.

ويقول هؤلاء إن بون هو في الواقع سفير في لبنان «برتبة» إنه يتمتع بصداقة حميمة جداً مع الرئيس الفرنسي هولاند. وهو أيضاً سيخلف ليس فقط السفير الفرنسي الحالي في لبنان، بل سيخلف أيضاً جيرو في مهمة البحث عن رئيس جديد. وسبب ذلك هو أن بون يشغل منذ فترة غير قصيرة منصب «مسؤول القسم العربي في خلية الإليزية السياسية». وعليه فهو سيكون تلقائياً مكلفاً من هولاند بمتابعة ما وصل إليه جيرو.

وإلى كل هذه الميزات الآنفة، تظل الميزة الأهم بالنسبة للمراهنين على دور فرنسي في لبنان، هي أن بون خلال وجوده كسفير في لبنان، لن يكون بحاجة لمخاطبة قسم الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية، لتخاطب بدورها وزير الخارجية فابيوس ليقوم الأخير بنقل رسائل السفير بون في لبنان إلى الإليزية، بل يستطيع بون رفع سماعة هاتفه الخاص ومحادثة صديقه الحميم جداً هولاند في شكل شخصي ومباشر لينقل إليه ما يراه مناسباً بخصوص لبنان. وكل الرهان اليوم في بيئة «المتفرنسين اللبنانيين» هو أن هناك مندوباً سامياً فرنسياً جديداً قادم إلى لبنان، وهو يتمتع بالميزات المطلوبة كاملة: يكره إيران وبالتالي حزب الله، ويستطيع تعريب أفكاره اللبنانية بسرعة مع الإليزيه والرئيس الفرنسي، مع إضافة أمر آخر هام للغاية وهو أن بون يعتبر من بقايا تيار المحافظين الجدد في الغرب داخل الخارجية الفرنسية.

تبقى أهمية للتذكير بأن «المحافظين الجدد» لم يعد لهم وجود داخل السياسة الأميركية، ولكن هناك تياراً عالمياً عريضاً لا يزال يحنّ إلى عهدهم، وبون «ومتفرنسو لبنان» من بينهم؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى