زيارة ولايتي وحرب القلمون

روزانا رمال

تحت عنوان «القلمون بداية نهاية النكبة الكبرى» علقت صحيفة «كيهان العربي» على أبعاد ونتائج معركة القلمون فقالت: «لا شك في أنّ أبعاد معركة القلمون الكبرى تتخطى سورية ولبنان وكلّ المنطقة والساحة الدولية، بسبب ارتباط القوى التكفيرية والداعشية في منطقة القلمون بسلسلة طويلة من القوى الإرهابية الموزعة اليوم في عموم المنطقة، وتمتد إلى القارتين الأفريقية والآسيوية، وخصوصاً في باكستان وأفغانستان، ما يؤكد وجود جهات دولية وإقليمية تغدي وتدير وتبرمج لتحركات هذه العصابات. ومن السذاجة أن يتصور أحد أنّ كلّ هذا الذي يجري في المنطقة وخارجها هو من فعل وإمكانات مجموعات مسلحة تعمل هنا وهناك. فمعركة القلمون استراتيجية وتؤسِّس للقضاء على القوى التكفيرية والداعشية التي جيء بها من أدنى الأرض إلى المنطقة. وقد ظهرت آثارها وبركاتها وهي لا تزال في بداية المشوار، رغم ما حققته من انتصار ميداني كبير وهزائم مدوية للقوى التكفيرية، وخصوصاً «جبهة النصرة» الإرهابية التي عولوا عليها كثيراً لتغيير الخارطة السياسية، لكنّ النتائج جاءت معاكسة تماماً وأصيبت كلّ الدوائر المشبوهة، سواء الدولية أو الإقليمية، أو بعض ذيولها في لبنان بالدوار، كلّ حسب حجم تورطه وردود فعل هذا الانتصار عليه.»

وأضافت: «إنّ معركة القلمون الفاصلة والاستراتيجية والواسعة والتي لم تنته بعد، ستؤتي أكلها بإذن الله وستثلج صدور أبناء الأمة لأنها ستدفن مشروع النكبة الكبرى الذي خططوا له للإيقاع بالعالم الإسلامي وتدميره، وما النصر إلا من عند الله.»

العارفون بالوضع في إيران، ربطوا الكلام المنشور في عدد «كيهان العربي» يوم أمس، وليس بعد إطلالة السيد نصرالله أو تطورات القلمون الميدانية، بالنتائج التي عاد بها مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي أكبر ولايتي من بيروت، بعد لقائه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وما سمعه منه عن الرؤيا للمعركة وأبعادها من جهة، وعن النية التي ينطلق من خلالها حزب الله في تحديد دوره فيها من جهة أخرى.

الواضح أنّ المقال تعبير عن توجه محدّد، ويؤكد المحللون أنّ كيهان العربي لا تزال الصحيفة الأهم في التعبير عن توجهات مكتب المرشد السيد علي خامنئي، ونقل ما يراه وما يريد إيصاله إلى الرأي العام وصناع القرار في العالم العربي، وبالتالي فإنّ الأمور جرت كما يلي، حدثت معركة كبرى خطط لها وأدارها حزب الله في قلب الحرب المفتوحة في سورية، واستدعى الوقوف على تقييم المعركة وشرح أبعادها ورسم سقوفها وأهدافها تأسيساً على المعطيات الإقليمية والدولية التي تملكها إيران في جعبتها، أن يلبي ولايتي دعوة للمشاركة في مؤتمر من أجل فلسطين، ويقوم خلال وجوده في بيروت بسلسلة زيارات ينقل خلالها رسائل تعبر عن موقف السيد الخامنئي، ويلتقي السيد حسن نصرالله ويتوليا معاً تقييم المعطيات.

هذا المناسب تجسّد بعد عودة ولايتي إلى طهران ووضعه السيد الخامنئي في حصيلة مشاوراته مع السيد نصرالله، وهذا المناسب يقول إنّ حزب الله وإيران متفقان على تشخيص الحرب ضدّ المجموعات الإرهابية في سورية باعتبارها حربهما معاً حتى دحرها.

هذا المناسب يقول إنّ إيران وحزب الله يعتبران أنّ المعركة في القلمون استراتيجية لأنها تستهدف بنية القوى التي تشكلت من مسلحين جيء بهم بمشيئة دولية إقليمية من كلّ أنحاء الدنيا تحت العنوان التكفيري وتربطها علاقات وامتدادات في كلّ العالم ومركزها صار في القلمون حيث دارت معركة بانت بركاتها بالنصر المتواصل تباعاً وأنّ نتائجها ستثلج صدور شعوب المنطقة. والقصد هنا هو النجاح في استئصال القوى التكفيرية من لبنان وسورية بدءاً من حرب القلمون.

المناسب فيه أيضاً، أنّ القوى الدولية والإقليمية واللبنانية الداعمة والمراهنة على القوى التكفيرية ستعيش حالة الهزيمة والخسارة، بالقدر الذي تتورط فيه مع القوى التكفيرية.

يرى المتابعون في أبعاد هذه الرسالة، إذا صحّت نسبتها، لما اتفق عليه السيد نصرالله وولايتي وباركه السيد خامنئي، تعبيراً عن قرار بعدم خوض المنازلة مع خصوم خط المقاومة بالمفرق، بل اعتبار الأفعى التي يشكل سحق رأسها تغييراً موفقاً للموازين، أي التنظيمات الإرهابية، حيث لا حاجة إلى حرب مع السعودية وتركيا ولا مع «إسرائيل»، ولا إلى خلاف وتجاذب مع الغرب، بل تكفي مواصلة الحرب المتدحرجة من القلمون إلى الرقة وكنس كلّ ما في الطريق من بقايا «داعش» و«النصرة»، حتى تخسر «إسرائيل» والسعودية وتركيا، وعلى الغرب الذي يعلن حرباً على الإرهاب أن يرى بأمّ العين الذين يرعاهم تحت الطاولة وهم يسحقون على يد حزب الله في سورية، بمعونة وشراكة الجيش السوري من دون أن يستطيع البكاء عليهم، بينما سيكتفي الأتراك والسعوديون و«الإسرائيليون» بالبكاء لأنهم لن يتجرأوا على فعل أي شيء، إلا إذا استفاد البعض من المعادلة الورادة بربط الخسارة بدرجة التورط.

من سمع كلمة السيد نصرالله وقرأ ما بين السطور كان يجب أن يتوقف ملياً عند نطقه كلمة المعركة مفتوحة، ويتذكر كلامه في حرب تموز 2006 عن الحرب المفتوحة، وعودة إلى حرب تصل إلى ما بعد بعد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى