الزهايمر أردني… هل من دواء؟
سعد الله الخليل
يعتقد مرضى الزهايمر بأنّ قدراتهم العقلية تفوق قدرات من حولهم بدرجات وبأنّ ذاكرتهم المثقوبة ليست إلا إبداعات خارقة يصعب على من حولهم فهمها وحلّ ألغازها لضيق مداركهم العقلية من وجهة نظرهم، وهو ما يفسّر توجيههم سيل الاتهامات واختلاق المشاكل لأبسط الأسباب في المراحل الأولى للمرض قبل انهيار قدراتهم العقلية مع تطوّر المرض.
ولعلّ من تابع تصريحات وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام محمد المومني، والتي ينفي فيها تدريب المسلحين فوق أراضي مملكته ويستبعد تسهيل بلاده سيطرتهم على المعابر الحدودية مع سورية، يدرك أنّ كلامه لا يمكن أن يحتمل التأويل خارج سياق من سياقين، فإما أنّ الوزير الأردني يعتقد بأنّ ذاكرة من يتوجه بالخطاب إليهم مثقوبة أو أنّ علائم الزهايمر بدأت تظهر عليه فأضاع ذاكرته! فما صدر منه لا يمكن لعاقل أن يقوله في السرّ، فكيف في العلن؟
لم يقدّم الأردن تفسيراً لسيطرة «جبهة النصرة» على معبر نصيب الحدودي، فطالما أنّ الأردن غير متورّط في تدريب المسلحين، ولا تحتوي أراضيه أيّ مسلح فكيف عبرت «النصرة» الأراضي الأردنية لتسيطر على المعبر؟ ربما الحكومة الأردنية لا علم لها بتواجدها على أراضيها وهذا عذر لا يدفع عنها المسؤولية فإنْ كانت تعلم فتلك مصيبة وإن كانت لا تعلم فهي مصيبة أكبر.
الغريب في تصريحات المومني أنها تتناقض مع تصريح سابق له حين أكد أنّ بلاده بدأت بالفعل تدريب أبناء العشائر السورية بالتنسيق مع دول عربية لم يسمّها وبمساندة التحالف الدولي للدفاع عن مستقبل أبناء الوطن وعن الدين الإسلامي الحنيف، لكنه اليوم ينفي ذلك، فأيّ تصريح على العاقل أن يصدق؟ وكيف يمكن لأبناء العشائر الذين درّبتهم الأردن أن يقاتلوا «داعش» دون أن يدخلوا الأراضي السورية، وطالما أنّ حكومة الأردن بحسب المومني لا تسهّل العبور ولا تدرّب فماذا حلّ بالمدرّبين الأميركيين الذين أعلنت واشنطن إرسالهم لتدريب «المعارضة السورية المعتدلة»؟ وما مصير غرفة العمليات التي تضمّ ضباطاً من 14 دولة لإدارة معارك المسلحين على الأراضي السورية؟ هل تم نقلها إلى تل أبيب بعد لقاء الملك عبد الله برئيس وزراء العدو «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو؟ أو أنّ عمّان تعتبر الغرفة منطقة حرة لا سيادة لها عليها.
منذ اليوم الأول للأزمة السورية تراوغ حكومة الأردن للتغطية على تسهيلها دخول المسلحين إلى سورية بطريقة غير شرعية وتقدم أعذار من قبيل عدم علمها وبذلك تثبت ضعفها وعدم أهليتها للحكم بالحدّ الأدنى، وهو ما يفسّر إدارة واشنطن للمملكة عبر الريموت كونترول بواجهة ملك مدمن على المقامرة بأموال شعبه، كما يقامر بأمن بلده جراء التورّط في سورية.
الحكومة السورية لم تتعجّب يوماً من السلوك الأردني، كما أنها لم تصدّق يوماً أقوالها، فآثرت تثبيت الممارسات الأردنية مجلس الأمن والأمم المتحدة، لا لطلب الضغط على المملكة، أو على أمل تغيير سلوكها بل لتوثق تلك الممارسات للتاريخ.
أحجيات سياسية والزهايمر فكري لا مجال للشك في عوارضه، حيث عملت الجينات الوراثية مفعولها، فهل من دواء يوقف تبعاته قبل أن يتفشى في قيادات مملكة الأردن وتلقى مصير أبناء عمومتها في مملكة آل سعود؟
«توب نيوز»