المحكمة الدولية… العسكرية، «داعش» ـ «النصرة» والضاهر
محمد ح. الحاج
لم تكن الضربة القاضية لإسقاط المحكمة الدولية كافية لسحب صلاحيتها أو وقفها عند حدود اعتبار ذلك نقطة بداية النهاية لها وفرط عقدها ووقف تمويلها من جيوب اللبنانيين رغم أعباء الدين الخارجي الذي يرزح تحته الجميع. شهادة جنبلاط المفككة، المتلعثمة، وذريعة النسيان، وأحكامه المتضمّنة براءة البعض واتهام آخرين أظهرت سطحية المحكمة وضحالة أدلّتها المستندة إلى شهادات الزور المفبركة كأساس. كلّ ذلك يؤكد غايتها السياسية لخدمة من يفرضون الوصاية عليها، ثم جاءت شهادة رئيس المجلس الوطني للإعلام في قضيتي «الجديد» و«الأخبار» لتؤكد هذا الوصف الدقيق على طريق كبت الحريات الصحافية التي فضحت مراميها وأهدافها… فمتى تسقط هذه المحكمة؟
المحكمة العسكرية اللبنانية، تتعرّض للطعن في أحكامها وعدم صلاحيتها لمجرّد أنّ الحكم على الوزير السابق ميشال سماحة لم يعجب البعض، رغم إدراكهم أنّ الحكم ظالم لأنّ الأدلة مفبركة وإلا لما قاموا بإخفاء شاهدهم الملك على غرار إخفاء الشهود المفبركين في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، البعض من المراقبين المحايدين يجزمون بأنّ سماحة ضحية لعبة ليس هو المقصود فيها، صداقته مع السوريين هي السبب، وما حمله معه من دمشق لم يكن هو ما تمّ الكشف عنه بل تمّ استبداله، وهناك جهة أمنية أتقنت اللعبة وقامت بالتحضيرات والتصوير، ولو كان يدرك ما في صندوق سيارته ما كان ليتركه فيها إلا أن يكون في قمة الغفلة لدرجة الغباء وما عهدناه كذلك، طلب التمييز من قبل ممثل الحكومة القاضي صقر صقر يشكل فرصة للإصرار على جلب الشاهد الملك واستجوابه من قبل الدفاع وإلا اعتبرت كافة الأدلة باطلة ويجب تخفيض الحكم لتحقيق العدالة.
«داعش» و«النصرة» مثلهما كمثل كمية من الزيت خارج وعاء، من الصعب الإمساك بها فهي تخرج من بين الأصابع لتنتقل من موقع إلى آخر، ومن المؤكد أنّ هذه الحركة الزئبقية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب مبرمجة وتخدمها جهات خارجية متخصّصة، استطلاع ومراقبة وتصوير، وبالتالي هي تتحرّك بناء على خطة لامتصاص أيّ هجوم بالانسحاب التكتيكي وفتح جبهة جديدة في موقع تمّ تحديده مسبقاً تكون فيه الحركة أكثر سهولة لقلة حاميته، وليس خافياً أنه من المستحيل تغطية أراضي الجمهورية بالقوات العسكرية التي يحكم انتقالها عوامل عديدة أهمّها تأمين محاور التحرك واختيار الوحدات اللازمة وغير ذلك من العمليات اللوجستية، ولأن الهزائم تلحق بـ«داعش» و«النصرة» في أماكن المواجهة الحقيقية يتمّ تقديم دعم ناري خارجي كما حصل في إدلب وجسر الشغور مؤخراً، وتقوم غرف العمليات الخارجية بتوجيه المجموعات لفتح جبهات جديدة الغاية منها تخفيف الضغط وتغطية الانسحابات التكتيكية امتصاصاً للهجوم في عملية استنزاف للقدرة العسكرية السورية واستمرار عملية التخريب الممنهج لبنية الدولة التحتية، وإلحاق المزيد من الخراب والدمار بالممتلكات العامة والخاصة، واستهداف الثروة الحضارية السورية، ويبدو ذلك جلياً في الهجوم الأخير على مدينة تدمر وقبلها الكثير من المواقع الأثرية على امتداد أراضي بلاد الشام والرافدين.
يقول النائب الممدّد له – المطرود من كتلة المستقبل خالد الضاهر إنّ كلّ من يعتدي على الجيش اللبناني هو إرهابي…! ولماذا لا يكون إرهابياً من يعتدي على الجيش السوري؟ ما يقوله الضاهر مجرّد نفاق، وفيه تنصّل من دعم الجماعات الإرهابية التي هاجمت الجيش اللبناني وقتلت وخطفت العديد من عناصره، وتحتفظ بآخرين، وأما في محاولة الضاهر تحميل حزب الله والمقاومة مسؤولية ما يحصل في لبنان بسبب تدخلهما في الشام وقتال المجموعات الإرهابية فهو مجرّد محاولة بائسة لتغطية السموات بالقبوات، السوريون عانوا من المجموعات الإرهابية التي ساهم الضاهر وجماعته في تمويلها وتسليحها بالبطانيات وبعلب حليب الأطفال في حمص والقصيْر والغوطة وباقي المناطق الكثير الكثير، عبر سنوات طويلة قبل أن يتدخل حزب الله والمقاومة، وصور هؤلاء منشورة في مناطق من لبنان مذيّلة بإقرار أنهم قتلوا في سورية… فهل كانوا في سياحة يحملون معهم بنادق الأم سكستين وصواريخ صناعة صهيونية وفرنسية – جرى إرسالها في علب الحليب التي تولى الإشراف على نقلها زميل لضاهر، النائب الغائب عقاب صقر، و«اعتدى» عليهم الجيش السوري بأن قتلهم على الأراضي المسؤول عن حماية أهلها وشعبها الذي ينتمي إليه هذا الجيش، وهو أقسم على ذلك، هؤلاء وطبقاً لتوصيف المنافق الضاهر إرهابيون حكماً طالما يعتدون على جيش شرعي وليسوا مجاهدين يناصرون شعباً يدّعون الدفاع عنه، وما ضرّ حزب الله أن يصفه بالمعتدي على الشعب السوري طالما أنّ الشعب السوري أدرك الحقيقة وأصدر الحكم المبرم، وقال من هو المجاهد ومن هو المعتدي الذي خدم وما زال يعمل في خدمة المشروع الصهيو – أميركي الذي تموّله دول الرجعية العربية والتي دفعت للضاهر وأمثاله لقاء أتعابهم.
السوريون ممّن يسمّون أنفسهم معارضات خارجية هم مجرّد أدوات في أيدي العديد من الدول ومرجعياتهم متعددة، وقراراتهم متناقضة، وما يطرحونه مرفوض من أغلبية الشعب السوري، وأما الرابط الحقيقي بين الضاهر وجماعته «السابقة» مع هذه الجماعات فهو وظيفي بحكم التبعية التي غطاؤها التديّن المفرغ من محتواه، وهؤلاء جميعاً، سوريين كانوا أم لبنانيين سرعان ما ينقلبون على أعقابهم، وتتبدّل مواقفهم بمجرّد وقف التمويل ـ أو صدور قرار بذلك من مرجعياتهم، ولا يبدو ذلك بعيداً، فالهزيمة التي تلحق بالمجموعات التكفيرية من ناحية، والقناعة الدولية باستحالة نجاح المشروع من ناحية ثانية سيتكفلان بدفع الحلول السلمية – الدفع باتجاه حوار سوري سوري، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ مجموع المعارضات الخارجية والدول الداعمة لها لا تملك فرض قراراتها على المجموعات المقاتلة على مسمّياتها، والتي ساهم الغرب وبعض العرب بدفعها إلى الساحتين السورية والعراقية لغاية التخلص منهم أولاً، وتخريب الدولتين اللتين إذا ما اتحدتا تشكلان مع عمقهما الاستراتيجي في إيران الخطر الأكبر على المشروع الصهيوني ووجوده على أرض فلسطين، سورية والعراق ليستا من تعهد بحماية الكيان الصهيوني «حتى تصيح الساعة»، فهل يذكر ذلك الضاهر وجماعته فلا يمارسون الكذب والتحريض المذهبي ويدعون أنّ «أهل السنة مظلومون في سورية»! السوريون جميعهم من السنة وهم يعانون من تدخلكم وخدمتكم للوهابية – الماسوصهيونية، لقد خرّبتم حمص وأجمل ما في دمشق غوطتها وأصبحت حلب في عداد المدن المنكوبة، تهدّمت نصف أحياء دير الزور والرقة وإدلب، ونهب «المجاهدون» الأتراك ثروة أهل حلب مصانعها ومواسم أهل الجزيرة من الحبوب والأقطان، وألحق «الثوار المزعومون أفدح الأضرار بالبنية التحتية الجامعات والمدارس ومحطات الكهرباء والمياه والطرق والجسور وصوامع الحبوب الخ… ونهبوا ثروة الشعب السوري نفطه وبعد هذا تقولون إنكم تدافعون عن الشعب السوري الذي يطلب «الحرية»! وهو كان يعيشها واقعاً وحقيقة في الوقت الذي أيديكم مغلولة إلى العنق، بل إن في أعناقكم ربقة … أنتم أحوج إلى الحرية بما تمثلونه من عبودية!