تقرير
تناولت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية الأحداث التي تشهدها جمهورية مقدونيا خلال الأيام الأخيرة، وتشير إلى أنها بداية لـ«ثورة ملوّنة» جديدة. وممّا
جاء في المقال:
كان من المنتظر أن يلتقي يوم أمس زعماء أربعة أحزاب رئيسة في مقدونيا، في محاولة منهم لتسوية الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ تأسيسها. زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض زوران زايف، الذي يقود حملة الاحتجاجات المعارضة للحكومة، يطالب باستقالة رئيس الحكومة نيقولاي غرويفسكي. فهل ما يجري في مقدونيا «ثورة ملوّنة»، أم الخوف من ألبانيا الكبرى، أم هو انتقام من موقف سكوبيا عاصمة مقدونيا المناصر لروسيا، أم أنّه «السيناريو الأوكراني» الذي يهدّد دول البلقان؟
أعلن زعيم المعارضة زايف، أنّ المحتجين لن يغادروا المخيم الذي أقاموه في العاصمة سكوبيا، إلا بعدما يقدّم غرويفسكي استقالة حكومته. وردّاً على ذلك، نُظّم في العاصمة اجتماع حاشد لمساندة الحكومة.
بدأت ملامح عدم الرضا عن عمل حكومة غرويفسكي في نهاية كانون الثاني الماضي، عندما كشفت المعارضة المكالمات الهاتفية التي تؤكّد فساد الحكومة بحسب زعمها وانتهاكها حقوق الإنسان والتدخل في عددٍ من مجالات الحياة العامة.
من ناحيته، فنّد غرويفسكي هذه الاتهامات، واتهم زايف بالتآمر مع استخبارات دولة أجنبية وتنظيم انقلاب.
توترت الأوضاع السياسية أكثر في الأسبوع الماضي، عندما هاجمت مجموعة كبيرة مسلحة مدينة كومانوفو، ما اضطر رجال الشرطة للقيام بعملية مضادة استمرت ليومين، قتل خلالها ثمانية من رجال الشرطة و14 من المسلحين. هذه العملية استغلّها زايف ليصبّ الزيت على النار ويعلن أنّ هذه الأحداث المأسوية دفعت السلطات إلى رفع شعار الوحدة الوطنية، لمواجهة «الانقلاب»، وإلى نشر الذعر بنشوب نزاع عرقيّ، لأن أحداث كومانوفو تشبه تلك التي حدثت عام 2001 عندما كادت المواجهة بين قوات حفظ النظام وبين مقدونيين من أصول ألبانية أن تتطور إلى حرب أهلية.
يشارك بعض المراقبين خوف غرويفسكي من ألبانيا الكبرى. قسطنطين سيبتشيف لا يستبعد في مقال تحليليّ نشرته صحيفة «ستاندارت» البلغارية، أن تؤدّي الأحداث إلى تقسيم البلاد. وبحسب قوله، من المنتظر إعلان قيام «جمهورية إيليريد» التي ستنضمّ إلى ألبانيا سوياً مع إقليم كوسوفو.
من جانب آخر، يعتبر المقدونيون المعادون للغرب، أنّ الإرهاب الألباني تلهمه الولايات المتحدة. كما أن البيان الصادر عن الخارجية الروسية في شأن أحداث مقدونيا، يلمّح إلى «ثورة ملوّنة». في موسكو لا يستبعدون محاولة الغرب زعزعة أوضاع مقدونيا بسبب موقفها المناصر لموسكو ورفضها فرض العقوبات على روسيا، وكذلك دعمها مشروع غاز «السيل التركي».
أما المحللون الألبان، فيشيرون إلى خطر «سيناريو أوكرانيا» في البلقان، ولكن بحسب المفهوم الغربي. يقول عضو أكاديمية العلوم الألبانية غزوفالين شكورتاغ: يمكن أن يتوسع النزاع في مقدونيا ليشمل صربيا وكوسوفو وألبانيا وبلغاريا، أي أنّ عدم الاستقرار في المنطقة يمكن أن يكون مبرّراً لتدخل روسيا بحجة حماية صربيا حليفها الاستراتيجي في البلقان.
من ناحيته، يردّ على ذلك بافل كانديل من معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أنّ تلميح بيان الخارجية الروسية إلى وجود علامات لـ«ثورة ملوّنة» في أحداث مقدونيا أمر صحيح فعلاً، ولكن لا يمكن الجزم في نيّة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الاطاحة بغرويفسكي، «طبعاً من مصلحة الغرب ألّا تدعم مقدونيا مشروع السيل التركي، ولكنني من جانب آخر، لا أعتقد أنّ غرويفسكي سياسي مناصر لروسيا، وأنّ زايف معادٍ لها. غرويفسكي خلال عشر سنوات ينتهج سياسة تلبّي مصالح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في حين زايف يريد السلطة، لأنّ حزبه لن يتمكن من العودة إلى السلطة عن طريق الانتخابات، لذلك اختار طريق الضغط على الحكومة محاولاً الاطاحة بها».
كما لا يستبعد كانديل تقسيم مقدونيا، على رغم أنّ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيعملان كل ما في وسعهما لمنع ذلك. ويقول: «عام 2001 مُنع نشوب حرب أهلية بتوقيع اتفاقية أوهريد، التي فتحت الطريق أمام الألبان للوصول إلى السلطة. طبعاً الألبان يحلمون بدولة موحّدة، لذلك أشكّ في أنهم سيحاولون زعزعة الأوضاع ويتشاجرون مع الغرب. أعتقد أنّ البلاد ستتمكن هذه المرّة أيضاً من تجنّب الانهيار».
أما في شأن التدخل الروسي فيقول: «لدى روسيا من دون هذا مشاغل عدّة، لذلك لن ترغب في تحمّل مشكلة إضافية».