حدث معي
حدث معي
دخلت على رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ودخل علينا الحديث حول سلسلة الرتب والرواتب، وما لها وما عليها وحكاياتها المتشعبة كحكايات «الحيايا»، كما يقول «أهل القرايا» لا «أهل السرايا»، وفجأةً، أراد الرئيس برّي أن يقدّم رؤيته لخلفية الصراع الناشب حول السلسلة، فقام إلى خلف مكتبه وفتح ملفاً وأخرج ورقة وأخذ يقرأ: «لا يمكن لبلدنا أن يستمرّ على طريقة اقتصادنا الحالية… الناس يخرجون في الشوارع ويرون السلع التي يريدون شراءها أمامهم ولا يستطيعون نيلها… التفاوت بين الطبقات يتّسع ويكبر… لا بدّ من إصلاحات جذرية لاقتصادنا تعيد له التوازن، وإلا افتقد الاقتصاد أمنه وأمانه». ونظر الرئيس برّي إلى تقاسيم وجهي التي بدت عليها الدهشة بنظرة انتظار أن أكتشف صاحب الكلام، وهو يتوقع طبعاً اسماً معيناً يبدو أنني أصبت فيه التوقع، فقلت: «الإمام موسى الصدر»، فتبسّم بنشوة المنتصر الذي قبض على خصمه ونجح فخه في استدراجه، متابعاً: «من حقك أن تقول الإمام الصدر، لكنه الرئيس الأميركي روزفلت، محذّراً من ثورة اجتماعية ينتجها التعالي والاستخفاف بغضب الفقراء، وأنا مؤمن بأننا في وضع مشابه لما وصفه روزفلت، ومؤمن بأنّ علينا أن نفعل ما فعله، وأنا مصمّم على ذلك لأنّ قضية السلم الأهلي أولاً وأخيراً هي قضية سلم اجتماعي، وبغضّ النظر عن كيف ومتى تنتهي السلسلة، أنا مواصل السير على طريق الإصلاح الاقتصادي وبوابته الاصلاح الضرائبي».