مرويّات تاريخيّة
لبيب ناصيف
بتاريخ 21/06/2013، واستنادا الى الكتيب عن مدرسة النظام الجديد في بلدة السودا طرطوس الذي تسلّمناه من المربي، والقومي الاجتماعي القدوة بتجسيده فضائل النهضة، الرفيق عفيف خوري، عمّمنا نبذة غنية عن «مدرسة النظام الجديد» التي كان لها دورها التربوي والقومي الاجتماعي في بلدة السودا ومحيطها.
وباهتمام من الأمين الدكتور فايز شهرستان ومساهمة جدية من الرفيقة نبيلة صباغ، أمكننا الحصول على معلومات تضيء على ثانوية «حزور» في مشتى الحلو، وهي إحدى مدارس الحزب في الشام التي تأسست في أوائل خمسينات القرن الماضي.
قبل ذلك كانت الرفيقة سوسن رفقة قنيزح قد أفادتنا بتاريخ 11/1/2013 أن أحد الشيوعيين في بلدة العيون، وكان أسس مدرسة خاصة في المشتى، كان يعامل الطلبة القوميين فيها بطريقة مغايرة لتعامله مع الطلاب الآخرين 1 جعل الطلبة القوميين وأصدقاءهم يتوقفون عن الحضور الى المدرسة.
ما إن وصل الخبر الى مركز الحزب، وكان عميد الداخلية حينذاك الأمين الياس جرجي يترأس لجنة تشرف على المدارس التي راح ينشئها الحزب في مناطق مختلفة من الشام، فقد بادر الأمين الياس الى تنظيم دورات لتدريس الطلاب المنقطعين عن المدرسة، في منازل متفرقة في البلدة. وكان الأساتذة القوميون الاجتماعيون يتنقلون من بيت الى آخر لإعطاء الدروس.
تقول الرفيقة نبيلة صباغ، استناداً الى مرويات رفقاء في مشتى الحلو:
تأسست ثانوية حزّور في العام الدراسي 1951-1952 بعد افتتاح ثانوية ابن خلدون من قبل أحد الشيوعيين قبل فترة وجيزة.
سميت المدرسة بثانوية حزّور، مع أن موقعها كان داخل بلدة مشتى الحلو، وذلك لتبعية المشتى إدارياً لناحية حزور آنذاك، التابعة بدورها لمحافظة اللاذقية.
أخذت حزّور أهميتها كونها مركز السلطة العثمانية في المنطقة آنذاك وكانت ساحة حزور تدعى السرايا.
في البداية استُئجر منزل الياس العيسى للمرحلة الإعدادية ومنزل المعلم داود الحلو للمرحلة الثانوية، بعد فترة انتقلت المدرسة الى منزل بدري الحلو 2 . وبدأ التدريس فيها بعض المعلمين من أبناء المنطقة، وبينهم:
– الأستاذ غفرائيل سلوم للغة العربية 3
– الأستاذ عبد الله كوزاك الذي هاجر الى البرازيل لاحقاً 4
واستقدم أساتذة آخرون مثل:
– كمال أبومصلح للغة العربية 5
– أنيس أبي رافع من لبنان للعلوم 6
– دعاس ناصيف من قرية «مقلس» 7
كانت الإدارة للرفيق فهمي شريح من فلسطين 8 ودرّس لبعض الوقت مادة اللغة الإنكليزية.
حاولت السلطات الشامية إقفالها أواخر عام 1953 بحجة عدم وجود ترخيص، فقام العقيد خليل الحلو وهو رفيق بتقديم رخصة باسمه ليضمن استمرار عمل المدرسة على أساس انه حائز ليسانس في العلوم العسكرية وتم ذلك، واستمر التدريس في المدرسة حتى حادثة المالكي يوم أقفلت السلطات باقفال المدرسة ولوحق المدير الرفيق فهمي شريح وبعض الأساتذة والطلاب القوميين الاجتماعيين .
يضيف الرفيق أنيس أبو رافع اسمي المدرّسين الرفيق خليل حداد 9 ، والمواطن جبرائيل جبور من بلدة مصياف وكان يدرّس مادة الرياضيات، ويفيد أنه، والأمين عبد الله كوزاك، كانا يغطيان الدروس في المشتى أيام الاثنين، الثلاثاء والأربعاء من كل أسبوع، ثم يتوجهان سيراً على الإقدام الى مرمريتا لاعطاء الدروس في «ثانوية النهضة» أيام الخميس والجمعة والسبت.
هوامش:
1 في تلك الفترة كان ثمة صراع مع الحزبين الشيوعي والبعث الاشتراكي.
2 والد الصحافي والكاتب عدنان الحلو الذي اقترن من الرفيقة سهيلة ابنة الأمين عادل يعقوب العجيمي.
3 الرفيق غفرائيل سلوم، من مشتى الحلو، كان يعتبر حقاً «راعي العمل الحزبي» في منطقة حزور. كان ناظراً للمالية ويملك علاقات عامة ممتازة. كان موثوقاً جداً مالياً رغم فقره المعلومات من الرفيق أنيس أبو رافع .
4 الرفيق عبد الله كوزاك، من نبع كركر، انتقل الى لبنان بعد حوادث المالكي. نشط في عمدة الدفاع وفي المواقع العسكرية. كان ضابطاً وقومياً اجتماعياً ممتازاً. غادر الى البرازيل واستقر في العاصمة برازيلياً مستمراً على نشاطه الحزبي وحضوره القومي الاجتماعي حتى وفاته. منح رتبة الأمانة.
5 كمال أبو مصلح، مواطن صديق من بلدة «عين كسور»، قريب للأمين شكيب أبو مصلح.
6 الرفيق أنيس أبو رافع، تولى في الحزب مسؤوليات مركزية عديدة، خاصة في عمدة الإذاعة، وكان مندوباً مركزياً في أكثر من منطقة في لبنان. أسس «ثانوية الأرز النموذجية» في عاليه.
7 الرفيق دعاس ناصيف، تولى في الحزب مسؤولية ناموس عمدة الإذاعة، الى مسؤوليات أخرى، محام. شقيقته الأمينة الراحلة أدما ناصيف حمادة.
8 الرفيق فهمي شريح، من ترشيحا فلسطين كان منفذاً عاماً لمنفذية حزور، شقيقه الرفيق الإعلامي عصام شريح هاني شقير في أدبيات الحزب
9 الرفيق خليل حداد، من بلدة بسكنتا، غادر الى واشنطن، وله فيها نشاط جيد، حزبياً وفي الجالية.
منفذ عام حزور الرفيق ابراهيم الأفيوني
من الرفقاء الذين كان لهم نضالهم، ومسؤولياتهم في الوطن، وفي كل من الأرجنتين والبرازيل إذ غادر، اليهما، رفيق قلما سمع به القوميون الاجتماعيون الحديثو الانتماء، هو ابراهيم الأفيوني.
ولأننا لا نملك الكثير من المعلومات التي تضيء على السيرة الشخصية والمسيرة الحزبية للرفيق الأفيوني رغم محاولات مستمرة وحثيثة، فإننا نكتفي بما لدينا عنه، حتى تاريخه، على أمل أن نحصل من ابنه الرفيق عمر المقيم في أنابوليس- الوسط البرازيلي- أو من غيره من رفقاء، على ما يفي الرفيق ابراهيم الأفيوني حقه، كمناضل حزبي حقيقي.
يقول الرفيق سليم بيطار منفذية صافيتا في تقرير له بتاريخ 21/5/2002 إن قريته «بقرعوني» المجاورة لمشتى الحلو عرفت الحزب عن طريق الرفيق ابراهيم الأفيوني الذي كان يتولى مسؤولية منفذية حزور مشتى الحلو- الكفرون بدادا نبع كركر… .
عام 1949 قام الرفيق الأفيوني بزيارة القرية، وراح يشرح لمجموعة من شبابها مبادئ الحزب، بما تميز به من بلاغة وعمق عقائدي، فانتمى الرفيق سليم، مع عدد من الرفقاء، يذكر منهم: جبران فتوح، نديم بيطار، حنا فتوح، منير جبور، يوسف قبلان، وقد انتظم هؤلاء بمديرية باسم مديرية «الزوبعة» تولى مسؤوليتها الرفيق منير جبور حتى إذا غادر الى المهجر 1 تعين الرفيق جبرا فتوح مديراً، والرفيق يوسف قبلان من كفرون سعاده ناموساً، فيما تولى الرفيق سليم بيطار مسؤولية مدرب.
ولد الرفيق ابراهيم سليمان الأفيوني في بلدة «بيت بدره» الكفرون اقترن في الأرجنتين من امرأة أرجنتينية، مارغريتا وأنجب منها: الرفيق عمر 2 جورج 3 أنجيليو مجاز في الجيولوجيا ودياب طبيب وهما بقيا في الأرجنتين ولم يلتحقا بوالدهما عندما غادر الى غويانيا في البرازيل.
لم يتسنّ لي أن التقيت الرفيق ابراهيم الأفيوني، إذ كانت وافته المنية قبل أن أصل إلى البرازيل. إنما سمعت الكثير من الإطراء عنه من رفقائنا في غويانيا، تلك المدينة وسط البرازيل التي نشأت فيها أكثر مديريات البرازيل نشاطاً وانتظاماً وحضوراً في الجالية، وإني ما زلت أذكر بكثير من المحبة والتقدير الراحلين منهم: مديرها لوقت طويل، الأمين ابراهيم حنا الخوري، والرفقاء الأب ميشال الخوري، حسن أبو صالحة، صالح حجاز، وديع القاضي، نواف وعز الدين العسل، فرج كريشة، مريانا، انتصار وناصر الخوري، الياس هزيم، حنا خوري، آملاً في أن أكتب عنهم وعن مديرية غويانا، بما كان لها من حضور حزبي مشع.
يروي ابن شقيقه، جبرا الأفيوني أن عمه الرفيق ابراهيم كان متفانياً في خدمة الحزب، ويعلم أنه باع قطعة أرض مشجرة بالزيتون في بيت بدره الكفرون الى السيد جمال سرحان، ليسدد ما يلزم لفتح مدرسة للحزب في مشتى الحلو مطلع خمسينات القرن الماضي، ودعيت بـ «ثانوية حزور».
هوامش:
1 غادر الرفيق منير جبور الى غويانيا الوسط البرازيلي ونشط فيها وبقي قومياً اجتماعياً حتى آخر زفرة من حياته.
2 تعرفت عليه في أنابوليس التي كان فيها على ما أذكر الرفقاء جرجورة بيطار، خالد كوزاك، فدى الأحدب، راجح والياس وراغب عوض، لويس وجهينة بشور، نجيب عازار، وتولى الرفيق عمر مسؤولية مدرب في مديريتها.
3 يفيد عنه ابن عمه، جبرا الأفيوني، أنه فقد ولم يعد يعرف عنه شيء بعد التحاقه بالخدمة العسكرية في الأرجنتين.
رئيس لجنة تاريخ الحزب