أخيراً رضخت واشنطن لإرادة غالبية العراقيين
حميدي العبدالله
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون عدم معارضتها مشاركة الحشد الشعبي في تحرير مدينة الرمادي ومحافظة الأنبار من سيطرة «داعش». ومعروف أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة كانوا يعارضون الاستعانة بالحشد الشعبي الذي يسمّونه «الميليشيات الشيعية»، في حين عندما يتحدّثون عن «داعش» يسمّونها تنظيم «الدولة الإسلامية» أي الاسم الذي أطلقته على نفسها.
كان واضحاً منذ استعادة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين، أنه لا يمكن تحرير العراق من تنظيم «داعش» من دون الاستعانة بالحشد الشعبي وكان على الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة أن يختاروا واحداً من أمرين: إما التسليم بسيطرة «داعش» على الأنبار بكاملها، والاستمرار بالسيطرة على محافظة نينوى وعاصمتها مدينة الموصل، وتهديد محافظتي كركوك وأربيل، وإما الاستعانة بالحشد الشعبي.
لعبة توظيف «داعش» لإضعاف قوى الحشد الشعبي والقوى التي تعارض عودة النفوذ الأميركي إلى العراق، قد أفلست ووصلت إلى طريق مسدود، حيث لم يعد هناك خيارٌ ثالثٌ، لا سيما أنّ القوى التي تراهن عليها واشنطن للوقوف في وجه «داعش»، سواء الجيش العراقي، أو رجال العشائر، وتحديداً الموالين للولايات المتحدة والمرتبطين بدول المنطقة حليفة الولايات المتحدة، تبخرت ولم يعد لها وجود، فهي غير قادرة على الدفاع عن المواقع التي تتواجد فيها في الأنبار، وبالتالي هي عاجزة عن تحرير المناطق التي سيطر عليها «داعش».
جاءت سيطرة «داعش» على كامل مدينة الرمادي، وبالتالي اقتربت لحظة سيطرته على كامل محافظة الأنبار ليبعث برسالة حازمة نهائية، إما الاستعانة بـ»الحشد الشعبي»، وإما مغادرة النفوذ الأميركي ونفوذ دول المنطقة بالعراق بشكل كامل لصالح تنظيم «داعش»، الذي إذا عزز سيطرته على الأنبار لن يكتفي بمهاجمة مناطق قوى «الحشد الشعبي»، وهو يدرك ما لديها من قدرات، بل سوف يتوسع باتجاه المناطق الرخوة، أو الخاصرات الرخوة، مثل كركوك وأربيل، وحتى داخل الأردن، وداخل المملكة العربية السعودية، الأمر الذي عندها قد يحتم على الولايات المتحدة إرسال قوات برية إلى الأردن والسعودية لمواجهة «داعش»، وحصر تمدّده مع ما يترتب على ذلك من عودة جديدة للغوص في رمال العراق المتحركة، ولأنّ الولايات المتحدة غير مستعدّة لإرسال قوات برية إلى المنطقة، وهذا ما أعاد التأكيد عليه الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية عندما سئل عن احتمالات إرسال قوات برية، كان الخيار الأقلّ كلفة هو خيار الاستعانة بالحشد الشعبي، ورفع الفيتو عن مشاركته في تحرير محافظة الأنبار، مع ما ينطوي عليه ذلك من نتائج وتداعيات قد لا ترضى عنها الولايات المتحدة وشركاؤها من دول المنطقة.