بوغدانوف: بيان جنيف هو الوثيقة السياسية الأساس
أختتم أمس في العاصمة البريطانية لندن مؤتمر «أصدقاء سورية» أعماله، حيث اتفق المجتمعون على اعتبار الانتخابات الرئاسية المقبلة في سورية غير شرعية، ودعوا في بيانهم الختامي المجتمع الدولي إلى رفض هذه الانتخابات على غرار ما فعلت الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا.
ما يسمى «أصدقاء سورية» اتفقوا أيضاً على زيادة الدعم لمن سمّوهم «المجموعات المعتدلة»، إضافة لمنح ممثلية «الائتلاف المعارض» في لندن صفة بعثة دبلوماسية، لتكون بريطانيا ثاني دولة أجنبية تمنح هذه الصفة لـ«الائتلاف» بعد الولايات المتحدة.
وشارك في اللقاء وزراء خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والسعودية وقطر وتركيا والأردن، إلى جانب نائبي وزيري خارجية مصر والإمارات العربية المتحدة.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمر صحافي أعقب الاجتماع، إن «بلاده ترفض الانتخابات التي دعا إليها الرئيس السوري بشار الأسد، مشيراً إلى أن «هذه الانتخابات لا يمكن أن تكون شرعية في هذه الظروف»، معتبراً أنها «إهانة للشعب السوري وللعالم».
وأضاف كيري: «أنه اطلع على معلومات أولية تشير إلى أن الجيش السوري استخدم غاز الكلور أثناء العمليات العسكرية. ومشيراً إلى أن «هذه المعلومات لم تتأكد بعد. وقال: «لقد اطلعت على المعلومات الأولية التي تشير إلى أنه قد يكون هناك استخدام لغاز الكلور، كما أشارت فرنسا لذلك»، مؤكداً في الوقت ذاته أن البيانات لم تتأكد بعد».
وأوضح الوزير الأميركي: «أن بلاده اتفقت مع حلفائها على تعزيز الدعم لـ«المعارضة السورية»، لكنه لم يؤكد ما إذا كان ذلك سيشمل تسليحها. وأشار إلى أنه «منفتح على فكرة تقديم هذه المساعدة عبر أي وسائل، لكن لم يتم اتخاذ قرار بعد بتغيير استراتيجية المساعدة الأميركية للمعارضة». وبدوره أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن بلاده ستقدم دعماً للمعارضة بقيمة 30 مليون جنيه استرليني.
يأتي ذلك في وقت دعا ميخائيل بوغدانوف مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية إلى «عدم إضاعة الوقت وتحديد موعد لجولة مفاوضات جنيف الثالثة الخاصة بتسوية الأزمة السورية».
وأوضح بوغدانوف أنه «كان من الضروري تحديد موعد الجولة الثالثة منذ مدة طويلة، والاجتماع في جنيف. من المهم عدم إضاعة الوقت، لأن هذا الفراغ يملأه المتطرفون».
من جانب آخر، قال بوغدانوف إن اجتماع «مجموعة أصدقاء سورية» في لندن ليس هو ما ينتظره الجانب الروسي من شركائه الغربيين والعرب، معللاً أن الوثيقة السياسية الأساس الخاصة بتسوية الأزمة السورية تتمثل في بيان جنيف، مشدداً على أن هذه الوثيقة تكونت في أحشاء «مجموعة العمل» التي تضم في شكل خاص روسيا والصين وتركيا والاتحاد الأوروبي، مضيفاً: «نأمل بأن نواصل في إطار هذه المجموعة تجسيد بيان جنيف الذي افترض بداية واستمرار المفاوضات بين السوريين. للأسف أضعنا الكثير من الوقت».
ولفت المسؤول الروسي إلى أن «مجموعة أصدقاء سورية» تدعم فقط «الائتلاف» المعارض، موضحاً أنه «على رغم كونه الأكبر، لكنه ليس بأي حال من الأحوال هيئة المعارضة الوحيدة».
أما الصين فقد دعت على لسان المتحدثة باسم وزارة خارجيتها هوا تشون يينغ، الأمم المتحدة إلى تعيين وسيط جديد خاص بسورية بأسرع ما يمكن، ومواصلة السعي لتحقيق عملية التسوية السياسية من أجل المساعدة بحل الأزمة السورية.
وفي وقت سابق أعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أن اللقاء الثلاثي بين روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة حول سورية يمكن أن يعقد بعد تعيين مبعوث جديد خاص بتسوية الأزمة في هذا البلد.
وأضاف غاتيلوف: «إنه ما زال غير معروف من الذي سيحل محل المبعوث السابق الأخضر الإبراهيمي، مشيراً إلى ضرورة أن يكون المبعوث الجديد «رجلاً سياسياً مرموقاً مقبولاً لدى الحكومة السورية ولدى المعارضة على حد سواء، كي يكون في استطاعته دفع عملية التسوية إلى الأمام»، موضحاً أنه «لا يتوقع استئناف المحادثات قبل تموز المقبل».
إلى ذلك، شدد بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية أمس على عدم جواز تجاهل المعطيات المنجزة خلال فترة تولي الإبراهيمي مهماته كمبعوث خاص إلى سورية أو التخلي عنها، مذكرةً بعدم وجود بديل لها.
وأضاف البيان أن «دمشق جاهزة لمواصلة المفاوضات، ومن الضروري أن يكون الحل السياسي هدف المعارضة السورية فعلياً وليس الطلب الدائم من مموليها الخارجيين تزويدها بأكثر أنواع الأسلحة فتكاً».
وخلص البيان إلى أن «موسكو ستعمل بنشاط، من الآن فصاعداً، بهدف استئناف عملية جنيف، كما دعا شركاء موسكو الدوليين إلى الانضمام إلى هذا العمل، معبّراً عن أمله في أن تتواصل جهود الأمم المتحدة الخاصة بمساعدة ومواكبة المفاوضات بين السوريين».
إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش أن الانتخابات الرئاسية المرتقبة في سورية من شأنها أن تصبح خطوة مهمة في طريق الحفاظ على مؤسسات الدولة، وتلبية التطلعات المشروعة لمواطني البلاد، ومواصلة الجهود المثابرة لإيجاد حل سلمي للأزمة المطولة في سورية في أسرع وقت ممكن.
هذا ولم يستبعد لوكاشيفيتش حضور ممثلين عن البرلمان الروسي إلى سورية لمتابعة عملية الاقتراع، مضيفاً: «إن الأهم هو ضمان أمن المراقبين الأجانب، فهناك مشكلات جديدة في هذا الخصوص، لكنني آمل في أنها ستحل». كما لفت إلى «ضرورة ضمان أن تجرى الانتخابات بصورة شفافة وبما يتطابق مع معايير الديمقراطية، وذلك على رغم الظروف الصعبة جداً في البلاد».
واعتبر لوكاشيفيتش «أن تصريحات الساسة الغربيين بخصوص سورية مفهومة بما فيه الكفاية، ولكنهم لا يعربون سوى عن رأيهم بما يجب أن يجري»، لافتاً إلى «أن هناك مهمات جدية جداً مطروحة حالياً لحل الأزمة السورية. ومن المهم حالياً إدراك كامل المسؤولية عن أن هذه العملية أخذت تتلكأ وإذا لم تكن هناك عملية سياسية فذلك يعني استمرار إراقة الدماء في سورية».
وتابع لوكاشيفيتش: «لقد سبق لي أن أشرت إلى بعض الأمثلة عما تقود إليه أعمال المعارضة السورية، ويقلقنا جداً أن المجموعات الأكثر تطرفاً في هذه العملية تتصارع في ما بينها في مختلف مناطق البلاد ما يسفر عن ازدياد معاناة السكان المدنيين الذين لا يقتصر الأمر على وقوعهم ضحايا لهذه المجموعات المتطرفة، بل وتزداد حياتهم سوءاً جراء ذلك في جوانبها الاقتصادية والمعيشية والإنسانية».
كما عبّر الدبلوماسي الروسي عن ارتياح بلاده لعملية تدمير الترسانة الكيماوية السورية، وأضاف: «لقد تم في سورية حتى اليوم تدمير الأجهزة الرئيسية لإنتاج الأسلحة الكيماوية وكل الذخائر غير المحشوة بالمواد الكيماوية». كما انتهى نقل غاز الخردل، وهو المادة السامة الوحيدة الجاهزة للاستخدام. وفي أصعب ظروف الأعمال الحربية المستمرة تم نقل 92.5 في المئة من جميع عناصر الأسلحة الكيماوية إلى خارج البلاد». وتابع: «يتطلب إنهاء العملية واتخاذ خطوة مهمة واحدة، وهي نقل كمية طفيفة من الكيماويات السامة من مستودع تحاصره الآن المعارضة المسلحة».