تقرير
تناولت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية، إعلان الصين في كانون الثاني الماضي، استثمار 250 مليار دولار في بلدان أميركا اللاتينية. وجاء في المقال: بكين تبهر أميركا اللاتينية، ففي كانون الثاني الماضي، وعدت باستثمار 250 مليار دولار هناك. والآن بدأت زيارة رئيس الحكومة الصينية، لي تشيانغ إلى البرازيل، تأكيداً على نيّة الصين تنفيذ وعود الاستثمارات هذه، في مجال النقل والمشاريع المشتركة، وشراء الطائرات.
أهم هذه المشاريع، إنشاء خط السكك الحديدية الذي يربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ. وتنفي وسائل الإعلام الصينية أن يكون هدف زيارة تشيانغ إلى هذه الدول، إضعاف تأثير الولايات المتحدة الأميركية، إذ تؤكد وكالة «شينخوا» الصينية أنّ هذه الافتراضات لا أساس لها. وليس لدى الصين النيّة في منافسة أيّ كان في هذه القارة.
ولكن المبالغ الهائلة التي تنوي الصين استثمارها في الدول الأربع: البرازيل والبيرو وتشيلي وكولومبيا، التي سيزورها رئيس الوزراء الصيني، تشير إلى أنّ «البزنس» الصيني ينوي تعزيز موقعه هناك. وأن ما يؤكد ذلك، ما أعلِن بعد لقاء تشيانغ ورئيسة البرازيل ديلما روسيف، عن نيّة الصين بناء المصانع في هذا البلد لإنتاج المعدّات وإنشاء البنية التحتية، وأيضاً شراء طائرات مدنية من إنتاج البرازيل.
مع كل هذا، يعتبر مشروع مدّ خط السكك الحديدية الذي سيربط ساحل المحيط الأطلسي بميناء على ساحل المحيط الهادئ في بيرو، ويمرّ عبر غابات الأمازون أو تحت سلسلة جبال الآنديز، من أهم المشاريع الاستثمارية المفاجئة. تقدّر كلفة المشروع بـ 50 مليار دولار، وغالبية العمال الذين سيعملون في تنفيذ المشروع سيكونون من مواطني البرازيل.
إن إنشاء هذا الخط، يسمح بتقليص زمن نقل المواد الخام إلى الميناء ومنه إلى الصين وكذلك الكلفة. وتقول صحيفة «الشعب» الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني: يهدف المشروع إلى تخفيض كلفة البضائع البرازيلية في الصين. كما أنه يتماشى وخطة الصين لتصدير خبرتها في مجال إنشاء الطرق السريعة.
من ناحيتها، تشير صحيفة «تلغراف» البريطانية، إلى أنّ إنشاء هذا الخطّ سيواجه معارضة شديدة من قبل حماة البيئة والسكان الأصليين. وقد عبّروا عن استيائهم من إنشاء ثالث أكبر سدّ في العالم على الأمازون. ويؤكد الناقدون أنّ إنشاء السدّ حرم السكان الأصليين من مناطق سكنهم.
من ناحية أخرى، تعاني البرازيل من ركود اقتصادي لم تشهد مثيلاً له منذ 25 سنة. لذلك، فإن الاستثمارات الصينية ستساهم في تنشيط الاقتصاد البرازيلي وتحسين البنى التحتية.
فما هو سبب هذا النشاط المكثّف لرجال الأعمال الصينيين في هذه القارة البعيدة؟
يقول نائب مدير «معهد الشرق الأقصى الروسي» آندريه أوستروفسكي: «بين الصين والبرازيل علاقات وثيقة ضمن مجموعة بريكس. حجم التبادل التجاري بينهما كبير، ويمكن مقارنته بحجم التبادل التجاري مع روسيا. الصين تعمل في تلك البلدان إذ يمكنها الحصول على المواد الخام. البيرو وتشيلي وكولومبيا تملك مكامن خامات المعادن الملونة، التي تحتاج إليها الصين. فمثلاً، تشيلي غنية بخامات النحاس والنيكل. كما أن الصين تستورد سنوياً 900 مليون طنّ من خامات الحديد».
ويضيف: أمّا ما يخصّ إنشاء خط السكك الحديدية، فأعتقد أنّهم سيمدّون هذا الخط أسرع من مدّ خط موسكو ـ قازان. للصين خبرة في هذا المجال، إذ إنها تنشئ مثل هذه الطرق في جنوب شرق آسيا ضمن مشروع طريق الحرير.
ويختم أوستروفسكي حديثه قائلاً: تملك الصين احتياطياً هائلاً من النقد الأجنبي، فهي تستثمر في الخارج سنوياً زهاء 106 مليارات دولار. لذلك تنظر الولايات المتحدة الأميركية بقلق إلى ظهور هذا المنافس القويّ لها. ومع ذلك، سيكون من الصعب وقف توسّع التأثير الصيني.