نيجيريا مطالبة بإصلاحات لاقتلاع جذور الإرهاب
يتمثل أحد الجوانب الأكثر إثارة للقلق في حملة الإرهاب التي شنتها «بوكو حرام» في شمال أفريقيا في السنوات الأخيرة في مشاعر الثقة التي بدت أنها تعتري قادتها بأنهم بعيدون من متناول أي عقاب من جانب أي سلطة.
وفي أعقاب الغضب العالمي جراء خطف أكثر من 200 تلميذة جرى انتزاعهن من أماكن مبيتهن ليلة 14 نيسان الماضي، عربد مسؤول بوكو حرام أبو بكر شيكاو وأزبد في صيته السيئ. وفي شريط فيديو نشر على الإنترنت كان يضحك وهو يقر بمسؤوليته عن الفظائع وهدد ببيع الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين الثامنة والخامسة عشرة، كعرائس في سن الطفولة.
وفاقم هذا الإعلان اشمئزاز الكثيرين من تلك المجموعة التي تتسم بحجم أنشطتها ووحشيتها في غرب أفريقيا، فقد تمكنت «بوكو حرام» من إزهاق ألوف الأرواح على الأقل منذ عام 2009 في حملة إجرام شهدت تحويل بلدات وقرى إلى دمار في جميع أنحاء شمال شرقي نيجيريا الفقيرة.
لكنّ هناك شعوراً بأن بوكو حرام قد بالغت في غيّها هذه المرة، واختيار المتشددين للهدف كان مؤثراً في شكل خاص. وازدهار المجموعة كان سببه عدم اكتراث الحكومات المتعاقبة في العاصمة أبوجا، وهو الأمر الذي لا يغتفر.
وكانت نيجيريا لفترة طويلة أمة منقسمة على نفسها بتصدعات عرقية واقتصادية ودينية. وهذه الانقسامات مستمرة، وهي ليست ثنائية كما يجري تصويرها في معظم الأحيان، بين شمال مسلم وجنوب مسيحي. فعلى رغم أن «بوكو حرام» تعمل أساساً في الشمال، إلا أن حملتها تدفقت إلى أجزاء أخرى من البلاد.
والهجوم على مكاتب الأمم المتحدة في أبوجا في عام 2011 كان أول هجوم كبير على العاصمة التي تقع في وسط نيجيريا جغرافياً. وتبع ذلك سلسلة من السيارات المفخخة لمحطات حافلات ما خلف عشرات القتلى.
ومع ذلك، فعلت الحكومة القليل في إطار الرد عليها حتى عندما وصلت أخبار خطف طالبات المدارس إلى مسامع الناس، في موقف محير بقدر أنه لا يغتفر. ولقد أخفق الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان في القيام بما يطمئن الناس بإظهاره السلطة والتعاطف والقيادة، واستغرق الأمر منه ثلاثة أسابيع للإدلاء بتعليقات على عملية الاختطاف في العلن. وهذه بوضوح طريقة مختلفة في قيادة البلاد أثناء الأزمات. والتركيز المباشر لا بد أن يكون على إنقاذ الفتيات. وعلى المدى المتوسط، يفترض اتخاذ عدد من الخطوات.
تحتاج نيجيريا إلى البدء بإصلاحات في البلاد للتأكد من تبني قواتها نهجاً أكثر دقة مما فعلت حتى الآن، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي اتسمت بها الحملات السابقة التي فعلت القليل لمنع «بوكو حرام» من العثور على مجندين جدد.
ونيجيريا التي أصبحت في الآونة الأخيرة أكبر اقتصاد في أفريقيا يتعين عليها أن تعيد التفكير ببنية اقتصادها ورؤية كيف يمكن تقاسم فوائد النمو بشكل أوسع نطاقاً. وخطوة واضحة في هذا المجال تكمن في الحد من تفشي الفساد.
ويتعين على الشركاء الغربيين إعادة التفكير في نهجهم المعتاد بعدم إيلاء اهتمام كافٍ للمتشددين الذين يجري الحكم على أهدافهم بأنها محلية صرفة. وكما شهدنا في نمو حركة الشباب ومحاولات «بوكو حرام» لإقامة تحالفات مع تلك المجموعة ومع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، فإن تلك المنظمات لديها ميل إلى التطور بطريقة لا يمكن التنبؤ بها.