الحليف السري للتحالف الدولي ضدّ الإرهاب…
جمال العفلق
طالما تحدثت أميركا عن محاربتها الإرهاب وطالما نفخ الإعلام العربي العامل تحت المظله الأميركية بهذا التحالف ودوره في محاربة الإرهاب ولكن واقع الحال يقول عكس كلّ هذه الترهات والبيانات الفارغة التي تأخذ من وقتنا الكثير ليس لأهميتها بل لكثرتها.
إن ما يسمّى «داعش» وهو مجموعات مدربة على القتل صنعتها الإدارة الأميركية وأقصد هنا الإدارة التي تعمل بالخفاء ولا نراها في وسائل الإعلام، على عكس تلك التي تطل علينا بمعدل تصريح واحد كل يوم تدعي فيه أنها تحارب الإرهاب وأنها أقامت تحالفاً دولياً ضم ستين دولة لضرب «داعش» مستبعداً هذا التحالف اصحاب الحرب الحقيقين من سوريين وجزء من العراقيين. خوفاً من تحقيق أي انتصار على «داعش» يعطل المشروع الأميركي المستمر حتى اللحظة في إنشاء دويلة جديده متطرفة تشبه الى حد كبير المنطقة التي أعطيت لطالبان في افغانستان.
فإغفال التقارير المؤكدة عن نوعية الأسلحة التي يستخدمها هذا التنظيم والتي لم تكن اصلاً موجودة في المخازن التي استولى عليها في العراق أو سورية، يثبت ان الإدارة الأميركية تظلل الرأي العام وتعمل على تقوية هذا التنظيم بكل السبل، وطبعاً هذا ليس بالبعيد من الدور العربي الغارق بالدعم المالي لهذا التنظيم أو غيره وما معركة أدلب إلا واحده من الأمثلة التي تؤكد أن هذه التنظيمات والجماعات المسلحة ومن فيها من قطعان مرتزقة تأخذ تعليماتها من غرف عمليات واحده كما أن مصدر تمويلها واحد ولا يمكن التشكيك بهذا الأمر من قبل احد إلا من أراد المزاودة على عقول الناس وإقناعها ان الشمس لا تشرق من الغرب.
وليس مصادفة ان تسقط الرمادي في وقت أدعت فيه قوات النخبة الأميركية أنها قامت بعملية نوعية في الأراضي السورية قتلت فيها ما يسمى أمير النفط الداعشي. وليس مصادفة ايضاً أن تعبر قوافل «داعش» في البادية السورية وتصل الى مدينة تدمر السورية في وقت يدعي التحالف الدولي انه يقوم بطلعات جوية نوعية فوق الأراضي السورية، فعبور تلك الأرتال وعلى مسافة لا تقل عن سبعين كيلومتراً ولا تُرى الا بعد دخول تدمر هو شيء خارج عن أي منطق بالعلم العسكري… وقد يقول قائل وأين القوات السورية التي كان يجب ان ترى هذه القوافل… وهذا سؤال مشروع في زمن غير هذا الزمن وفي وقت لم يكن الجيش السوري منتشراً على كل مساحة الجغرافيا السورية ويقاتل جيوب قطعان المرتزقة المنتشره بفعل التعاون الأميركي – العربي بالاضافه الى تركيا و«إسرائيل» على كامل جغرافيا البلاد هذا عدا عن الخلايا النائمة التي يتم تفعيلها في اوقات محددة إما لإشعال معركة أو لإشغال الجيش عن معركة رئيسية كما يفعل ما يسمى جيش الإسلام في الغوطة وكما يفعل «دواعش النصرة» في مخيم اليرموك.
فما تقوم به الإدارة الاميركية «المرئية» هو خلط أوراق السياسة بناء على معطيات الأرض ولكي تفرض أميركا ما تريد او تجبر المنطقة على ان تطلب ما يرضي أميركا وتقوم الولايات المتحده بدعم قطعان المرتزقة أياً كان اسمهم أو انتمائهم لتحديد هوية النص الذي يجب ان يخرج به جون كيري في مؤتمر صحافي، فالقضايا بالنسبة الى أميركا ليست منفصلة وأي لقاء دبلوماسي مع القوى الاخرى يجب ان يضم جميع القضايا الدولية. وهنا يأتي دور المنفذين من اليمن الى سورية.
فالعملية الإرهابية التي طاولت مسجداً في منطقة القطيف ليست موجهة للداخل السعودي بقدر ما هي موجهة للخارج وفي شكل مذهبي محدد عنونها ان المملكة سوف تتخلص من خصومها السياسيين بالداخل من طريق «داعش» الذي بالأصل يتلقى دعماً مالياً وعسكرياً يمر عبر أراضي عربية من ضمنها المملكه السعودية وما الاستنظار الدولي والعربي لهذا العمل الارهابي إلا نوع من انواع الاستعراض الذي اصبحنا ندركه ونحفظه عن ظهر قلب وعلى رغم الاستنكار السريع الا ان وسائل الاعلام والمستنكرين لم يستطيعوا تحديد هوية الضحايا فهل هم شهداء أم قتلى؟
فهذا التصعيد جاء لاحتواء نتائج معارك القلمون ومحاولة إرسال رسائل الترهيب من جديد لشعوب المنطقة بهدف زرع الخوف والرعب في نفوسها وإجبار الأقليات على التفكير ملياً بصف مَن عليهم الوقوف، فمحاولة «داعش» مهاجمة الريف الشمالي لمدينة السويداء في سورية هو بالون اختبار ورسالة تخويف اعتقد مرسلها انها ستغير من واقع واحدة من المدن السورية التي ما زالت خارج دائرة القصف أو التدمير الممنهج الذي تتبعه قطعان المرتزقة منذ بداية الحرب الكونية على سورية.
وبعيداً من الادوار التي يلعبها السياسيون العرب «الاستعراضية» والتي بجوهرها تخدم مشروع التقسيم الاميركي الذي يخدم أمن ما يسمى «إسرائيل» فإن المعركة لم تنتهِ وان الحرب لم تضع أوزارها بعد، فلا يعتقدنَّ احدٌ خصوصاً من الذين يحجون الى البيت الأبيض والى باريس ان ما يقولونه للصحف الغربية هو الحقيقه وانهم بمعزل عن نتائج هذه الحرب ان كانوا امراء حرب سابقين او من تجار السياسة الحاليين.
وان كان هناك حسنة لسنوات الحرب هذه فهي انها كشفت الكثير الكثير من الأسرار التي طالما كان البعض يخفيها، فالديمقراطية التي يحاضرون فيها تتحول الى ديمقراطية اقطاعية في مكان ولأسباب تتعلق بالإرث التاريخي الذي لا يجوز التنازل عنه او المساومه عليه.