قانصو: نقف مع سورية في حربها على الإرهاب لأنّ في سلامتها سلامة للقضية القومية برمّتها
أحيت منفذية المتن الشمالي في الحزب السوري القومي الاجتماعي عيد المقاومة والتحرير في قاعة مسرح الأوديون ـ جلّ الديب، باحتفال خطابي حاشد تخللته كلمات سياسية.
حضر الاحتفال رئيس المكتب السياسي المركزي الوزير السابق علي قانصو، الرئيس الأسبق للحزب مسعد حجل، عضو المجلس الأعلى عاطف بزي، ناموس مكتب رئاسة الحزب رندا بعقليني، وكيل عميد الداخلية سماح مهدي، مدير دائرة المحامين ريشار رياشي، المندوب السياسي لجبل لبنان الشمالي نجيب خنيصر، منفذ عام الضاحية الشرقية أنطون يزبك، منفذ عام المتن الشمالي سمعان الخراط وأعضاء هيئة المنفذية وعدد من أعضاء المجلس القومي ومسؤولي الوحدات.
كما حضر وزير التربية الوطنية الياس بو صعب، عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي، عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب د. بلال فرحات، عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب د. نبيل نقولا، إيدي معلوف ممثلاً النائب ادغار معلوف، نائب أمين عام حزب الطاشناق افيديس كيدانيان، الوزيران السابقان فادي عبّود وبشارة مرهج، العميد رشيد طعمة، رجل الأعمال جان أبو جودة، الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، القس فادي داغر، وفد من هيئة التيار الوطني الحر في المتن الشمالي، وفد من حزب البعث العربي الاشتراكي، وفد من حركة أمل في المتن، علي غملوش عن حزب الله، رئيس بلدية ديك المحدي أمين الأشقر، رئيس بلدية بيت شباب الياس الأشقر، رئيس بلدية الجديدة أنطوان جبارة، رئيس بلدية ضهور الشوير السابق نعيم صوايا، وعدد من مخاتير المتن وأعضاء المجالس البلدية وفاعليات.
بدأ الاحتفال بالنشيدين السوري القومي الاجتماعي والوطني اللبناني ثم دقيقة صمت تحية للشهداء وللعميد الراحل صبحي ياغي، ثم قدّمت الخطباء يارا أبو حيدر فقالت:
بالأمس، وما أبعد الأمس وما أقربه، يوم أشرقت الشمس ذات صباح تنشد للسماء نبأ انتصارنا، تنشد وفي قلبها روح عابقة بأمل ساطع يحمل في طياته إشعاعات تبشر بوقفات العز والصمود الدائم.
لقد أتى اليوم الذي كان ينتظره كلّ مقاوم لا يرضى بالذلّ والهوان، اليوم الذي أبكى الأعداء وجعلهم يرقدون في ظلمات لياليهم نادمين مستسلمين معترفين بانهزامهم مغادرين أرضنا من دون قيد أو شرط، مدركين أنّ الأرض التي يسكنها مقاومون أبطال من غير الممكن أن يبقى شبر واحد منها محتلاً، لأنّ هؤلاء الأشداء الميامين يفتدون كلّ حبة من ترابها بأغلى ما عندهم.
مقاومون نحن، قمم الجبال ساحاتنا، سلاحنا عقيدتنا ومبادئنا قدوتنا سعاده فكيف لا يسجل التاريخ أفعالنا؟ وكيف له أن يغفل بطولاتنا المكللة دائماً بأبهى حلل الانتصار؟ نحن الذين كتبنا تاريخنا بدمائنا، دماء كالشموع تحترق لتنير طريق الحرية، ونحن الذين قاومنا ظلم الاحتلال وكنا دائماً متمسكين بأرضنا وقضيتنا. ولا نزال على طريق النضال نقدّم التضحيات والشهداء والقرابين لتحيا سورية.
كيدانيان: الإيمان بالمقاومة يحصّن لبنان في وجه كلّ الأخطار
وألقى نائب أمين عام حزب الطاشناق أفيديس كيدانيان كلمة قال فيها: ما أحوجنا اليوم ونحن نحتفل بالعيد الخامس عشر للمقاومة والتحرير إلى التمعّن في معاني هذا العيد والتفكير ملياً بما يمثله من فخر واعتزاز لشعب عاهد مقاومته تحرير أرضه وقراره ممّن كان قبل ذلك التاريخ محتلاً لأراضيه وممتلكاته، ومسيطراً على خيراته ومعتقلاً لخيرة شبابه وحتى شيبه وأطفاله.
ولكننا ولسوء الحظ، نحتفل بهذا العيد المجيد فيما كرسي الرئاسة الأولى شاغرة منذ سنة كاملة، وحدود الوطن مهدّدة بخطر الإرهاب والتكفير وبعض عناصر جيشه وقواه الأمنية مخطوفون من قبل الجماعات الإرهابية التكفيرية، ومجلسه النيابي معطل، وشبابه في غالبيتهم يطرقون أبواب السفارات طلباً للهجرة، هذا بالإضافة إلى الكثير الكثير من المشاكل والخلافات.
وتابع: لا أريد بهذا الكلام أن أبعث اليأس في القلوب والعقول، بل أردت أن أرسم هذه الصورة لأعيد التأكيد على إلزامية الإيمان بالمقاومة فكراً وقولاً وعملاً، لأنّ ما نشهده على الساحة الإقليمية من توسّع للفكر التكفيري ودعم للإرهاب المتطرف، يفرض علينا التعاطي بمنطق تحصين حدودنا ضدّ هذا النوع من الإرهاب وتحصين ساحتنا الداخلية ضدّ أية تدخلات خارجية تهدف إلى إضعاف هذه المقاومة للسيطرة على قرارنا الذاتي.
وأردف: إن الفوضى المحيطة بنا من كلّ الاتجاهات تجعلنا في الكثير من الأحيان نضع علامات استفهام حول الوضع المستقرّ الذي نشهده في لبنان، لكن هذين التساؤل والاستغراب يزولان عند التفكير في مقوّمات هذا الاستقرار.
فالوعي الذي يتحلى به معظم الأفرقاء السياسيين من جهة، والمحافظة على أمن الحدود بالتعاون والتنسيق بين الجيش اللبناني والمقاومة والقوى الأمنية من جهة أخرى، نجحا إلى حدّ بعيد بتحييد لبنان عن الحروب الدائرة حوله وبالتالي تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد.
وأضاف كيدانيان: إن حرية الشعوب في تقرير مصيرها والدفاع عن الوطن هما من أقدس المقدسات، ويهمّني في هذا الإطار أن أشدّد على أننا في حزب الطاشناق نؤمن بمقاومة الشعوب، لأنّ ثقافتنا الحزبية مبنية على فكرة مقاومة العدو والمحتلّ، والكفاح من أجل إحقاق الحق وتحرير الأرض، وهذا ما قمنا به خلال 125 عاماً من عملنا الحزبي وخلال 100 عام بعد الإبادة الأرمنية.
وبالعودة إلى زمننا الحالي، وفي هذه الأجواء الضبابية، لا يسعنا إلا أن ندعو إلى التضامن الكامل بين كلّ مكوّنات هذا الوطن، لأنّ قيامة لبنان هي رهن بالتضامن والتكافل بين أبنائه والاتعاظ من الماضي لرسم طريق المستقبل، لأنّنا في هذا الوطن محكومون بالتعايش لا التباعد، محكومون بالتفاهم لا التخاصم، وأنّ خير دليل على ذلك هو ما حققه التفاف الشعب حول المقاومة من انتصار ودحر للعدو وتحقيق التحرير الذي نجتمع اليوم للاحتفال بعيده.
وختم كيدانيان بالقول: لا يموت حق وراءه مقاوم.
بزي: متمسكون بخيار المقاومة ونهجها لأنها تمثل قوة الأمة
وألقى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي كلمة باسم حركة أمل أكد في مستهلها أنّ مقولة «قوة لبنان في ضعفه» باتت شعاراً ماضوياً لا وجود له أبداً في قاموس المقاومين، خصوصاً منهم الشهداء الذين أسّسوا للنهضة القومية والعربية في العالم العربي، ولا بدّ دائماً من استحضار هذا النهج الأصيل الذي يكفل لنا جميعاً أعراس العزة والنصر والتحرير والاستمرار في صدّ كلّ المتآمرين ودحرهم. وقال: آن لنا أن نعي خطورة الوضع في المنطقة، ويجب علينا أن نتضامن ونتعاضد حتى نكمل طريق الانتصارات، لأنّ لغة الهزائم التي يسوّق لها البعض لا تبني أوطاناً، بل هي لغة البندقية والقلم التي تصنع الانتصار.
وأضاف بزي: في هذه المناسبة نجدّد الوعد والعهد لكلّ الشهداء والمناضلين، نجدّد التمسك بخيار المقاومة نهجاً وفكراً وثقافة وسلاحاً، لأنها تمثل قوة الأمة، كما نجدّد التأكيد على الحوار بين كلّ الأطراف في لبنان، ونقول إنه يجب الابتعاد عن المناكفات والتجاذبات، والسعي إلى انتخاب رئيس للجمهورية صنع في لبنان ولأجل كلّ لبنان، ونحن نعتبر أنّ انتخاب الرئيس هو مفتاح تفعيل العمل المؤسساتي، وأول هذه المؤسسات المجلس النيابي الذي لا يمكن تعطيله كونه ملكاً للبنانيين جميعاً، ومن خلاله تتحقق المساواة والحرية والكرامة للبنان.
أما في ما يتعلق بالمشروع التكفيري فرأى بزي أنه يجب أن نجنّد كلّ الطاقات لمواجهة هذا المشروع الذي يطاولنا جميعاً، لأنه والمشروع الصهيوني وجهان لعملة واحدة، ويستهدفان بلادنا بوجودها ووحدتها ونسيجها الاجتماعي وحضارتها.
نقولا: هل يكون دعم الجيش باحتضان جيوب إرهابية هنا وهناك؟
وألقى عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب د. نبيل نقولا كلمة بِاسم التيار الوطني الحرّ قال فيها: قبل خمسة عشر عاماً، أطلت شمس التحرير، وتنفّس لبنان برئتيه. وها نحن نلتقي اليوم لنحيّي أبطالاً سطروا الملاحم ليكون التحرير، وننحني إجلالاً لمن قدّم ذاته على مذابح الوطن، ليحيا اللبنانيون بكرامة وعزة.
وأضاف: إننا نستذكر قصة شعب صنع الملاحم، بحبّه للأرض واحترامه للحياة، وسطر مجداً لا يمكن أن يزول، وقهر كياناً كان يعتقد أنه لا يمكن إذلاله. نحتفل بعيد التحرير اليوم… والمهمة لم تنته مع وجه آخر من وجوه العدو السرطانية الخبيثة المتمدّدة والمتمادية، تكفيرياً في معظم العالم العربي، من المتوسط إلى الخليج وأفريقيا تحت عباءة دينية بعيدة كلّ البعد عن التعاليم السماوية.
وأكد نقولا أنه لم يعد مسموحاً لنا جميعاً التذرّع بواقع الظلم السياسي اللبناني الذي لا يكتفي بإدارة الظهر عن هذه التحديات لمواجهتها، بل هو يمعن في إذكائها، من خلال مستوى خطابه السياسي، وتفشي الفساد في إدارته، خلق الذرائع لعجزه عن تكريس وحدة الشعب، والارتقاء إلى المواطنية، وتعزيز الحرية والمساواة والعدالة، ليتمكن اللبنانيون من بناء دولتهم القادرة والعادلة التي تتمكن من تكريس السيادة والاستقلال، والخروج من دوامة الاستهلاك للإرادات الغربية والأجنبية، التي ترسم لنا حركتنا وإرادتنا وسياستنا.
واعتبر نقولا أنه لا يكفي إلقاء المسؤولية على الآخرين، والقول إنّ مؤسسة الجيش اللبناني هي القادرة على حماية وطننا، وعلينا دعمها. هل ندعمها بإشغالها في حروبنا الداخلية، وبالتعرّض للأمن الوطني الداخلي، بجيوب إرهابية تنعم بحضن دافئ هنا وهناك، وبخطاب سياسي يبرّر لها أعمالها؟ هل ندعم الجيش بالمزايدة على دعمه وتسليحه؟ ونتركه يقاتل باللحم الحيّ، في وقت يرابط أعتى عدو طامع ومجرم على حدودنا الجنوبية، يريد استنزاف قدرات المناطق المحيطة به، من خلال المنظمات التكفيرية والإرهابية، والتي مهما تعدّدت تسمياتها فهي الوجه الآخر لهذا العدو، والأداة التي تنفذ مخططاته.
ودعا نقولا إلى ضخ دم جديد في مؤسساتنا العامة والأمنية، في ظلّ هذا الشلل القاتل في الجمهورية اللبنانية، حتى لا يتحوّل التمديد إلى عادة. فالدولة اللبنانية بحاجة إلى رجال أشدّاء، لحفظ كرامتها وصون أراضيها، لحمايتها من أعدائها، ولا يكون ذلك إلا بإعطاء الشعب السلطة، لانتخاب رئيسه القوي الذي يراه مناسباً، لأنّ الشعب هو مصدر السلطات.
وأكد نقولا أنّ الغد قريب، وفيه سنزهق الباطل، ونحاسب المسيء، ونعاقب المقترف، ونبني الإصلاح حجراً حجرا… فنسائل المقصّرين والمرتشين، ونحاكم المجرمين الفعليين لا الصوريين… غداً تعود إليكم حقوقكم السليبة، ويفتضح أمر مدّعي الغيرة الوطنية، ويُدخل السجون كلّ من أهدر مالكم، وعدّل قوانينكم لمصالحه الخاصة، ومن استباح تعبكم، وفرض ضرائبه العشوائية عليكم، وجوّع أطفالكم وغمّس لقمة عيشكم بدمائكم الزكية.
وإذ استعاد نقولا قول العماد ميشال عون: «إنّ الأصعب من التحرير والاستقلال هو المحافظة على الحرية»، ختم قائلاً: إنّ عمل التحرير ليس للذكرى فقط، إنما هو جهد متواصل، طالما أنّ الأعداء يتربّصون بنا.
فرحات: حماية لبنان بتأكيد ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة
وألقى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب بلال فرحات كلمة بِاسم حزب الله استهلها قائلاً: نحتفل اليوم بعيد التحرير الذي غيّر وجه العالم، وكشف حقيقة المطامع الاستكبارية في منطقتنا، هذا التحرير هو انتصار الحق على الظالم، بالرغم من كلّ ما يتمتع به هذا الظالم من مقوّمات مادية وتقنية وعلمية، وكلّ ما يحظى به من دعم وإمداد عبر المحيطات والعابر للقارات.
وأضاف: هذا اليوم الذي نستعيد ذكراه، هو يوم المقاومة المشروعة في وجه العدو «الإسرائيلي» المحتلّ الغاشم، المدعوم أميركياً من أجل ما سُمّي «الشرق الأوسط الجديد». هذه المقاومة هي مقاومة كلّ المقاومين الشرفاء من كلّ الفئات، وفي كلّ المراحل، ومن كلّ القوى، التي أخصّ بالذكر منها الحزب السوري القومي الاجتماعي.
إنّ ما فينا من عزة وكرامة هو من طهر العمل المقاوم، الذي ارتوى من دماء الشهداء الأشاوس، الذين آمنوا فصدقوا الله ما عاهدوا عليه، منهم من قضى ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا. ولا يسعني في هذه اللحظة بالذات، إلا أن أستذكر شهداء الجيش اللبناني الذين اختلطت دماؤهم بدماء المقاومين لتحقيق هذا النصر العظيم.
وتابع: هذه المقاومة سطرت أروع الملاحم والانتصارات، وما زالت تسطر الإنجازات ضدّ العدو المتعدّد الوجوه، وآخر حلقاته العدو التكفيري الذي لا يميّز بين محمدي وآخر، بين مسيحي وآخر، وبين إنسان وآخر.
إنّ المعركة ضدّ التكفيريين في القلمون، هي جزء لا يتجزأ من المعركة ضدّ العدو «الإسرائيلي» وضدّ كلّ من يقدّم لهم العون بأيّ من أشكاله، هي معركة الدفاع عن لبنان والمقاومة.
وقال: هذا الوطن وما يتهدّده من مخاطر تحيط به من كلّ حدب وصوب. التكفيريون، «الإسرائيليون»، والطامعون بثرواته ـ يجب الحفاظ عليه وعلى مؤسساته الدستورية والتشريعية والقضائية، ويجب أن لا يكون عرضة للاستنسابية والكيل بمكيالين.
وأكد أنه لا يوجد مبرّر لتعطيل التشريع، وربطه بالاستحقاق الرئاسي، لأنه عمل غير منطقي، فالكثير من اقتراحات القوانين ومشاريع القوانين قد أنجزت من خلال اللجان النيابية، وهي تنتظر إقرارها في الهيئة العامة، والتي تخدم مصالح أهلنا الشرفاء في هذا الوطن، لأنّ مصالح الناس يجب أن تولى كلّ الاهتمام، ولذلك يجب السعي إلى انتخاب رئيس للجمهورية يمثل أكثرية اللبنانيين، ويجب فصل هذا الاستحقاق عن الأولويات الأخرى، لتسهيل الحلّ، لأنّ ربط العقد ببعضها يؤدّي إلى مزيد من الإشكالات والتعطيل.
وختم قائلاً: من أجل الحفاظ على الوطن يجب أن نحميه أيضاً من الداخل، بتوفير الاستقرار والميثاقية في العمل، وتفعيل عمل المؤسسات، والتأكيد على ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، الذي هو عماده وأساسه.
قانصو
وألقى رئيس المكتب السياسي المركزي في الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو كلمة الحزب استهلها قائلاً: كأني في عيد المقاومة والتحرير أرى شهداء المقاومة وأسمع أصواتهم في هذه القاعة، وفي كلّ قاعة تشهد احتفالاً مماثلاً. كيف لا ولولا دماؤهم لما كان هذا التحرير، ولما كان هذا العيد. فإلى شهداء المقاومة، إلى سناء محيدلي، وبلال فحص، ووجدي الصايغ، إلى ابتسام حرب، إلى هادي نصرالله وحسن قصير ومالك وهبي وعلي طالب ونضال الحسنية، إلى كلّ شهداء الحزب السوري القومي الاجتماعي، إلى كلّ شهداء المقاومة التحية والإجلال.
وأضاف: عاماً بعد عام يحتفل حزبنا بعيد المقاومة والتحرير في ربوع المتن الشمالي، هذا المتن الذي شكل نموذجاً وطنياً مقاوماً منذ عشرات السنين. ومن المتن الشمالي انطلق الزعيم أنطون سعاده، ليؤسّس أول حزب مقاوم في تاريخ هذا المشرق، كانت له صولات وجولات من الصراع والمقاومة ضدّ العدو الصهيوني، وقدّم على مذبح هذه القضية مئات الشهداء. في عيد المقاومة والتحرير، التحية للقائد الذي رأى منذ الثلث الأول من القرن الماضي أن لا عدو يقاتلنا في ديننا وحقنا ووطننا إلا اليهود. التحية لهذا القائد، الذي عمل منذ ذاك الزمن على خطة نظامية قومية دقيقة معاكسة للخطة النظامية الصهيونية، لدفع خطرها عن بلادنا، التحية لمن حذّرَ باكراً من خطر الوهابية والإرهاب، التحية لمن رأى أنّ وحدة المجتمع من أهمّ مولدات القوة والمقاومة والنهوض في أمته، وأنّ العصبيات المذهبية قتل لها. التحية للزعيم أنطون سعاده، والتحية لمن رسّخ من موقعه الرسمي إنْ في قيادة الجيش أو في رئاسة الجمهورية معادلة القوة والمنعة، الجيش والشعب والمقاومة، التحية لفخامة الرئيس المقاوم، العماد إميل لحّود، والتحية لأهلنا في المتن الشمالي في عيد المقاومة والتحرير.
وتابع قانصو: نحتفل بهذا العيد لنستحضر حدث التحرير، وهو أول انتصار على العدو الصهيوني، ولنكرّم شهداء المقاومة، لنذكِّر المواطنين بإنجازاتها، ونؤكد على صحة خيارها، ولنعمّم ثقافتها، وندعو إلى الالتفاف حولها، ونردّ على كلّ الأبواق التي تحاول التشكيك بها والنيل منها.
الاحتفال بعيد المقاومة والتحرير ليس فقط احتفالاً بحدث مضى، لأنّ المقاومة ليست فعلاً انتهى، بل هي حركة مستمرّة في الحاضر والمستقبل، كيف لا والخطر الصهيوني على بلادنا خطر دائم ليس على فلسطين وحدها بل على الأمة كلها؟ فلا خيار أمام شعبنا إلا خيار المقاومة. جرّبوا نهج التفاوض مع العدو فكان ما كان من التنازلات والويلات، بينما المقاومة في فلسطين انتصرت على العدو في حروبه المتتالية على غزة، ثم من حرّر معظم الأرض اللبنانية في العام 2000 غير المقاومة؟ ومن أذلّ جيش العدو وهزمه في حرب تموز على لبنان غير المقاومة؟
مع الجيوش العربية كانت الهزائم، ومع المقاومة كانت الانتصارات، فكيف لا تكون المقاومة إذاً خيار شعبنا لانتزاع حقوقه القومية المغتصبة ولردع العدوانية الصهيونية؟
وها هي المقاومة تحرّر الأرض اللبنانية في القلمون من العصابات الإرهابية، وتُبعد خطرها عن لبنان، بعد أن اتخذ الإرهاب من القلمون قاعدة ينطلق منها إلى لبنان لتنفيذ جرائمه، من خلال عشرات التفجيرات في مختلف المناطق اللبنانية، ألم يستهدف هذا الإرهاب مواقع الجيش اللبناني ويقتل العشرات من ضباطه وجنوده؟ ألم تودِ جرائمه بحياة عشرات اللبنانيين؟ فالتحية للمقاومة وللجيش العربي السوري على الإنجازات التي حققها في القلمون.
والمفارقة أنّ فريقاً في لبنان، تعرفونه، أزعجه أن تحقق المقاومة هذه الإنجازات في القلمون، وهو أصلاً لا يرى في هذا الإرهاب خطراً على لبنان، بل يذهب إلى تسمية عصابات التكفير بـ«الثوار»، فيا أيها اللبنانيون: إنّ من قتلوا جنودكم وضباطكم ومواطنيكم باتوا لدى هذا الفريق ثواراً، وإنّ من يخطفون أبناءكم الجنود في جرود عرسال باتوا لدى هذا الفريق ثواراً، ألا بئس ساسة هذا هو خطابهم وهذه هي مواقفهم! إنّ الإرهاب خطر على الجميع أفراداً وأحزاباً وطوائف ودولاً، ومواجهته مسؤولية وطنية وقومية، وكلّ تبرير للإرهاب، أو دفاع عنه، أو تخلف عن مواجهته هو جريمة بل خيانة وطنية. هذا الإرهاب هو الوجه الآخر للعدو «الإسرائيلي»، بل هو أداة هذا العدو لتفكيك مجتمعنا وتقسيم بلادنا إلى طوائف ومذاهب متناحرة، ولتدمير حضارتنا، ودولنا، وجيوشنا، واقتصادنا، فضلاً عن إنساننا. وهذا الإرهاب هو أداة العدو الصهيوني، لتصفية المسألة الفلسطينية وإقامة الدولة اليهودية. تلك هي أغراضه في العراق وفي لبنان وفي سورية. لذلك قلنا إنّ الحرب على سورية هي حرب «إسرائيلية» بامتياز ترعاها الإدارة الأميركية وتدعمها حكومات عربية وإقليمية بالسياسة والإعلام والمال والرجال، وتتولاها عصابات تكفيرية إرهابية تدّعي زوراً أنها إسلامية العقيدة والمنهج والإسلام منها براء، بل هي تقدّم أفضل نموذج لتشويه مبادئ هذا الدين وقيَمه السامية.
وإذ دان الجريمة الإرهابية التي وقعت قبل يومين في أحد مساجد السعودية، توجه قانصو إلى حكام المملكة بالقول: هذا هو الوحش الإرهابي الذي ربّيتموه وكبّرتموه وموّلتموه ينقضّ عليكم، ويضرب في بلادكم، فهل تتعظون وتوقفون دعمكم لهذا الإرهاب قبل فوات الأوان؟
وأكد قانصو أننا نقف مع الدولة السورية في حربها على الإرهاب، فسلامة سورية سلامة للقضية القومية برمّتها، هي سلامة لفلسطين، وسلامة للمقاومة، وسلامة للبنان، وسلامة للعراق والأردن، لذا فإنّ الوقوف معها هو وقوف مع لبنان. فكيف لا تكون معركة القلمون معركةً لبنانية سورية واحدة؟ وكيف يجوز في ظلِّ وحدة الخطر على البلدين، أن لا يكون بين لبنان وسورية أعلى درجات التنسيق والتكامل؟
إننا نقدّر عظيم التضحيات التي يبذلها الجيش اللبناني في مواجهة العصابات الإرهابية، وننوّه بالإجراءات التي يتخذها لمنع تمدّد هذه العصابات في عرسال وخارجها، فالتحية للجيش اللبناني لقيادته وضباطه وجنوده، والتحية لأرواح شهدائه، والحرية للمخطوفين من أبناء هذا الجيش وأبناء قوى الأمن الداخلي.
وإلى الحكومة نقول: جرود عرسال، كما عرسال، أرض لبنانية، وتحريرها من العصابات الإرهابية مسؤولية الدولة، وعلى الحكومة أن تحزم أمرها وتكلف الجيش والأجهزة الأمنية القيام بهذا الواجب، وإلا فلا يلومَنَّ أحدٌ أهل البقاع، وأحزاب البقاع إنْ تولّوا بأنفسهم تحرير جرود عرسال من العصابات الإرهابية، دفاعاً عن سيادة بلدهم وأمنه واستقراره.
ولفت قانصو إلى مفارقة تدعو إلى التأمّل: لقد انتصرنا على العدو «الإسرائيلي» أكثر من مرة، وسننتصر على الإرهاب، إلا أننا لم ننجح في الانتصار على علة اهتراء نظامنا السياسي، بقيت الطائفية قاعدة لهذا النظام، تفترس الدولة والمجتمع: نعم علّة لبنان الأولى الطائفية، هلاك لبنان بالطائفية، الفساد في لبنان منشأه الطائفية، الحروب الأهلية المتتالية ولّدتها الطائفية، المحاصصات، الزبائنيات، التبعيات للخارج، إفرازاتٌ للعقلية الطائفية. لقد أصاب الزعيم سعاده حينما قال: «لبنان يهلك بالطائفية ويحيا بالإخاء القومي». وإننا نجدّد دعوتنا لقيام دولة مدنية، دولة المواطنة، دولة القانون ودولة العدالة، على أنقاض دويلات المذاهب والطوائف.
إنّ إنقاذ مشروع الدولة لن يكون إلا بتطوير نظامنا السياسي باتجاه لا طائفي، وإلا فسنبقى ننتقل من جب إلى دب، وهذا الإصلاح السياسي يكون بقانون جديد للانتخابات النيابية يوحّد اللبنانيين ويعتمد لبنان دائرة واحدة مع النسبية، وبقانون جديد للأحزاب يرسي الحياة السياسية على أسس لا طائفية، وقانون اختياري للأحوال الشخصية والزواج المدني، وبتشكيل الهيئة الوطنية لتجاوز الطائفية.
وأردف قانصو: لقد طال أمد الشغور في رئاسة الجمهورية وهذا أمر خطير، لكنه يشكل أحد وجوه أزمة نظامنا السياسي، غير أنه لا يجوز تعطيل باقي المؤسسات الدستورية بحجة هذا الشغور، لأنّ تعطيل الحكومة والمجلس النيابي وكما ثبت بالتجربة، خلال عام من الشغور، لا يسرّع في انتخاب الرئيس العتيد، إلا أنه يعطل مصالح الناس.
إنّ انتخاب رئيس الجمهورية استحقاق وطني يهمّ اللبنانيين جميعاً، فالرئيس رئيس للجمهورية اللبنانية وليس رئيس طائفة أو منطقة. ولقد طرح العماد عون جملة من الخيارات لانتخاب رئيس للجمهورية وهي تستحقّ الاهتمام والتعاطي معها بجدية. ما نتمناه هو أن يؤدّي النقاش حول هذه المبادرة كما الحوارات الجارية إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية.
وختم قانصو قائلاً: صراعنا طويل وشاق، إنه صراع وجود، فإما أن نصرع التنين «الإسرائيلي» والتنين الإرهابي فنكون، وإما أن يصرعانا فنزول. إننا واثقون بأننا سنصرعهما عاجلاً أم آجلاً، وسيكون النصر حليف شعبنا الذي خاطب سعاده أبناءه بقوله: «إنّ فيكم قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ» و «إنكم ملاقون أعظم نصر لأعظم صبر في التاريخ».