ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات
ناديا شحادة
خمسة عشر عاماً مضت على انتصار حركة المقاومة اللبنانية، حين اضطرت «إسرائيل» للانسحاب للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي ـ الصهيوني من الجنوب اللبناني، في 25 من ايار عام 2000 تحت وطأة وصمود المقاومة اللبنانية. هذا الصمود الذي دحر جيش الاحتلال من الجزء الأكبر من ارض لبنان وهزم جيش الاسطورة الذي لملم أسلحته واستقل آلياته ومضى، هذا الانتصار الكبير الذي حققته حركة المقاومة شكل درساً للعدو «الاسرائيلي»، وتعزز النصر في حرب عام 2006 حين قامت «اسرائيل» بالاعتداء على لبنان مرة اخرى، فبعد ثلاثة وثلاثين يوماً من محاولة ضرب «اسرائيل» لسلاح المقاومة اللبنانية، فشلت ولم تستطع تحقيق أي من اهدافها، وجاء رد المقاومة بايصال صواريخها الى الداخل «الاسرائيلي» واضطر الكيان الى اخلاء مئات الألوف من مستوطنيه من شمال فلسطين المحتلة عام 1948 الى جنوبها وللمرة الأولى تصل فيها الحرب الى الداخل «الاسرائيلي» وهذا ما تتجنبه «اسرائيل» في حروبها ضد العرب، فهي تشعل المعارك في اراضيهم وتبقى بمنأى عن تأثيرات تلك الحروب، وحاولت «إسرائيل» ان تحقق شيئاً من اهدافها من خلال الحرب البرية حيث دفعت بكتائب من جيشها لتخوص حرباً برية ضد المقاومة وكانت المفاجأة حين وقع جنود «إسرائيليون» في مكامن المقاومة وخسرت «اسرائيل» عدداً كبيراً من جنودها والعشرات من آلياتها، وقبل نهاية المعركة طلبت «اسرائيل» وقفاً لإطلاق النار من طريق الولايات المتحدة، ولحقت بالعدو «الاسرائيلي» هزيمة أخرى وكانت هذه الهزيمة من بشائر نصر العالم العربي على الكيان «الاسرائيلي»، حيث ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات وهذا ما أكده قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله في انتصار تموز عام 2006.
قدرة المقاومة وانتصاراتها غيرت معادلات المنطقة، واثبت حركة المقاومة اللبنانية في تصديها للعدو «الاسرائيلي» ان العدو لا يرضخ سوى للغة القوة. ما يؤكد عليه المتابعون ان «اسرائيل» وعملاءها لا يستطيعون ان تقفوا في وجه الجماهير المقاومة، فبعد الغزو الاميركي للعراق في عام 2003 حيث استطاع هذا الاحتلال ان يحقق نجاحاً من ناحية النفوذ السياسي في الاقليم والجدارة العسكرية وكان مشروع الشرق الاوسط الكبير نتاجاً لكل هذه المكاسب، الا ان الدور البارز للمقاومة العراقية جعل هذه المكاسب تتراجع. ونجحت المقاومة العراقية في اختراق الجدار الحصين للامن الاميركي حيث اثبتت واشنطن فشلها في العراق. وثبات حركات المقاومة من العراق الى لبنان وفلسطين التي قاومت العدو «الاسرائيلي» الذي انسحب من قطاع غزة عام 2005 وسعى الى إبقاء القطاع ساحة لمواجهات مستمرة للمس بقدرات الأجنحة العسكرية المسلحة للقوى والفصائل الفلسطينية، وتخللت تلك المواجهات موجات تصعيد كبيرة قادت الى ثلاث حروب عسكرية على قطاع غزة الاولى في كانون الاول عام 2008 والثانية في تشرين الثاني عام 2012 والثالثة في تموز 2014، حيث تعهدت الحكومة «الاسرائيلية» للرأي العام «الاسرائيلي» في تلك الحرب القضاء على الأجنحة العسكرية للقوى والفصائل الفلسطينية في القطاع، وأطلقت يد الجيش «الاسرائيلي» من دون كوابح بتمويل مالي من السعودية وهذا ما أكده الكاتب ديفيد هيرست في صحيفة «الغارديان» حيث قال إن العدوان «الاسرائيلي» على غزة جاء بتمويل سعودي…
ولكن مجريات المعارك على الارض ألحقت صدمة كبيرة بالمجلس الامني الحكومي برئاسة بنيامين نتنياهو وقيادة الاركان، فالصمود الفلسطيني على الارض لم يكن متوقعاً بهذا المستوى حسب التقديرات «الاسرائيلية» قبيل الحرب والخسائر التي لحقت بجيش العدو «الاسرائيلي» جعلت من نتنياهو يسعى الى ايقاف الحرب تماماً كما حرب تموز2006، وبصورة مفاجئة بدأت وسائل الاعلام «الاسرائيلية» تنشر منذ اوائل نيسان عام 2015 بعض يوميات من حرب غزة تتحدث فيها عن اخفاقات الجيش «الاسرائيلي» امام مقاتلي حماس، وكذلك اعتراف يوآف غالانت قائد المنطقة الجنوبية السابق في الجيش «الاسرائيلي» في 7 آذار من العام الحالي عن عجز الجيش «الاسرائيلي» بالتعامل مع حماس.
تعاظم محور المقاومة وثقافتها التي انتصرت في المنطقة الذي بدا واضحاً وألحق الهزائم بالعدو «الاسرائيلي» وعملائه من السعودية و»القاعدة» و»الاخوان المسلمين»، هذا التعاظم ادى الى تغيير الاستراتيجيات الاميركية في المنطقة وباتت تسعى الى التفاوض مع ايران القوى الاقليمة التي فرضت نفسها بقوة وبدأت تفاوض حول برنامجها النووي من منطلق الند للند. فمع ثبات محور المقاومة وجاهزية المقاومين ومع الحليف الروسي لهذا الحلف يؤكد المتابعون على ان المواجهة المقبلة مع «اسرائيل» ستتم على اسس مختلفة من الموازين لمنع محور الاستعمار من تحقيق أهدافه.