لبنان بين مقاومة اتفاق الإذعان والتطبيع وانتصار المقاومة في أيار وتموز وسقوط أهداف الحرب على سورية

سعت «إسرائيل» منذ قيامها إلى غزو لبنان والسيطرة عليه لأهداف متعددة، ففي عام 1982 قامت «إسرائيل» بتنفيذ ما عرف بالاجتياح «الإسرائيلي» للبنان حيث دمرت القوات «الإسرائيلية» عشرات المدن ومئات القرى اللبنانية ونجحت للمرة الإولى في اجتياح ودخول عاصمة عربية خارج حدود الأراضي المحتلة وهي بيروت، كما نجحت في إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.

على وقع هذا الاجتياح بدأت المفاوضات بين «إسرائيل» ولبنان في 28 كانون الأول 1982 برعاية أميركية في فندق «ليبانون بيتش» في منطقة خلدة جنوب بيروت، بعد تلك المفاوضات جرت جولات تفاوضية عديدة في مستعمرة كريات شمون شمال فلسطين المحتلة.

استمرت المفاوضات حتى 17 أيار 1983 حيث تم التوصل إلى اتفاق «سلام» عرف بمعاهدة 17 ايار الذي قوبل برفض القوى الوطنية اللبنانية حينها، ووصف باتفاق الذل الذي ولد ميتاً، كما قوبل بالرفض من الدولة السورية، حيث أبلغ الرئيس الراحل حافظ الأسد حينها وزير خارجية أميركا جورج شولتز ومساعده ريتشارد مورفي للشرق الأدنى بأن «هذا الاتفاق لن يمر»، وفيما بعد اعتبرت الحكومة اللبنانية ومجلس النواب اللبنانى هذا الاتفاق باطلاً وقاموا بإلغائه بعد أقل من عام على التوقيع عليه واقراره من قبل مجلس النواب، وبالتحديد في 5 آذار 1984.

تأتي ذكرى توقيع هذا الاتقاق في وقت يتعرض فيه محور المقاومة الممتد من إيران إلى سورية إلى المقاومة في لبنان وفلسطين لأشرس الهجمات من الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين وبعض الأنظمة العربية، ليس آخرها المؤامرة الدولية والعربية التي تتعرض لها سورية راهناً.

فما هو اتفاق 17 أيار؟ وما هي الظروف الداخلية والإقليمية والدولية التي كانت محيطة به آنذاك؟ وكيف واجه لبنان الشعبي والسياسي هذا الواقع الذي كان سيدخل لبنان العصر «الإسرائيلي»؟

كيف توصف شخصيات سياسية وإعلامية عاصرت وعايشت هذه الحقبة السياسية والأمنية المفصلية في تاريخ لبنان؟

زاهر الخطيب

رئيس «رابطة الشغيلة» النائب السابق زاهر الخطيب، كان من الأصوات النادرة التي رفضت هذا الاتفاق وصوتت ضده في المجلس النيابي، يستذكر تلك المرحلة بالقول: «إن اتفاق 17 أيار هو صك استسلام فرض على لبنان حينها ووضعه تحت الوصاية «الإسرائيلية» المباشرة، والذي جرى الترويج له كان تضليلاً بأنه سيدخل لبنان جنة السلام»، وأضاف: «في عهد رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل وجيشه، كان يروج حينها لمقولة ماذا نستطيع أن نفعل، وطرحت الأمور علينا أن نختار بين السيئ والأسوأ، وإذا لم نقبل باتفاق 17 أيار فهذا سيؤدي بنا إلى الهلاك».

ويشرح الخطيب عن إسقاط هذا الاتفاق قائلاً: «من هنا بدأ رفض هذا الاتفاق وتكونت الجبهة الوطنية من القوى الوطنية، ورئيس حركة أمل، والرئيس سليمان فرنجية، والنائب وليد جنبلاط، وكل هذه القوى التي تصدت لاتفاق 17 أيار، ولإسقاط أيضاً كل تفرعاته وتداعياته لأنه جرى في ظل احتلال، ما يجعله مرفوضاً قانونياً وأخلاقياً ومبدئياً ونضالياً».

وأشار إلى أنه «فيما كان الرفض السياسي في المجلس النيابي، كانت الانتفاضة الشعبية في الشارع تنفجر في وجه الحكومة آنذاك».

ويضيف الخطيب قائلاً: «خرجت هذه القوى لتقول إننا نرفض اتفاق 17 أيار، كما علمتنا المقاومة بأنه ليست هناك موازين قوى ثابتة، إنما بالإرادة والعقيدة يمكن التعبير عن هذه الموازين».

واكيم

رئيس «حركة الشعب» النائب السابق نجاح واكيم، والذي صوّت أيضاً ضد هذا الاتفاق في المجلس النيابي، يراجع وقائع وظروف تلك الحقبة ومضمون هذا الاتفاق قائلاً: «توقيع اتفاقية 17 أيار أتت على إثر توقيع اتفاقية «كامب ديفيد» في محاولة وقفت خلفها الولايات المتحدة الأميركية، وقرار الاجتياح «الإسرائيلي» للبنان كان أميركياً لكي يكون لبنان الحلقة الثانية بعد مصر، وكانت الغاية تطويق سورية التيّ رفضت «كامب ديفيد»، وكذلك ضرب الوجود الفلسطيني وليس فقط المقاومة الفلسطينية في لبنان»، مضيفاً: «المخطط «الإسرائيلي» المعروف أنّه على الأقلّ على تخوم فلسطين يجب ألا يكون هناك فلسطينيون وهذا ما كان وارداً في الاتفاقية بشكل غير صريح، ولكن الكلّ يذكر بأنّه تمّ الحديث عن تجنيس عدد من الفلسطينيين وإلغاء المخيمات وتهجيرهم، ومن هنا اتّخذ القرار الأميركي بالعدوان على لبنان من أجل الإتيان بحكم عميل، وجاء حينها بشير الجميل ومن ثمّ أخوه أمين الجميّل».

ويضيف واكيم في استعراض تلك المرحلة بالتذكير ببعض الوقائع التي رافقت الاتفاق قائلاً: «لم تكن صدفة أنّه عندما كانت «إسرائيل» تحاصر بيروت وتستعد للدخول إليها كان الرئيس السابق رفيق الحريري في فندق البريستول يشكّل حكومة بهدف أن يكون هو رئيس حكومة بشير الجميّل، والّذي خرّب ذلك هو مقتل بشير الجميّل وبالتالي عدم تسليم سورية للنتائج السياسية».

أما عن مضمون الإتفاقية يختصرها واكيم قائلاً: «من يقرأ بدقّة مضمون الإتفاقية يرى أنّ لبنان بموجب هذه الإتفاقية يتحوّل إلى «محمية إسرائيلية».

وعن الأسباب التي أدت إلى سقوط هذا الاتفاق قال: «أنا والنائب زاهر الخطيب أخذنا الموقف ولكن ليس هذا ما أسقط الاتفاق، على رغم قيمة الموقف، لكن الدور الأهم هو للمقاومة الشعبية وانتفاضة القوى الوطنية، والموقف السوري أيضاً كان له دور كبير جدّاً، خصوصاً الرئيس حافظ الأسد، ودور الاتّحاد السوفياتي في ذلك الوقت تحديداً، ذلك الرجل الرائع «يوري اندروبوف»، وهناك عوامل عدّة انبثقت لإسقاط الإتفاقية ولقلب موازين القوى، وهذا ما حصل عامي 1983-1984، ولا ننسى عندما كان آرييل شارون يقود القوات العسكرية «لإسرائيلية» على الأرض كان السفير فيليب حبيب هو الذي يدير اللعبة من قصر بعبدا وتواطؤ بعض المسؤولين اللبنانيين، وبالتحديد جوني عبدو الذي كان رئيس المخابرات العسكرية آنذاك والذي زار فلسطين المحتلّة أكثر من مرّة قبل الغزو ليمهّد له».

مهنا

اعتبر نائب رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي توفيق مهنا أن «اتفاق 17 أيار هو اتفاق إذعان واستسلام لإرادة العدو الصهيوني، وتلبية لأهدافه التي وضعها في ضوء الاجتياح «الإسرائيلي» في العام 1982»، مؤكداً أن «هذا الاتفاق هو معاهدة للصلح بين لبنان و»إسرائيل» على نسق المعاهدة التي وقعها العدو «الإسرائيلي» مع مصر أنور السادات «كامب دايفيد»، والتي أخرجت مصر من دائرة الصراع العربي «الإسرائيلي»، مضيفاً: «كان العدو يزمع بالتعاون مع عملاء له في لبنان ومع أدواته ممثلين في تلك المرحلة برمزهم بشير الجميل، عبر اجتياح لبنان بهدف جره إلى معاهدة صلح ثانية تخرج لبنان من صراعه القومي وتقطع صلاته مع المحيط القومي بدءاً بسورية ومعها كل العالم العربي».

بالطبع لن تبقى حدود هذا الاتفاق بهدنة بين لبنان والعدو الصهيوني أو معاهدة صلح، بل يتعدى ذلك ويحمل في طياته مخاطر على لبنان الوطن والكيان والهوية، ويشرح ذلك مهنا قائلاً: «ينفذ من خلال هذا الاتفاق شروط أمنية في الجنوب اللبناني، وشروط توضع على الجيش اللبناني، وفتح سفارات، وأيضاً تطبيع اقتصادي وفتح أبواب العلاقات الكاملة على كل صعيد مع هذا العدو، وخضعت الحكومة اللبنانية آنذاك في عهد أمين الجميل إلى مفاوضات كان بنتيجتها هذا الاتفاق الذي رفضه الشعب اللبناني وتصدى له المقاومون وأسقطوه بالقوة» .

علم

الصحافة كانت العين الشاهدة على تلك المرحلة من تاريخ لبنان، يشرح الصحافي والكاتب السياسي جورج علم هذا الاتفاق معتبراً أنه «يدخل لبنان في المحور»الإسرائيلي» – الأميركي، ورفض هذا المشروع يعني أن يبقى لبنان ضمن محور الممانعة، وكانت سورية حينها على رأس هذا المشروع الممانع، مشيراً إلى أن «الدور السوري في لبنان كان دوراً مؤثراً وفاعلاً وفي المنطقة أيضاً، وكان حينها الرئيس حافظ الأسد لما له من هالة على المستوى العربي والإقليمي والدولي، لذلك لبنان كان خط تماس بين محاور متصارعة وما زال، وحينها كان محور الصمود والتصدي برئاسة الرئيس حافظ الأسد الذي كان له أنصاره الكثر في لبنان والمقاومة كانت بداية انطلاقتها».

ويتابع علم: «هذا الاتفاق يومها كان على حد الصراع بين المحور «الإسرائيلي» – الأميركي ومحور التصدي والممانعة، وبالتالي سقوط اتفاق 17 أيار كان بمثابة انتصار للبنان إلى جانب محور الصمود والتصدي».

بيرم

يرى الكاتب والصحافي في جريدة «النهار» ابراهيم بيرم «أن اتفاق 17 أيار هو استسلام لبناني للهيمنة «الإسرائيلية» في شكل مطلق، حتى لبنان في عهد الرئيس أمين الجميل آنذاك لم يستطع تنفيذه نظراً الى أنه راجح بالكامل لمصلحة «إسرائيل» ويستلب السيادة اللبنانية ويعزل لبنان عن محيطه العربي في شكل مطلق ويجعل لبنان في شكلٍ أو آخر مستوطنة «إسرائيلية»»، مضيفاً: «حتى الصحافة اللبنانية آنذاك حظر عليها أن تكتب مواد ضد الاحتلال «الإسرائيلي»، ويستذكر بيرم بأن «أحد المفاوضين «الإسرائيليين» طالب أحد أعضاء الوفد اللبناني بإعادة جثة الجاسوس»الإسرائيلي» دايفيد كوهين نظراً الى علاقته بالحكومة السورية حينها ما يشير إلى حجم وثقل هذا الاتفاق على الوضع اللبناني».

وحول المعطيات الخارجية التي حاولت فرض هذا الواقع قال بيرم: «الإجتياح «الإسرائيلي» عام 1982 واعتقاد «إسرائيل» بأنها هزمت المشروع المقاوم المتمثل آنذاك بمنظمة التحرير الفلسطينية والجبهة الوطنية هو الذي شجع «إسرائيل» على السير بهذا الاتفاق ودفع القوى اللبنانية اليمينية بالمضي قدماً به، واعتقدت «إسرائيل» أنها أحكمت قبضتها على لبنان من خلال هذا الاتفاق ومن خلال الظروف التي أدت إلى ما تعتبره هزيمة مشروع المقاومة في لبنان».

وعن مواجهة هذا الواقع لفت إلى أن «انتفاضة 6 شباط عام 1984 وما سبقها من ظروف وتطورات هي التي أسقطت هذا الاتفاق بعد أن اتضح لقوى لبنانية وفي مقدمها حركة أمل والقوى الوطنية والإسلامية بأنه إذا وقع لبنان هذا الاتفاق، فإن السيادة اللبنانية ستفقد تماماً وتهيمن «إسرائيل» على لبنان، وكانت انتفاضة 6 شباط المجيدة التي أطاحت بهذا الاتفاق وزعزعة نظام الحكم الداعم له والساعي لتكريس هذا الاتفاق، أي نظام الرئيس أمين الجميل آنذاك».

وحول الثمن الذي دفعه لبنان نتيجة مواجهته هذا المشروع اعتبر بيرم «أن مناطق لبنانية دفعت ثمناً غالياً بهذا الأمر كالضاحية التي دمرت عام 1983 وأحياء كبيرة من بيروت دمرت واستبيحت من قبل القوى اليمينية لإسكات الصوت الممانع، لكن إرادة لبنان الوطني أسقطت هذا الإتفاق فأصبح ذكره عاراً لا يمحى عن جبين لبنان».

الحلف المعادي بات أضعف مما كان عليه سابقاً

السؤال المطروح هو بعد أن أسقط اتفاق 17 أيار، هل نحن أمام مخاوف لعودة معالم 17 أيار مجدداً، وفرض الهيمنة الصهيونية على لبنان؟

يجزم الخطيب قاطعاً «أننا اليوم أقوى مما كنا عليه اعوام 1993 و1996 و 2000 التي هزمنا حينها العدو «الإسرائيلي» واندحر من أراضٍٍ لبنانية احتلها بالقوة من دون قيد أو شرط ، إضافة إلى ذلك في 2006 كان الإنتصار التاريخي والإستراتيجي للمقاومة الذي تجاوز حدود الصراع بين المقاومة من جهة، والعدو الصهيوني من جهة أخرى، بل أصبح هذا الإنتصار انتصاراً للأحرار في العالم كما قال الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز».

ويضيف الخطيب: «في هذه المرحلة لا يحسبنّ أحد أن هذه المرحلة ستعود بطرح ما يشابه 17 أيار، بل 17 أيار ولى عهده سياسياً وميدانياً لأن الجاهزية اليوم للمقاومة تجعلنا أقوى مما كنا عليه في 17 أيار يوم أسقطناه، والحلف المعادي هو أضعف من ما كان عليه سابقاً، لذلك نحن أمام شروط أفضل من حيث الجاهزية»، واستبعد الخطيب «أي أفق لإمكانية عدوان صهيوني جديد وفقاً لموازين القوى التي جعلتنا اليوم كقوى مقاومة وممانعة مع حليفنا حزب الله في الأساس وكل القوى المقاومة والممانعة وسورية وإيران وروسيا والصين ودول البريكس أقوى مما كنا عليه».

الحرب على سورية استكمال للمشروع نفسه عام 1982

أما واكيم يميز بين المرحلة والمخطط معتبراً «أنّ المخطّط «الإسرائيلي» يشبه في مضمونه مخطط اتفاقية 17 أيار، مستشهداً بما تريده الولايات المتحدة من 3 سنوات حتّى اليوم وهو مشروعها الّذي هو قيد التنفيذ، أو تحاول تنفيذه وهو إقامة الشرق الأوسط على ركيزتين: «إسرائيل» وتركيا، ولتنفيذ هذا المشروع يستعيرون غطاء «الإسلام الإخواني» و»الإسلام الوهابي».

ويرى واكيم أن «الحرب الحالية على سورية هي استكمال للمشروع نفسه، كالتآمر على سورية عام 1982 أي محاولة إسقاط سورية، وكلّ هذه الرسائل التّي ذهبت إلى الرئيس بشار الأسد قبل الأحداث في سورية هي رسائل أميركية نقلوها العرب وتضمنت أن توافق سورية على إسقاط حقّ العودة مما يسمّى مبادرة «السلام العربية» أي تصفية القضية الفلسطينية، والتآمر على سورية هو جزء من عملية ما يسميه الأميركيون اتفّاق الإطار الفلسطيني «الإسرائيلي» المقصود منه هو إعطاء غطاء لعرب الخليج وعلى رأسهم السعودية لإعلان تفاعلهم مع «إسرائيل» من أجل تشكيل هذا الحلف في الشرق الأوسط الجديد التركي «الإسرائيلي» – الخليجي»، مضيفًاً: «نرى أنّ التآمر على لبنان تحديداً هو تآمر على المقاومة، ولبنان خلال الـ 3 سنوات الماضية شهد أخطر تآمر على سورية عبر لبنان وبمشاركة من قوى سياسية في السلطة، وبالوقت نفسه هناك تآمر على المقاومة من خلال الجو الطائفي والمذهبي المحتقن والأعمال الإرهابية التي شهدناها، ووظيفة لبنان كانت التآمر على سورية ومحاولة إغراق المقاومة بفتنة داخلية مذهبية أو طائفية، فكيف سيكون الوضع في لبنان فهذا أمر يتوقف على مسار الصراع الدائر في سورية».

ولفت واكيم إلى «أننا دخلنا مرحلة إنهاء هذا التآمر على سورية ولدينا ثقة بالقوى الفلسطينية وبالشعب الفلسطيني أن يمنع أبو مازن تحديداً من التوقيع على الاتفاق الاطار تحت أي شروط»، مؤكداً «أن المشروع الأميركي كان في الـ 1980 يستهدف جعل «إسرائيل» جسماً طبيعياً وجعل العرب قبائل وكتلاً متصارعة داخلياً، ونرى أن كل بلد عربي يعيش حالياً صراعات وحروباً إنما تصنعها الولايات المتحدة الأميركية و»إسرائيل» .

لبنان عصي بمقاومته وشعبه وجيشه في مواجهة أطماع العدو

يجيب نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي على هذا السؤال قائلاً: «طبعاً أهداف العدو الصهيوني ثابتة وقد تتغير وسائل تحقيقها، وفي الوقت الراهن يحاول العدو من خلال الفتنة ضد المقاومة وسلاحها وقوة لبنان في المعادلة الجديدة إبطال سلاح المقاومة وإغراقه في الفتن بعد أن عجز عن انتزاع وتصفية هذا السلاح بحرب تموز في عام 2006 ، كما عجز في كل المرحلة التي تلت اجتياحه للعاصمة وتحررت بالمقاومة ومن بعدها تحرر الجبل والبقاع ومعظم الجنوب».

وينبّه مهنا إلى «أن العدو اليوم يحاول بشتى الوسائل وأهمها وسيلة الفتنة والضغط دولياً لتحييد لبنان عن الصراع، والتغاضي كلياً عن حق العودة للشعب الفلسطيني، ويحاول أن يصل إلى الشروط عينها التي حاول أن يفرضها على لبنان».

ويؤكد مهنا «أن لبنان عصي بمقاومته وشعبه وجيشه ومؤسساته وبالثوابت التي أصبحت جزءاً من دستوره التي تعتبر «إسرائيل» عدواً وما زال يحتل قسماً من جنوب لبنان – مزارع شبعا وكفرشوبا ومرتفعات جبل الشيخ والغجر، وما زال يطمع بمياهنا واليوم في نفطنا ويعتدي على سيادتنا»، مشيراً إلى «ان أهداف العدو المرحلية تتغير، أما الهدف الاستراتيجي يبقى ثابتاًُ وهو جر لبنان إلى اتفاقيات صلح ومعاهدات وتطبيع علاقات، وهذا ما لم يحصل لأن المقاومة التي انتصرت على العدو عبر كل هذه المحطات والعقود من الزمن، قادرة بأهلها وشعبها وجمهورها الشعبي الواسع وبقدراتها أن تقضي على هذه الأهداف وتجعلها مجرد أحلام غير قابلة للتطبيع، ونحن اليوم بما نملك قادرون ليس فقط على إسقاط أهدافه بل تحقيق أهدافنا في التحرير واستعادة كامل حقنا القومي».

لبنان أصبح قلعة من قلاع الصمود

ويعلق الصحافي جورج علم على هذا الأمر بإظهار أوجه الاختلاف بين مرحلة اتفاق 17 أيار والواقع الراهن معتبراً «أن هناك اختلافاً كبيراً في الظروف، نحن نتحدث في العام 2014 حيث اختلفت المقاييس، واليوم لا شك في أن لبنان أصبح قلعة من قلاع الصمود نظراً الى النفوذ الذي لعبه حزب الله ودوره داخل سورية وداخل لبنان والانتصار الذي حققه على العدو «الإسرائيلي»».

ويضيف علم: «إن الصراع لم ينته إطلاقاً، واليوم هناك علامات استفهام كبيرة على مستوى الداخل ترسم من فريق 14 آذار وربما من غيره حول دور سلاح المقاومة واستراتيجية المقاومة في لبنان وفي المنطقة، وفي المقابل أيضاً الطرف الآخر يعتبر أن المشروع الأميركي مغاير تماماً ولا يزال موجوداً».

ويشرح علم الواقع الراهن في المنطقة قائلاً: « لا يمكن إغفال الإنجازات التي حققتها «إسرائيل» في المنطقة، حيث لم تعد العدو التي كانت عليه في السيتنات والسبعينات والثمانينات بل دخلت في كل الأسواق الاقتصادية العربية من دون استثناء، وقلة هي الدول العربية التي لا يوجد لديها علاقات اقتصادية وسياسية مع «إسرائيل» من تحت الطاولة، وليس فقط الدول التي أبرمت اتفاقيات كمصر والأردن ومنظمة التحرير»، مشيراً إلى أن «هناك توغلاً «إسرائيلياً» في الاقتصاد العربي ومنظمة التعاون الخليجي، وبقيت سورية في الصراع والتي تدفع الآن أثماناً غالية نتيجة مواقفها والصراع الذي يضربها اليوم لتشبثها في محور المقاومة».

ويسأل علم قائلاً: «هل ستبقى سورية على قوتها إذا ما خرجت من هذه المحنة»؟.

ويجيب: «بالطبع سيعاد انتخاب الرئيس بشار الأسد ولكن بطيبعة الحال سيبذل الكثير من الجهد لكي يعيد إلى سورية دورها او موقعها الذي كانت عليه، هناك مشاكل بالجراح بالخراب والدمار، وهمومها الداخلية ستطغى على تطلعاتها الإقليمية، ولكن تراجع الدور السوري الى حد ما يغطيه تقدم حزب الله وان الصراع حتى الآن لا يزال متكافئاً ومحتدماً على المحورين معاً». وأضاف: «علينا ألا ننكر بأن «إسرائيل» تحاول فرض ما تريده من مفاوضات مع الفلسطينيين تحت الرعاية الأميركية في اتفاق الإطار، وهذا بطبيعة الحال لا نراه لمصلحة الحقوق الفلسطينية والشعب الفلسطيني بقدر ما هو لمصلحة «اسرائيل» اذا ما أبرم الاتفاق وهذا كله يساعد «إسرائيل» على أن تكون قوية في المنطقة ليس فقط بسلاحها بل بتطبيعها للعلاقات مع العديد من الدول العربية».

ويرى بيرم «أن هذا المشروع الآن يطبق بأشكال وأدوات أخرى والذين حاولوا الترويج لهذا الاتفاق في الثمانينات حاولوا في مناسبات دائماً تطبيق مثله عبر القضاء على المقاومة ومن خلال التشكيك بسلاح المقاومة في لبنان والاستهتار بانتصارات وثقافة المقاومة، وهم الآن يريدون كي الوعي اللبناني المقاوم من خلال ما تفعله الحكومات المتعاقبة منذ الـ 2005 حتى الآن عبر منع ذكر كلمة المقاومة في البيانات الوزارية المتتالية».

إعداد وحوار: محمد حمية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى