«سيكولوجية» الإعلام المسموم… بين الواقع والمطلوب
فاديا مطر
بعد أن دخلت المنطقة العربية مرحلة النزاع الذي دخل عامه الخامس، وعلى صفيح الحرب الدائرة في سورية والعراق مع ظهور التنظيمات «المتأسلمة» التكفيرية التي تمتد أوصالها إلى تنظيم «القاعدة» الإرهابي المدعوم دولياً وإقليمياً، فقد تباينت التقارير الصادرة عن مختلف مصادر البحوث والدراسات الدولية حول تقدير مدى قوة تنظيم «داعش» الإرهابي المتطرف ومساحة سيطرته ونفوذه في كل من سورية والعراق بعد إعلانه ما يسمى «دولة الخلافة» في 30 حزيران 2014، وما واكب ظهور هذا التنظيم الإرهابي من حملة إعلامية وسياسية ممنهجة تدعمه وتدعم مقدراته، فبعد تّغول نفوذ هذا التنظيم المتطرف من خلال سيطرته على مدينة الرمادي العراقية وتدمر السورية في 21 ايار الجاري وبعض المعابر الحدودية بين سورية والعراق على رغم ما تقوم به غارات «التحالف الدولي» ضد معاقله في العراق وسورية منذ 19 أيلول 2014 وتوالي الانتقادات الموجهة إلى دول هذا التحالف المتشاركة فيه من أغلب المراقبين العسكريين والمحللين الاستراتيجين، من ان هذه الغارات لم تكن بالناجعة ولا بالإستفادة المطلوبة، وهذا ما يضع «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة امام الشك والريبة لجهة الأهداف والفشل، بعد صدور تقارير مؤكدة عن منظمة الأمم المتحدة جاء فيها ان نسبة تدفق المقاتلين الأجانب إلى التنظيمات المتطرفة التي من أولها «تنظيم داعش الارهابي» ارتفع إلى أكثر من 25 ألف مقاتل قدِموا من اكثر من مئة دولة بحسب المنظمة الأممية، وهذا يبحث بالأكيد عن التقارير الصحافية التي بدأت بالحديث عن أن تنظيم «داعش» الإرهابي بات يسيطر على نصفي مساحة سورية والعراق ضمن حملة ممنهجة تقودها الصحافة الغربية كما جاء في مجلة business insiderالأميركية في 24 أيار الجاري وبعض الصحافة العربية المواكبة لها ليبدأ تحديد النسب بما يصل إلى 50 في المئة من مساحة العراق وسورية كجرعة دعم للتقدم الذي يحققه هذا التنظيم الإرهابي في بعض المساحات والمواقع بعد إشاعة الكلام عن انه يقترب من العاصمة العراقية والسورية، فمشروع «البغدادي» الإرهابي ليس حلماً بالنظر إلى ما تذكره الصحافة المسمومة، وقد أصبح مدروكاً جيداً اسباب انفلات تنظيم «داعش» ومتفرعاته الإرهابية من براثن الحرب «التحالفية الدولية» المزعومة التي أعلنتها واشنطن، بعد ان كشفت مجموعة «جود يشيال واتش» الحقوقية اليمينية الأميركية في 22 الجاري من تقارير ووثائق سرية حصلت عليها من أرشيف وزارتي الخارجية والدفاع الاميركية تفيد بأن مشاريع «داعش» في المنطقة العربية كانت على الأقل بعلم الإدارة الأميركية وحلفائها، وهذا ما يفسر الدعم الإعلامي المواكب لتنظيم «داعش» الإرهابي وتسويق نجاحاته المحدودة في بعض المناطق السورية والعراقية والتي تدحضها التقارير الميدانية المقبلة من أرض المعارك، والتي تشير إلى تقدم الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في محيط الرمادي وشرق صلاح الدين، وما يسطره الجيش العربي السوري والمقاومة في القلمون وريف دمشق والإرياف الشمالية والجنوبية، فالخريطة العسكرية لمناطق سيطرة «داعش» الإرهابي تشير اليوم إلى سيطرته على بعض الأراضي الصحراوية ذات القلة البشرية التي تقع بين سورية والعراق بالإضافة إلى معقله في مدينة الرقة السورية، فلا سيطرة له على المدن الاستراتيجية والصناعية والعواصم ولا حتى المدن الساحلية النافذة اقتصادياً وبشرياً، فهذا لا يعد مكسباً عسكرياً استراتيجياً للتنظيم الإرهابي ولا يقع موقع الأهمية ما تنشره الصحافة الصفراء المسمومة المواكبة في نهجها وسيكيولوجيتها لفكر هذه التنظيمات المتطرفة الارهابية التي تبرز من خلال كل أنواع الدعم الغربي والإقليمي عبر قوى دولية وأنظمة اقليمية أصبحت معروفة الجهة والتوجه.