غرفة عمليات في الأردن لنقل المئات عبر خط عين عطا ـ شبعا ـ بيت جن محاولات حثيثة لتمرير جلسة بنصاب ولا انتخاب تلبية لطلب بكركي
كتب المحرر السياسي
يوجد منذ أسابيع في الكواليس الأمنية والسياسية اللبنانية، اهتمام استثنائي لرصد ما يحدث على خط جغرافي يمتدّ بين منطقة عين عطا السورية، مروراً بمنطقة شبعا في جنوب لبنان وصولاً إلى منطقة بيت جن ومزارعها القريبة من خط الأندوف داخل الأراضي السورية مع الجولان المحتلّ.
وتمّ تسليط الضوء الحذر على هذا الخط بعد تراكم المعلومات عن وجود خطة إسرائيلية لتغيير الواقع الديموغرافي والميداني في المنطقة السورية الواقعة وراء خط الاندوف، وذلك تمهيداً لأن تتكرّر فيها نفس تجربة إنشاء الحزام الأمني الذي أقامته «إسرائيل» في لبنان خلال سبعينات القرن الماضي واستمرّ لغاية التحرير عام 2000، مع فارق أن «إسرائيل» تتجه في هذه المرحلة إلى إنشاء حزام أمني لحدي سوري.
ورأس الخيط في هذا المشروع تمّ الإمساك به من خلال جملة معلومات توافرت لمصادر متابعة لهذا الموضوع منذ نحو عامين. و«البناء» اطلعت على بعض هذه المعلومات التي جاءت على النحو التالي:
أولاً – تمّ خلال الفترة القصيرة الماضية إلقاء القبض على سوريين في منطقة شبعا، وكانوا جاؤوها من داخل سورية مجتازين منطقة عين عطا. وحاول هؤلاء لدى وصولهم إلى شبعا التسلل إلى منطقة بيت جن. وكشفت اعترافاتهم عن المعطيات الأساسية التالية:
إن وصولهم إلى شبعا تحت عنوان أنهم نازحون، يأتي ضمن خطة تنفذها دوائر أمنية وعسكرية داخل ما يُسمى بالجيش السوري الحرّ، هدفها تكثيف حركة تسلل سوريين عبر خط محدد يمتد من عين عطا – شبعا فمنطقة بيت جن. ويجمع بين هؤلاء أنهم يأتون تحت عنوان أنهم نازحون، علماً أنّ وراء قدومهم أجندة خفية واحدة، وهي دخول منطقة بيت جن تسللاً عبر شبعا والالتحاق هناك بفرقة يتمّ تشكيلها بإشراف غير مباشر من الاستخبارات الإسرائيلية، بوصفها إحدى فرق الجيش السوري الحر. وكانت آخر مجموعة من النازحين السوريين بلغ عددها 11 عنصراً، قدمت على نفس خط عين عطا إلى شبعا، تمّ إلقاء القبض عليها وهي تهمّ بالتوجه إلى منطقة بيت جن. واعترف هؤلاء بأنهم ينتمون إلى «الجيش السوري الحر»، وأنّ لديهم تعليمات بالالتحاق بوحداته المتواجدة في المنطقة السورية القنيطرة وبيت جن المقابلة للحدود اللبنانية ـ السورية.
ثانياً – كشفت معلومات أخرى متقاطعة مصدرها أجواء في المعارضة السورية عن نفس هذا المعنى، ومفادها أنّ مئات العناصر التابعة لـ«الجيش السوري الحر» وصلت إلى منطقة بيت جن انطلاقاً من منطقة شبعا، والمشترك بينها جميعها أنها لديها توجيهات واحدة، تقضي بالتجمّع في تلك المنطقة استعداداً للسيطرة عليها بعد إزاحة عناصر «جبهة النصرة» المتواجدة فيها، لتصبح هذه المنطقة خاضعة لتشكيل عسكري واحد هو «الجيش السوري الحر».
ثالثاً – تضيف هذه المعلومات أن «إسرائيل» تشرف على عملية تجميع هذه العناصر لتصبح بمثابة فرقة، وذلك من خلال التمرحل زمنياً في تهريبهم وتجميعهم في تلك المنطقة السورية الحدودية الواقعة على مثلث الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية ـ السورية. وعُلم أنّ هذه المجموعات تتحرك وفق خطة تسلل تقوم على تحديد ثلاثة أماكن جغرافية: المنطقة الأولى هي عين عطا التي تلعب دور منطقة التجمّع الأول حيث يصل إليها المسلحون من مختلف الأراضي السورية. وينتقي هؤلاء المسلحين مكتباً موجوداً في الأردن ويخضع لقيادة لوجستية مشتركة من سوريين في الجيش السوري الحرّ وممثل عن الاستخبارات الإسرائيلية وإحدى الدول العربية. المنطقة الثانية هي شبعا في لبنان، حيث يصل إليها المسلحون من منطقة تجميعهم في عين عطا، وذلك على شكل مجموعات متفرّقة وتحت عنوان أنهم نازحون. المنطقة الثالثة هي بيت جن ومزارعها داخل سورية والقريبة من شبعا والمثلث الحدودي اللبناني ـ السوري. ويتمّ اعتبار هذه البلدة ومنطقتها بمثابة رأس الجسر الذي ستنطلق منه حملة إنشاء الشريط الحدودي الإسرائيلي داخل الأراضي السورية.
رابعاً – كشفت هذه المعلومات عن زيارات على صلة بهذا الهدف كان قام بها ابن بلدة مجدل شمس مندي الصفدي مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لشؤون المعارضة السورية، وذلك في باريس وعاصمة أوروبية أخرى واسطنبول خلال نهايات العام الماضي واستكملت خلال الأسابيع الأخيرة. والتقى الصفدي خلالها بشخصيات سورية ولبنانية لإقناعها بالإسهام في خطة إنشاء شريط أمني داخل سورية بالقرب من المثلث الحدودي اللبناني ـ السوري.
وتقول هذه المعلومات إن حجر الأساس في هذا المشروع يتمّ تنسيقه من قبل كلّ من الصفدي كممثل عن نتنياهو وقيادي في الائتلاف السوري المعارض ويدعى مصطفى اللبواني، وأنّ هذا الاخير زار «إسرائيل» أكثر من مرة خلال عامين، وصاغ مع الصفدي مذكرة مطالب وتفاهم مع تل أبيب نصت على التالي:
أ- إنشاء منطقة حظر جوي في المنطقة السورية المتاخمة للجولان.
ب- يتمّ تسليم هذه المنطقة بدعم من «إسرائيل» للمعارضة السورية على أن تتكوّن مجموعاتها من عناصر ومجموعات توافق الاستخبارات الإسرائيلية عليها.
ج- تكون هذه المنطقة ديموغرافياً من لون طائفي معيّن منسجم مع ديموغرافيا الجولان.
د- هذا التفاهم يمهّد لإقامة حكم ذاتي في الجولان مقبول من أهله ويلبّي مصالح «إسرائيل».
وتؤكد هذه المعلومات أن اللبواني قدم هذه المذكرة إلى الخارجية الإسرائيلية وإلى ديوان نتنياهو في كانون الثاني من العام الماضي بمناسبة زيارة الأخير إلى «إسرائيل». وأنه على أثرها تحرك الصفدي لحشد التأييد لها من قبل طرفين: مفاتيح درزية فلسطينية وغير فلسطينية، حيث ووجه برفض من قبل هؤلاء الأخيرين، وأيضاً من «الإخوان المسلمين» السوريين الذين قبلوا بالمشاركة بالتواجد العسكري في الحزام الأمني الإسرائيلي السوري غير المعلن. وجاءت هذه الموافقة عن طريق نائب المراقب العام للإخوان فاروق طيفور.
وتقضي الخطة بحسب النسخة الإسرائيلية بإنشاء حزام أمني من الإخوان المسلمين ومجموعات «الجيش السوري الحر» في المنطقة الواقعة وراء خط الأندوف مع الجولان وهدفه منع تسلل السلفيين المتطرفين إليها والانفتاح الاقتصادي بين هذه المنطقة والجولان. أما طموح «الجيش الحر» و«الإخوان» من وراء إقامتها فهو ربط تلك المنطقة بجنوب دمشق، مقابل التعهّد بعد إسقاط النظام بالموافقة على حكم ذاتي للجولان تحت الحكم الإسرائيلي وإقامة سلام بين سورية و«إسرائيل».
هل بدأت إسرائيل بإعداد منطقة ما وراء خط الأندوف داخل سورية لتنفيذ هذه الخطة؟؟
المعلومات الأمنية تجيب بنعم، وأيضاً المعلومات السياسية التي تتحدث عن بدء إرهاصات الاعتراف بالائتلاف المعارض الذي مثله اللبواني صاحب مذكرة التفاهم بين المعارضة و«إسرائيل»، من قبل دول كبرى كلندن وواشنطن…
لبنان ليس معنياً فقط من زاوية استخدام أراضيه كممرّ لانتقال المجموعات الهادفة لإقامة هذا الحزام، بل لأنّ الهدف النهائي من لونين مذهبيين يحاكي أحدهما بيئة ديمغرافية سورية محتلة والثاني يحاكي بيئة لبنانية محاذية للحدود، خصوصاً في المناطق التي تتصل بجغرافيا الاحتلال في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هو توسيع نطاق مهمة الحزام ليغطي المثلث السوري ـ اللبناني ـ الفلسطيني بمجموعات سورية مسلحة تنشط لاستقطاب لبنانيين بداعي دعم مشروعها في سورية وثم تدمجه في مشروعها الحدودي ليتسنّى لإسرائيل مرة أخرى العودة من الشباك الجولاني بعد خروجها من الباب الجنوبي.
زيارات السنيورة وجعجع
ومع دخول لبنان في الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد، ارتفعت وتيرة اللقاءات الرئاسية المعلنة وغير المعلنة، وترافقت مع حراك باتجاه الخارج، حيث توجه رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة إلى المملكة العربية السعودية، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى فرنسا، فالمملكة السعودية في زيارة مفاجئة.
حراك دبلوماسي سعودي ـ أميركي
وفيما توجه السفير السعودي علي عواض عسيري إلى الصرح البطريركي في بكركي للقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وأكد بعد اللقاء «أنّ هذا الاستحقاق يقع على عاتق المسيحيين في الدرجة الأولى، ومسؤوليتهم الكبيرة تجاه بلدهم. وفي السياق أكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» أنّ الزيارة هي نوع من تبرير وتنصّل من المسؤولية وحصرها بالمسيحيين، فهو أبلغ الراعي أنّ السعودية تؤيد أي رئيس يتفق عليه المسيحيون عليه.
هِلْ عند الوسطيين
وعلى خط الحركة الدبلوماسية أيضاً، زار السفير الأميركي ديفيد هِلْ الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي في زيارة للتشاور وجسّ النبض من الأميركيين حول اسمين وسطيين من خارج النادي السياسي لم يجر تسريبهما حتى الآن، وقد يكونان وفق التخمينات جهاد أزعور ورياض سلامة.
وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة أنّ الأميركيين قرّروا الإتيان برئيس لإدارة أزمة ومواكبة التطورات السورية، وأنّ زيارة السفير الأميركي إلى وزير الخارجية جبران باسيل كانت بمثابة التخدير، ولإبعاد الأنظار عن الزيارات الأخرى التي بدأها هِلْ، وفي الوقت عينه الاحتفاظ بورقة العماد عون احتياطياً، فالأميركيون أبلغوا السعوديين أنّ الوقت في لبنان ليس لرئيس يحكم، بل لرئيس على قياس الياس سركيس.
حزب الله لم يتخذ قراراً بعد والتغيير والإصلاح إلى الجلسة… إلا
وإلى أن تنجلي حصيلة الاتصالات، فإنّ حضور كتلة الوفاء للمقاومة وتكتل التغيير والإصلاح الجلسة الخامسة للانتخابات الرئاسية لم يحسم بعد، فحزب الله لم يتخذ موقفاً بعد من المشاركة أو عدمها بانتظار التشاور مع حلفائه في تكتل التغيير والإصلاح. في حين رجح مصدر بارز في التكتل المذكور احتمال أن ينزل نواب التكتل إلى المجلس النيابي يوم الخميس المقبل ويدخلون القاعة، فالمشاركة كما يقول المصدر ليست مقفلة إلا أنها تتأكد بعد الاجتماع الأسبوعي للتكتل يوم الثلاثاء المقبل، إلا أنه رفض الجزم بذلك، باعتبار أنّ المعطيات قد تتبدل بين ليلة وضحاها، علماً أن معلومات أكّدت أن جلسة يوم الخميس المقبل سيتأمّن نصابها تلبية لطلب بكركي، ولكن من دون أن يتم انتخاب الرئيس الجديد.
ثوابت حزب الله في بكركي
وعلى خط الضاحية بكركي، حط وفد من حزب الله في الصرح البطريركي أمس في زيارة كان من المفترض أن تحصل قبل أربعة أيام. ارتأى حزب الله من خلالها أن يبلغ البطريرك الماروني بشارة الراعي مباشرة موقفه من زيارة الأخير إلى الأراضي المقدسة. وأكدت مصادر المجتمعين لـ»البناء» أنّ حزب الله قدم رؤيته حول هذه الزيارة التي تحمل من السلبيات أكثر مما تحمل من إيجابيات، فمخاطرها كثيرة، وصحيح أنّ البطريرك يزور الأراضي المحتلة بنوايا حسنة لجهة الاضطلاع على أوضاع الرعية المسيحية، إلا أنّ «الإسرائيلي» سيستفيد منها، لا سيما أنها تشكل سابقة في تاريخ لبنان.
وإذ أشارت مصادر المجتمعين إلى أنّ حزب الله أشاد بما قام به البطريرك الراعي منذ تنصيبه، وإطلاقه شعار «شركة ومحبة»، تمنى على البطريرك عدم القيام بهذه الزيارة، والحفاظ على الصورة التي عرفه به اللبنانيون.
وقال الوفد للبطريرك: «إنك يا سيادة البطريرك تذهب إلى أراضٍ يحتلها العدو ونحن نعرف أن لا خلفيات سيئة لديكم، لكن من يضمن ألاّ يستغلها هذا العدو لمصالحه من أجل التطبيع وفرض أمور معينة على المسيحيين. كما قال له إن جزءاً من لبنان لا يزال محتلاً من هذا العدو. وهناك جزء كبير من اللبنانيين يتحسّس من هذه الزيارة ولو كانت رعوية ولا تقصدون أي أمور سيئة. وختم الوفد، نحن جئنا في هذه الزيارة لنقول ما لدينا بشكل مباشر من دون التعليق عليها في الإعلام، لكن الوفد لاحظ أن البطريرك الراعي كان مصراً على القيام بزيارته الرعوية في فلسطين المحتلة.
وأضافت المصادر أنّ ما قبل الزيارة لن يكون كما بعدها، حيث سيكون لحزب الله الموقف المناسب في حينه.
في المقابل بدا الراعي مصرّاً على الزيارة، وأكد أنه سيذهب لزيارة رعيته، مشدّداً على أنّ «إسرائيل» عدو، والزيارة لا تعني الاعتراف بها.
وفي شأن الاستحقاق الرئاسي، شدّد البطريرك الماروني أمام وفد حزب الله بحسب ما علمت «البناء» على ضرورة إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده، لافتاً إلى أنّ الوقت بدأ يدهمنا.
ولما بدا البطريرك غير مهتم بمواصفات الرئيس، إذ أشار في اللقاء، إلا أن لا مشكلة في انتخاب العماد ميشال عون أو رئيس حزب القوات سمير جعجع، أو أي مرشح يتم الاتفاق عليه بين القوى السياسية، لأن المهم بالنسبة له أن لا يشغر موقع الرئاسة، بقي حزب الله متمسكاً بموقفه أن العماد عون هو مرشحه للرئاسة، وإذا لم يكن هناك رئيس متفق عليه لن يذهب إلى الجلسة الخامسة.
وفي معرض حديثه، مرّر البطريرك الراعي إشارة إلى التمديد لرئيس الجمهورية ميشال سليمان، إلا أنّ حزب الله الرافض بالمطلق للتمديد، أكد للراعي أنّ التمديد بحاجة إلى حضور 86 نائباً، وعند توافر ذلك يلتئم المجلس لانتخاب رئيس جديد.
رسالة سليمان
وعلى خط بعبدا، وجه الرئيس سليمان رسالة إلى المجلس النيابي بواسطة رئيس المجلس يطلب بموجبها، واستناداً إلى الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور، العمل بما يفرضه الدستور وما توجبه القوانين لاستكمال الاستحقاق الدستوري، تفادياً للمحاذير والمخاطر التي قد تنشأ جراء عدم انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قبل الخامس والعشرين من شهر أيار الجاري.
بو صعب صوت هيئة التنسيق
وفي الملف النقابي، نجح لقاء وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب وهيئة التنسيق النقابية، فتمّ الاتفاق على توقف الاعتصامات واستكمال العام الدراسي فيما بقي بند الامتحانات الرسمية عالقاً بانتظار الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في 27 أيار الجاري. وأكدت مصادر المجتمعين لـ»البناء» إلى أنّ اللقاء كان جيداً، هيئة التنسيق تعتبر أنّ وزير التربية هو صوتها داخل مجلس الوزراء، ويثقون به.