الأحداث تتسارع في زيوريخ… الاتحاد الدولي على خطّ النار الـ«فيفا» يتعاون بشكلٍ كامل كطرفٍ متضرر في الإجراءات التي اتخذت
وجه القضاء الأميركي تهمة التآمر والفساد إلى 9 مسؤولين منتخبين في الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» و5 مسؤولين كبار. وتأتي هذه الخطوة بعد أن اعتقلت السلطات السويسرية بطلب من الولايات المتحدة 9 مسؤولين كبار في الاتحاد الدولي للكرة صباح أمس بتهم فساد صادرة عن القضاء الأميركي.
وتحدّثت تقارير صحافية عن اتساع رقعة الاعتقالات لتشمل جميع المفسدين في عالم كرة القدم، بعدما اعتقل 9 منهم في مقر إقامتهم في زيوريخ حيث كانوا يتحضرون لحضور انتخابات الرئاسة لولاية جديدة.
وأعلنت وزيرة العدل الأميركية ارتفاع القائمة التي تضم المتهمين في هذه القضية لتصل إلى 14 متهماً من بينهم التسعة الذين ألقي القبض عليهم في زيوريخ ، إلى جانب 6 متهمين آخرين منهم من اعتزل العمل الرياضي.
ويتنافس الرئيس الحالي السويسري جوزيف بلاتر مع رئيس الاتحاد الأردني الأمير علي بن الحسين على منصب الرئيس، وذلك بعد انسحاب كل من النجم البرتغالي لويس فيغو ورئيس الاتحاد الهولندي مايكل براغ.
وقال مسؤول وكالة التحقيقات الفيدرالية الأميركية FBI إن بلاتر ليس من ضمن الموقوفين، ولكنه قال أيضاً حتى الآن.
ونشرت وكالة الأنباء «رويترز» قائمة قالت إنها تشمل عدداً من المتورطين في قضية فساد الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا ، وهي على النحو التالي:
1 – جيفري ويب جزر كايمان : عمره 50 سنة وهو نائب رئيس الفيفا كما يشغل منصب رئيس اتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي الكونكاكاف منذ 2012. وهو رئيس مجموعة عمل الفيفا لمناهضة العنصرية والتمييز ورئيس اتحاد جزر كايمان لكرة القدم.
2 – يوغينيو فيغيريدو أوروغواي : عمره 83 سنة وهو نائب رئيس الفيفا وتولى رئاسة اتحاد أميركا الجنوبية بين 2013 و2014 كما شغل في السابق منصب رئيس اتحاد أوروغواي لكرة القدم بين 1997 و2006.
3 – جاك وارنر ترينيداد وتوباغو : عمره 72 سنة وهو وزير الأمن الوطني في بلاده وشغل منصب رئيس اتحاد الكونكاكاف بين 1990 و2011 وكان نائباً لرئيس الفيفا حتى 2011 كما شغل منصب رئيس الاتحاد الكاريبي بين 1990 و2011 واستقال من كل مناصبه الرياضية في 11 حزيران 2011 ليضع حداً لإجراءات لجنة القيم بالفيفا ضده.
4 – رفائيل إيسكيفيل فنزويلا : عمره 68 سنة وهو رئيس الاتحاد الفنزويلي لكرة القدم منذ 1987 وهو عضو بلجنة الانضباط بالفيفا.
5 – جوزيه ماريا مارين البرازيل : عمره 83 سنة وهو رئيس الاتحاد البرازيلي بين 2012 و2015 كما عمل كرئيس للجنة المنظمة المحلية لكأس العالم 2014 وكان حاكماً لولاية ساو باولو بين 1982 و1983.
6 – نيكولاس ليوز باراغواي : عمره 86 سنة وهو رئيس اتحاد أميركا الجنوبية بين 1986 و2013 وعضو سابق باللجنة التنفيذية للفيفا بين 1998 و2013 وفاز في ولايتين برئاسة اتحاد باراغواي واعتزل كل المناصب الكروية «لأسباب صحية وشخصية» في نيسان 2013.
7 – إدواردو لي كوستاريكا : هو رئيس اتحاد كوستاريكا ومستشار خاص للجنة المنظمة لنهائيات كأس العالم تحت 20 سنة وتحت 17 سنة للسيدات.
8 – خوليو روتشا نيكاراغوا : رئيس سابق لاتحاد نيكاراغوا بين 1990 و2014 وانضم لقاعة مشاهير الكونكاكاف في 2009 ويشغل حالياً منصب مسؤول التطوير بالفيفا.
9 – كوستاس تاكاس جزر كايمان : الأمين العام السابق باتحاد جزر الكايمان.
علي بن حسين
من جهة أخرى، أكد الأمير الأردني علي بن الحسين أنه يشعر بالحزن بسبب أحدث فضيحة فساد تتعلق بالمنظمة المسؤولة عن إدارة اللعبة. وأصدر الأمير علي بياناً مقتضباً أمس بعدما اعتقلت الشرطة السويسرية مسؤولين بارزين منهم نائبان لرئيس الفيفا في انتظار تسليمهم للولايات المتحدة. وقال: «هذا يوم سيء لكرة القدم».
الفيفا يرحّب
ورحب FIFA بالإجراءات التي اتخذت أمس بحق المفسدين وقال في بيان: «يمكن لهذه الإجراءات أن تسهم في استئصال أي سوء تصرّف في كرة القدم. نتفهّم أن الإجراءات التي تم اتخاذها اليوم من قبل وزارة العدل الفدرالية السويسرية نيابة عن السلطات الأميركية ومكتب المدعي العام السويسري والتي كانت قد بدأت من قبل FIFA عبر تقديم ملف حول عملية التقدم بطلبات الاستضافة لكأس العالم FIFA بنسختيه عامي 2018 و2022 تتعلق بمسائل مختلفة.
أولاً، إن اعتقال أشخاص صباح اليوم في زيوريخ يتعلق بتحقيقات يجريها مكتب المدعي في القسم الشرقي من ولاية نيويورك. والسلطات السويسرية، التي تتحرك نيابة عن نظيرتها الأميركية، اعتقلت الأشخاص في ما يتعلق بأنشطة ذات صلة بتعاملات مع اتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي لكرة القدم CONCACAF واتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم CONMEBOL.
الأمر الثاني يأتي في أعقاب مبادرة FIFA بتقديم ملف حول استضافة كأس العالم FIFA بنسختيه عامي 2018 و2022 إلى مكتب المدعي العام السويسري في تشرين الثاني 2014.
هل تطيح أحداث زيوريخ ببلاتر؟
وتفاعلت تطورات القضية وتواصلت ردود الفعل منذ قامت صحيفة «نيوورك تايمز» بنشر الخبر، وأعلن الفيفا أن انتخابات رئاسة الاتحاد ستقام يوم غدٍ كما هو مقرّر. لكن منظمة الشفافية الدولية اعتبرت أن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزيف بلاتر يجب «أن ينسحب» من الانتخابات المقبلة لرئاسة فيفا وأنه يجب «تأجيل» الانتخابات المزمعة بعد أحداث أمس.
وقال كوبوس دي سواردت مدير المنظمة التي تتخذ من برلين مقراً لها والمتخصصة في مكافحة الفساد: «هذه الفضائح حصلت تحت مراقبة جوزيف بلاتر. من مصلحة الجماهير والحكم الجيد لكرة القدم أن ينسحب بلاتر».
على رغم عدم ذكر أسماء المسؤولين البارزين، إلا أن وصفهم بالمسؤولين الكبار، يؤكد بما لا يدعو للشك أن هناك دلائل وبراهين دامغة على شبهات الفساد التي طالما حامت حول عمل بيت كرة القدم العالمي، كما أن عملية تسليم هؤلاء المسؤولين إلى الولايات المتحدة الأميركية التي تطالب بمحاكمتهم بمقتضى القانون بقضايا تتعلق بالابتزاز وغسيل الأموال والاحتيال على مدى أكثر من عشرين سنة، تؤكد أن هناك الكثير مما يقال في موضوع الفساد الذي يتحدث عنه الجميع، ولكن لم تتضح أية دلائل أو براهين عليه.
وما يثير الدهشة أكثر أن الحديث عن عمولات ورشاوى يصل مداها إلى 100 مليون دولار، وهو رقم يعبر عن حجم الفاسد الذي عاشته هذه المنظومة الأكبر في الساحة الرياضية.
الموقف بات خطيراً والجميع يترقب انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي التي ستعقد في زيوريخ، وهناك تساؤلات عديدة حول موقف رئيس الاتحاد الدولي الحالي جوزيف بلاتر من هذه التطورات الخطيرة، خصوصاً أن هؤلاء المسؤولين يعملون تحت إمرته منذ أكثر من 18 سنة، ولن يكون بريئاً من تصرفاتهم على الجانبين، فإذا كان يعلم بهذه التصرفات فهو شريك بالجريمة، وإذا كان لا يعلم بمرور كل هذه السنوات، فهو غير جدير بقيادة جمهورية كرة القدم العالمية.
وسبق للأمير الأردني علي بن الحسين المنافس الوحيد لبلاتر على مقعد الرئاسة أن طالب بتجديد الفيفا، وبنى مشروعه الانتخابي على التخلّص من الخلايا الفاسدة في هذه المؤسسة العريقة والانطلاق نحو مستقبل أكثر نقاءً، وفتح جميع الأوراق للجميع حتى لا يبقى ما يمكن إخفاؤه، وقد تكون نداءات الأمير المتكررة بضرورة فتح الملفات ومحاسبة الفاسدين قد آتت أكلها، وبدأت عملية المراجعة الشاملة لتصرفات المسؤولين في الفيفا، والذين تلطخت أيديهم بقضايا فساد.
ربما تهز تلك الأحداث عرش قيصر الفيفا، وقد تسحب الكثير من الاتحادات الوطنية التي ستشارك في الانتخابات ثقتها به، بل ويمكن أن يكون هناك سيناريو مختلف تماماً بأن يضطر سيد الفيفا الأوحد إلى سحب ترشيحه وبالتالي إعلان الأمير علي رئيساً بالتزكية.
وقد يكون ذلك بمثابة مسرحية من تأليف الأمير علي المستفيد الأول من سحب البساط من تحت قدمي قيصر كرة القدم في العالم.
الساعات المقبلة ستكون حساسة وحاسمة، وستكشف الكثير من الحقائق التي انتظرها جميع العالم بشغف، لعلها تكشف جزءاً ولو كان بسيطاً من الجانب المظلم في الفيفا.