تعزيز التنسيق بين الجيشين السوري والعراقي بعد فشل «التحالف» ضد «داعش»
توفيق المحمود
منذ ان أعلنت الولايات المتحدة في 11 من أيلول عام 2014 عن تشكيل تحالف دولي يضم أكثر من 40 دولة لمواجهة خطر تنظيم «داعش» الإرهابي الذي بات يسيطر على رقعة جغرافية تجمع بين العراق وسورية، أعلن هذا التحالف أنه يريد القضاء على هذا التنظيم ولم يستطع إيقاف أي تقدم، بل عزز هذا التنظيم سيطرته على العديد من المناطق في سورية والعراق. ونشرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، في تشرين الأول الماضي مقالاً أشارت فيه الى أن الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي على مواقع تنظيم «داعش» ساهمت على العكس في تعزيز قوة التنظيم وجعلت الجماعات المتطرفة الأخرى تتضامن معه، وينضم بعض مقاتليها إليه.
ومنذ أن تم الإعلان عن هذا التحالف أعلنت سورية وعلى لسان وزير خارجيتها أنها مستعدة للانضمام لأي تحالف لمواجهة الإرهاب وأن دمشق مستعدة للتعاون مع الدول الإقليمية والمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب ودعا حينها الدول الراغبة في مواجهة الإرهاب في المنطقة الى تبادل المعلومات الاستخباراتية مع دمشق بهذا الشأن، واعتبر أن الضربات الجوية وحدها ليست كافية لمواجهة تنظيم «داعش»، لكن الولايات المتحدة رفضت التنسيق مع دمشق بحجة أنه سيضعفها، يومها اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما في ختام قمة العشرين العام الماضي أن تحالفاً مع الحكومة السورية سيؤدي إلى إضعاف التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم «داعش» في العراق وسورية على حد قوله.
هذا التحالف الذي أكد فشله في إيقاف التنظيم وتمدده في سورية والعراق فأكد وزير الخارجية وليد المعلم خلال مؤتمره الصحافي مع وزير الخارجية الأرميني أن سورية لم تكن في لحظة من اللحظات تعول على غارات التحالف ومن يعول عليه يعيش في أوهام.
فالخطوط الحمر التي وضعتها أميركا التي تقود التحالف الدولي لمحاربة «داعش» أمام حكومات المنطقة للتعاون مع الحكومة السورية بشأن المجموعات الارهابية التي تنتقل إلى سورية أثارت العديد من التساؤلات حول النوايا الحقيقة لأميركا في محاربتها «داعش» فمن غير المقبول لا عسكرياً ولا أمنياً أن تتم محاربة التنظيم من دون أن يكون هناك تنسيق أمني وعسكري بين هذه الدول وسورية التي تمتلك كل المعلومات عن هذا التنظيم الذي يقوم بمد المجموعات التابعة له في البلدان الاخرى بالمقاتلين والسلاح وكل انواع الدعم.
فقد ايقنا، من سورية والعراق، إن الولايات المتحدة غير جادة في محاربة الارهاب بخاصة أن «داعش» هي صناعة غربية من أجل ايجاد ممر للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية فلم تفلح الاستراتيجية الاميركية لمواجهة التنظيم، بل على العكس ما زال هذا التنظيم يتوسع ويسيطر على الاراضي فلا احد يستطيع ان ينكر مطلقاً أن الولايات المتحدة هي التي أسست «القاعدة» ومولتها وتحالفت معها من أجل التخلص من الاتحاد السوفياتي بعدما فشلت في تحقيق ذلك عسكرياً وما زالت هذه التجربة الناجحة من وجهة النظر الاميركية قابلة للتطبيق في منطقة الشرق الاوسط عبر خلق كيانات متطرفة لهدم وتفكيك بنية الدول العربية لذلك طالب وزير الخارجية السوري وليد المعلم من الحكومة العراقية التنسيق في شكل أكبر لأن خطر تمدد تنظيم «داعش» الذي يواجهها مثل سورية، وأن سورية والعراق يواجهان عدواً واحداً ولكن التنسيق لم يصل بمستوى الخطر الذي يواجهه البلدان، وأن دمشق تريد تنسيقاً أكبر مع بغداد لمحاربة «داعش» الذي سيطر على مساحات كبيرة من الأراضي في البلدين، مضيفاً أنّ البلدين أدركا ضرورة أن يقاتلا معاً.
فالتنسيق بين الجيشين السوري والعراقي ومع المقاومة اللبنانية بدأ بالظهور من خلال هزائم «داعش» في كوباني وديالى وتمكن مقاتلو وحدات حماية الشعب بالتعاون مع الجيش السوري من طرد عناصر تنظيم «داعش» من مدينة عين العرب السورية بعد اكثر من أربعة اشهر من المعارك، وفي 11 آذار الماضي قامت وحدات الحشد الشعبي ومقاتلو العشائر بقطع طريق الإمداد بين الموصل والأنبار وصلاح الدين من جبهة ومن الناحية السورية قامت وحدات من مقاتلي عشائر دير الزور مدعومة من الجيش السوري بمواجهة «داعش» لإحكام الطوق عليهم ولمنعها من التنقل بين الجغرافيتين السورية والعراقية إذ إنّ التنسيق بين الجيشين العراقي والسوري قائم بقوة على رغم التحذيرات الأميركية للقيادة العراقية، لتفادي هذا التنسيق فهل سيتطور هذا التعاون في شكل أكبر لمواجهة «داعش»؟