فياض: في حال لم تنه الدولة الإرهاب في عرسال لن تخلو جعبة المقاومة من خيارات ومنها العسكرية
حاورته روزانا رمال
أكد الباحث والمحلل السياسي الدكتور حبيب فياض أن المقاومة لن تقبل تحت عنوان الفتنة المذهبية تكرار ما حصل في عرسال، محذراً من أنه إذا لم تنه الدولة ظاهرة الإرهاب فيها، فلن تخلو جعبة المقاومة من خيارات ومنها العسكرية.
وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» لفت فياض إلى أن «ما حصل في الرمادي وتدمر يندرج في إطار إيجاد نوع من التوازن مقابل ما حصل في القلمون واسترداد تكريت من قبل السطات العراقية، وتوقع تحولاً في التعامل مع الأزمة السورية من قبل حلفاء سورية، متحدثاً عن تنسيق على أعلى المستويات بين روسيا وإيران لمنع تكرار ما حصل في سورية أخيراً على مستوى التراجع النسبي للجيش السوري في بعض الأماكن.
وإذ استبعد أن تكون إيران قد دخلت في تسويات لصالح ملفها النووي وتراخت في الأزمة السورية، أكد فياض أن إيران مستعدة لإرسال قوات من الحرس الثوري إلى سورية إذا دخلت تركيا عسكرياً الى الاخيرة.
وأشار الى أن «إيران تدافع عن نفسها في سورية وتعرف أنها بيضة القبان لمشروع المقاومة»، معتبراً أنه «لولا ايران وروسيا لكنا شاهدنا حزاماً امنياً تركياً على الحدود التركية السورية».
كما رأى فياض في إنجاز الملف النووي الإيراني مصلحة أميركية ايرانية، متوقعاً حركة متسارعة لمعالجة الملفات في المنطقة إذا تم إنجاز الإتفاق في 30 حزيران المقبل، جازماً بأن إيرن لن تسمح بحصول تسويات لا تعطي حلفاءها الحد الأدنى مما يستحقون.
وأعرب فياض عن اعتقاده أن «العلاقات الروسية الإيرانية انتقلت من حالة التفاهم إلى التحالف مع تزويد روسيا إيران بمنظمة اس اس 300 وإجراء مناورات عسكرية مشتركة.
وفي ما يلي نص الحوار كاملاً:
كيف تقرأ سقوط الرمادي العراقية وتدمر السورية بيد تنظيم «داعش»؟
– ما حصل في الرمادي وتدمر يندرج في إطار إيجاد نوع من التوازن مقابل ما حصل في القلمون واسترداد تكريت من قبل السطات العراقية، باعتبار أن مرحلة ما بعد الإتفاق النووي المرجح توقيعه بين إيران ومجموعة الخمسة زائداً واحداً هي مرحلة إعداد أوراق القوة، ومحاولات لفرض معطيات ميدانية يستطيع كل طرف من خلالها أن يحسّن شروطه، بحيث إذا انتقلت كرة المفاوضات من المسألة النووية إلى الملفات الإقليمية تكون هناك أوراق قوة بيد الأطراف المتفاوضة. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الأمور ذاهبة إلى التسويات بل يجب أن نأخذ في الإعتبار المعطيات التي تشير إلى أن التصعيد في المنطقة والصدام ايضاً على مستوى إقليمي، أمر مطروح ولا يمكن استبعاده بالكامل، لكن لن تبقى الأمور كما هي. ففي مرحلة ما بعد التفاهم النووي، إما أن تذهب الأمور إلى مزيد من التسويات للأزمات الإقليمية وإما الى مزيد من التصعيد بما يؤدي إلى الانقلاب مجدداً على التفاهم النووي.
معطيات مبدئية
بعد سقوط مدن في سورية والعراق بيد «داعش» تساءل البعض عن الحلفاء، ولا سيما إيران التي تعرف أن تركيا لها اليد الطولى بما يحصل في هذه الدول، كيف يمكن لإيران وروسيا الموازنة بين علاقاتهما مع الحلفاء ومصالحهما مع تركيا؟
– نحن في خضم حرب لها طابع كوني ومن الطبيعي أن تشهد كرّاً وفرّاً، بمعزل عن المعطيات الداخلية في الأزمة السورية التي أدت الى هذا التراجع في بعض المناطق كإدلب وجسر الشغور وتدمر، لكن انطلاقاً مما حصل سوف نشهد قريباً نوعاً من التحوّل في التعامل مع الأزمة من قبل حلفاء سورية. فهناك تنسيق على أعلى المستويات بين روسيا وإيران لمنع تكرار ما حصل في سورية أخيراً على مستوى التراجع النسبي للجيش السوري في بعض الأماكن، وثمة من يوحي دائماً أن إيران دخلت في تسويات لصالح ملفها النووي وربما تكون قبضتها تراخت في الأزمة السورية، وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق، إيران تدافع عن نفسها في سورية وتعرف أنها بيضة القبّان لمجمل مشروع المقاومة، وهي لا تدافع عن سورية فقط لأن النظام في سورية حليف لها، بل لأن سورية هي رأس حربة مشروع المقاومة لأن النظرة الإيرانية للمسألة السورية وحلفائها تنطلق من معطيات مبدئية ولا يمكن التشكيك فيها.
أما العلاقات الايرانية – التركية فهي نمط مختلف من العلاقات بين الدول، تركيا وإيران هما دولتان متكافئتان في القوة ولا يمكن للعلاقات بينهما أن تكون جيدة كما لا يمكن أن تكون سيئة، بل علاقات طبيعية تحكمها الجغرافية والتاريخ والثقافة والمذهب ومجموعة من المصالح، ولا يمكن أن تنقلب إلى حالة تصادم لاعتبارات عدة. في المقابل إيران رسمت خطوطاً حمراء أمام تركيا وتوصل رسائل دائما اليها بأنّ تجاوز هذه الخطوط يمكن أن يؤدّي إلى نوع من الصدام المباشر بين الدولتين. الخط الأول هو منع مشاركة قوى عسكرية مباشرة في سورية ولولا هذا الخط الأحمر الإيراني، لكانت تركيا دخلت إلى سورية كما تفعل السعودية في اليمن. الخط الثاني هو أنّ الساحل السوري الذي يشكل الركيزة الأساسية لقوة وتموضع النظام أيضاً ممنوع أن يقترب منه المسلحون بطريقة تؤدّي إلى الإخلال بالتوازنات القائمة حالياً على الساحة السورية ولا سيما «داعش» و»النصرة» المدعومين من تركيا ويمنع أن توفر لهما الدعم اللوجستي بما يمكنهما من دخول الساحل السوري.
إيران مستعدة للدخول عسكرياً مباشرة على خط الأزمة السورية وأن ترسل قوات من الحرس الثوري الى سورية إذا دخلت تركيا مباشرة بقواتها العسكرية على خط الأزمة السورية. هناك تحييد للدخول المباشر التركي والإيراني إلى المعركة في سورية رغم أن كل طرف يقدّم لحليفه في سورية الدعم.
رؤية إيران وروسيا
لماذا لم تحيّد مناطق أخرى تستنزف قدرة الحلفاء؟
– الأزمة السورية لها معطيات داخلية ولها عناصر خارجية، رؤية إيران وروسيا للأزمة السورية هي أنه اذا بقيت الأزمة تتحرك في إطار معين مرتبط بالعناصر الداخلية فالنظام لديه القدرة على الصمود وربما الحسم، الدور الروسي والإيراني يتمثل بمنع إدخال معطيات خارجية تؤدي إلى انقلاب الوضع لغير مصلحة النظام، ولولا إيران وروسيا لكنّا شاهدنا حزاماً أمنياً تركياً على الحدود التركية السورية. وتريد تركيا أيضاً من قوات الأطلسي أن تفعل في سورية كما فعلت في ليبيا وفي مناطق أخرى، وهنا نسأل لماذا لا تفعل قوات الأطلسي ذلك بسورية؟ أيضاً بالنسبة للاسلحة الكيميائية، الرئيس الأميركي باراك أوباما اتخذ قراراً بالحرب على سورية لكنه تراجع فجأة ليس لأن النظام كان مرناً، التوازن الدولي في الازمة السوري تحققه روسيا وايران، لكن آن الأوان لمحور المقاومة أن ينتقل من حالة الدفاع إلى الهجوم ومن الصمود إلى المبادرة.
وانطلاقاً مما يحصل في القلمون يوجد مؤشران على ذلك، الأول، هو أنّ ردّ حزب الله على العدوان الإسرائيلي في القنيطرة أدّى إلى رسم قواعد جديدة للإشتباك. الثاني هو ما يحصل في القلمون على مستوى الصراع مع الإرهابيين، وكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان واضحاً بأننا لن نسمح ببقاء الإرهابيين في تلك المنطقة. الجرد السوري على وشك الانتهاء وفي الجرد اللبناني في نحلة وهونين، يتمّ القضاء عليهم، وسيحصل ذلك في جرود عرسال ومسألة البلدة تثار حالياً داخل مجلس الوزراء لتأمين غطاء سياسي لحلّ مشكلة عرسال، واذا الدولة لم تتجاوب مع المصلحة اللبنانية بالقضاء على الإرهاب، فلن تخلو جعبة المقاومة من خيارات محدّدة للتعامل مع هذا الأمر.
هل سنشهد هجوماً عكسياً كبيراً لمحور المقاومة على جبهات عدة؟
– يبدو أنّ محور المقاومة ينتظر موعد 30 حزيران. أوباما يريد استدراج إيران للتفاوض مع الملفات الأخرى، إلى جانب الملف النووي، وأن يكرّر التجربة النووية مع إيران على مستوى ملفات أخرى وتحديداً عندما حصلت «عاصفة الحزم» كانت أميركا تضع المنطقة أمام خيارين: إما الذهاب إلى حرب حافة الهاوية أو التفاوض مع روسيا وإيران على ازمات المنطقة، فإذا تمّ تخطي الاستحقاق النووي من خلال توقيع تفاهم في 30 حزيران المقبل، سنشهد حركة متسارعة لمعالجة الملفات، مع التأكيد أنّ إيران لن تسمح بحصول تسويات لا تعطي حلفاءها الحد الأدنى مما يستحقون، كما يجري العمل لاحتمال عدم التوصل إلى حلول سلمية للأزمات في المنطقة وسياسة الصبر الاستراتيجي لن تكون سيدة الموقف، فالعلاقات الروسية الإيرانية إنتقلت من حالة التفاهم إلى التحالف مع تزويد روسيا إيران بمنظومة صواريخ أس 300 والتعاون العسكري وتبادل الخبرات ومناورات عسكرية مشتركة، يعني إيران وروسيا هما جزء من حالة الإستنزاف لمحور المقاومة، كل حلفاء سورية يستنزفون في هذه المعركة ويمكن أن تستمرّ الحروب إلى سنوات عديدة.
هناك نيات جدية للإنتهاء من الملف النووي بنتيجة إيجابية، إذ أن إدارة اوباما تعتبر أنّ اهمّ انجاز في التاريخ الأميركي المعاصر انها استطاعت احتواء ايران، وإيران ترى أنه طالما هناك التزام بدفتر الشروط والثوابت التي وضعتها فلها مصلحة في التوقيع.
وإيران لا مانع لديها من التفاوض خارج الإطار النووي إذا كان هناك شراكة مع أميركا لإدارة حوار بين الأنظمة والمعارضة في عدد من دول المنطقة وإنهاء الحروب. وأتوقع أنه خلال الشهرين المقبلين ستتبلور كل الأمور.
هل باتت الحلول السياسية سراباً؟
– إذا وصلت الأمور إلى تفاهم نووي يمكن أن يتم التفاهم على ملفات أخرى، وقد تذهب الأمور الى التصعيد، يعني التفاهم النووي ليس شرطاً لازماً للوصول إلى تسويات في الازمات لكن إذا لم نصل إلى تفاهم على النووي بالتأكيد سيكون هناك تصعيد.
«تلميع» صورة «النصرة»
هل ستكون «النصرة» الفصيل القوي على الأرض التي تبحث عنه أميركا ليكون الطرف المفاوض مقابل النظام في سورية؟
– محاولات تشبيه «داعش» بحزب الله لم تنجح، انتقلوا الى تلميع صورة «النصرة» وإظهارها بمظهر المعتدل ولا سيما في مقابلة قناة «الجزيرة» مع أمير النصرة ابو محمد الجولاني، وعلى أنه كما يوجد في الوسط الشيعي تنظيم جهادي اسمه حزب الله ايضاً في الوسط السني يوجد تنظيم ذو طابع جهادي اسمه «النصرة».
هل ما حصل في الرمادي مقدمة لتقسيم العراق؟
– لولا الخط الأحمر الإيراني والخشية التركية من تقسيم العراق الذي يؤدي إلى الإخلال والإضرار بالمصالح التركية العليا على خلفية الدولة الكردية والذي يتيح انشاء وطناً قومياً للأكراد ويؤدي إلى حراك كردي في الداخل التركي يطالب بالانفصال عن تركيا، ولولا موازين القوى الداخلية، لكان قسم العراق.
ما هي المصلحة الأميركية في إنجاز التفاهم النووي؟
– إيران على مدى 35 عاماً لم توجد إدارة اميركية استطاعت احتواءها، أوباما يريد إنهاء ولايته بأنه استطاع أن يصل إلى اتفاق مع إيران لم يستطع تحقيقه من سبقه من الرؤساء فضلاً عن أن البديل عن التفاهم هو الحرب، لكن ليس أخلاقيات أوباما هي التي دفعت أميركا إلى تحقيق إنجازت بل القوة هي التي تفرض نفسها، مطلوب من ايران اليوم أن تعلن انسحابها من القضية الفلسطينية حتى تتحول إلى يابان الشرق الأوسط وتحقق نهضة اقتصادية داخلية تهيمن من خلالها على كل المنطقة، لكن الثورة الإسلامية الإيرانية عنوانها مواجهة ظلم الشاه على المستوى الداخلي ودعم القضية الفسلطينية خارجياً.
عرسال وتجربة عبرا!
هل ستحسم المقاومة جبهة عرسال قريباً؟
– عرسال كمدينة يمكن أن تتكرّر فيها تجربة عبرا مع أحمد الاسير وتجربة الخطة الأمنية في طرابلس لأنه لا بدّ من حلّ لمسألة عرسال، وإنْ لم تحلّ سياسياً ستحلّ عسكرياً، لن تقبل المقاومة تحت عنوان الفتنة المذهبية تكرار ما حصل في عرسال.
هل ينتظر الرئيس اللبناني ايضاً 30 حزيران؟
– موضوع الرئيس مرتبط بنيوياً بإعادة ترتيب وضع النظام اللبناني بغض النظر عن العقبات الداخلية والخارجية التي تمنع وصول رئيس، فمجلس النواب الذي سينتخب الرئيس ممدّد له، لذا نحن أمام خيارين: إما اجتراح حلول بنوية لمعالجة موضوع الرئاسة أو إعادة اصلاح النظام لإيجاد رئيس بطريقة طبيعية.
كلام رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون جوهري ومبدئي في موضوع الرئاسة لأنّ الرئيس كان يطبخ في مكان ما ويأتي الإسم بشراكة داخلية خارجية ويعطى للنواب لتكريس الرئيس الذي تم اختياره، ما يقوله عون أنه بدل ان يكون المطبخ في أميركا أو الرياض ودوائر القرار في المنطقة، يجب أن يكون الشعب اللبناني من خلال استفناء أو انتخاب مباشر من الشعب على مستوى مسيحي، ثم يتم الانتقال إلى مرحلة لاحقة ويتمّ اختياره من كلّ الشعب اللبناني.