هل سيخرج أردوغان خائباً من نتائج الانتخابات البرلمانية؟
ناديا شحادة
في الوقت الذي تتحضر الاحزاب التركية للانتخابات العامة التي ستُجرى في 7 حزيران المقبل، كشف أكثر من استطلاع للرأي تراجعاً ضخماً في شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تلك الخسارة المتوقعة التي باتت تهدد الحزب بخسارة تفرده بالحكم، حيث لا يخفى على المتابع للشأن التركي ان اردوغان الذي فاز بالانتخابات الرئاسية التي أجريت في 10 آب من العام الماضي ليصبح في 28 آب الرئيس الثاني عشر للجمهورية التركية منذ اعلانها عام 1923، يطمح بأن يكون سيداً مطلقاً.
أردوغان المتعطش للسلطة الذي صرح بأنه يأمل في أن يكون رئيساً للبلاد في عام 2023 عندما تحتفل تركيا بمرور مئة عام على تأسيس الجمهورية الحديثة من خلال مصطفى كمال أتارورك، سعى منذ استلامه الرئاسة لتحقيق طموحاته في ان يكون على رأس الجمهورية التركية سيداً مطلقاً، فحاول العمل على ترتيب البيت الداخلي لحزبه والإعداد للانتخابات البرلمانية المنتظرة تلك الانتخابات التي يتوقف على نتائجها تحقيق رغبته في تعديل الدستور وتحويل طموحه في ان يصبح رئيساً مطلق الصلاحيات الى واقع.
يؤكد المتابعون ان طموحات اردوغان بأن يصبح سلطاناً عثمانياً بقلب رئيس من خلال كسب حزبه ثلثي الأصوات والعمل على تعديل الدستور باءت بالفشل من خلال نتائج الاحصاءات واستطلاعات الرأي التي أظهرت تراجعاً في شعبية حزب العدالة والتنمية، فمواجهة الضغوطات الداخلية التركية والخارجية التي تعصف بالمنطقة دفعت أردوغان للتخلي عن محاولته تحقيق توازن بين مواقفه الاخلاقية التي تزعم فيها الدفاع عن الديمقراطية وحق الشعوب في العيش بحرية وكرامة انسانية وبين مصالح تركيا السياسية، التي تواجه تحديات كبرى في جوارها الجغرافي في ظل الأزمات التي تعصف بكل من العراق وسورية التي كان لاردوغان اليد الكبرى في تطور الأحداث بالداخل السوري من خلال دعم حكومته للجماعات الارهابية التي تقاتل النظام السوري لبسط تركيا نفوذها على الدولة السورية ومحاولة جبهة النصرة تحقيق اهدافها بالتحالف مع النظام التركي للسيطرة على الحكم. وأكدت صحيفة «جمهورييت» التركية في تقرير لها دعم حكومة أنقرة لـ«جبهة النصرة»، وكان الكاتب الصحافي التركي أورهان كمال جنكيز أكد ان الدعم الذي تقدمه حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان لـ«جبهة النصرة» الارهابية حول تركيا الى دولة تدعم التنظيمات الارهابية في نظر العالم.
يؤكد المتابعون ان أردوغان من خلال سياسته الداخلية والخارجية التي ادت الى تراجع في شعبيته وبدأت صورته التي حرص على نقلها تهتز أمام الشعب التركي بسبب سياسته الداخلية ودعمه المتعاظم للجماعات المسلحة في سورية وبالذات في الشمال السوري، حيث باتت «جبهة النصرة» تسيطر على مساحات كبيرة فيه، ولكن ما يؤكده المتابعون ان هذه الانتصارات لن تدوم طويلاً، وما يكسبه المسلحون المدعومون من حكومة أنقرة في الشمال السوري وتحديداً في ريف أدلب الذي يرزح تحت وطأة «جبهة النصرة» سيخسرونه خلال الأيام المقبلة التي سنشهدها ما بعد النصر الذي سيحققه الجيش السوري والمقاومة اللبنانية في حرب القلمون، التي تشهد تقدماً كبيراً لمصلحة الجيش والمقاومة والحسم والنصر باتا قريبين، فما تتعرض له «جبهة النصرة» في القلمون لا يقتصر على الهزيمة العسكرية التي لحقت بها على يد الجيش السوري والمقاومة فقط بل على كل الاستراتيجيات التي بنتها «جبهة النصرة» ومن يدعمها قد تفككت وعجزت، والشعور بالهزيمة بدأ يتملكها وستزداد تداعيات هذا النصر مستقبلاً، ذلك النصر الذي سيكون الرد الفعال على مشروع أردوغان الذي يحاول تعويض خسارة «جبهة النصرة» المتلاحق في جبال القلمون بالتحرش شمالاً.
ففي قمة الجدل السياسي والشعبي التركي حول حقيقة أردوغان تلطخت سمعته وأدت سياسته الى تراجع في شعبيته، فبات أردوغان يتخبط يميناً ويساراً بينما يتقدم خصومه بهدوء لسلبه المزيد من نقاط قوته التي فقدها من خلال سياسته، فبات أردوغان يسعى الى ضرب خصومه واعتقال رموزهم واقفال صحفهم واطلاق غرائز العصبيات لتحقيق هدفه، فها هي الشرطة التركية تشن حملة في 22 أيار تستهدف خصوم أردوغان. وقد ذكرت وكالة «دوجان» للانباء التركية ان الشرطة شنت عملية لاعتقال نحو 80 رجل اعمال في اطار تحقيق يستهدف انصار رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، الذي كان حليفاً للرئيس أردوغان الذي سيخرج مهمشاً من الانتخابات النيابية المرتقبة في 7 حزيران وسيجر الخيبة، والسلطنة العثمانية التي كان يحلم بها قد تبخرت.