بعد استقالة بلير… المفاوضات الفلسطينية ـ «الإسرائيلية» إلى أين؟
توفيق المحمود
قدم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الأربعاء الماضي استقالته من مهمته كمبعوث للجنة الرباعية لعملية السلام بالشرق الأوسط، بعد سبع سنوات كان الفشل والخيبة عنوانها.
هذا الخبر الذي كان ينتظره الجميع ولاقى ذلك ترحيباً فلسطينياً كبيراً وأعلنوا أنه كان عليه أن يستقيل منذ زمن فلطالما أبدا انحيازه للكيان الصهيوني وقال المفاوض الفلسطيني محمد اشتية نحن سعداء برحيل توني بلير وكان عليه أن يقدم استقالته منذ زمن طويل لأنه لم يقدم شيئاً للقضية الفلسطينية بل استخدمته «إسرائيل» لتبرير الاحتلال والاستيطان.
فقد نشرت صحيفة «التليغراف» البريطانية مقالاً قالت فيه أن توني بلير كان يستخدم منصبه للتغطية على جرائم الاحتلال «الاسرائيلي» وتمكن بلير من مضاعفة ثروته عشرات المرات خلال السنوات الأخيرة بفضل تعزيز علاقاته مع بعض الدول الخليجية بحجة العمل من أجل تحقيق السلام وهو ما أدى الى تعرضه الى انتقادات في شأن تعارض عمله كرجل أعمال مع مهمات منصبه الدبلوماسي كمبعوث للجنة الرباعية الدولية.
أما رئيس كيان الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو اعتبر أن بلير بذل «جهوداً كبيرة» من أجل «السلام» والاستقرار في المنطقة وأنه دفع مشاريع اقتصادية «إسرائيلية» – فلسطينية مشتركة على حد قوله.
فاللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط أسست في مدريد عام 2002 وكانت غائبة تماماً قبل سنوات مع فشل عملية السلام الفلسطينية – «الإسرائيلية» التي يفترض أنها كانت ترعاها وكما أن أحداً لم يفتقد تلك اللجنة التي ولدت ميتة أصلاً فالكثيرون في العالم العربي سيعتبرون استقالته أول تطور إيجابي في الملف الفلسطيني منذ وقت طويل وبخاصة بعد أن فشلت مفاوضات السلام بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين» في نيسان 2014 وسعى الفلسطينيون منذ ذلك الوقت إلى تقديم مشروع قانون ينهي الاحتلال «الإسرائيلي» في الأمم المتحدة.
وتضم اللجنة الرباعية في عضويتها الأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي إلى جانب الولايات المتحدة إحداث نوع من التوازن الدولي لضمان مقاربة للتوسط في الصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني إلا أن تعيين بلير المنحاز الى «إسرائيل» تسبب في إفشال مهمة اللجنة وأسهمت في شكل كبير في تمرير الجرائم «الاسرائيلية» بدلاً من مواجهتها.
فهل يمكن أن يكون ملف هذه التسوية هو الملف المقبل الذي ستعمد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى حسمه بعد الانتهاء من التوقيع على الملف الايراني النووي، فقد نقلت صحيفة «فاينانشال تايمز» عن شخصيات وصفتها بالمطلعة أن بلير الذي يتولى هذا الدور في المجموعة الرباعية منذ نحو 8 أعوام يعتزم تغيير دوره في المجموعة وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بحث التغيير المحتمل في دوره مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومع فيديريكا موغيريني، مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي وأضافت أن مناقشات تجري بشأن دوره الذي سيكون على الأرجح إقليمياً.
وأخيراً نجح بلير في توظيف تاريخه الحافل بالكذب والخداع في الملف الفلسطيني بخاصة في الحفاظ على منصبه الدولي مع تحقيق مصالحه من دون إحراز أي تقدم دبلوماسي طوال السنوات الماضية وربما لم ينته مع استقالته بالنظر إلى العلاقات الحميمة التي تجمعه ببعض الزعماء العرب، فالثمن الذي دفعه الشعب الفلسطيني دفعه الشعب العراقي سابقاً عندما قامت قوات الجيش الأميركي والبريطاني باحتلال العراق بسبب أكاذيب بلير ودمرت الحجر والبشر وسقط نحو مليون شهيد أغلبهم من المدنيين الأبرياء ناهيك عن إدخال الجماعات الارهابية الى المنطقة، وهي جريمة مستمرة آثارها الكارثية الى اليوم، وسيعاني العالم من عواقبها لسنوات طويلة مقبلة.