الخلافات داخل «إخوان» مصر تهدّد بالانشقاق وتحركات لرأب الصدع

القاهرة ـ فارس رياض الجيرودي

تحولت الأحاديث التي كانت تتداول في القاهرة عن خلافات داخلية تعصف بجماعة «الإخوان المسلمين» المصرية إلى أمر واقع، وذلك بعد انتقال الخلاف إلى حيز العلن واعتراف قيادات الجماعة الهاربين خارج مصر عبر صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي بوجود أزمة داخل صفوف التنظيم، كما أكدت هذه الأنباء وسائل الإعلام المقربة من قيادات الجماعة مثل وكالة أنباء الأناضول التركية التي تحدثت عن مساعٍ تبذل لرأب الصدع، الأزمة كما يبدو نتجت من خلاف على القيادة، تطور إلى شبه انشقاق في التنظيم «الإخواني» الذي يعيش أصعب فترة في تاريخه الممتد طوال سبعة عقود، وذلك نتيجة لاعتقال معظم قياداته وفرار الباقي خارج مصر بعد الاطاحة بحكم الرئيس «الإخواني» محمد مرسي في ثورة 30 حزيران 2013.

المعلومات الواردة من مصادر «إخوانية» تتحدث عن انقسام الجماعة إلى معسكرين متنازعين، معسكر القيادات المعزولة والهاربة خارج مصر، ومعسكر القيادات الجديدة التي تنحو منحى أكثر تعصباً وتشدداً، وتطالب للجوء لوسائل غير سلمية علناً في إطار الصراع الذي تخوضه مع مؤسسات الدولة المصرية.

ويصف مختصون المشهد «الإخواني» اليوم بـ «صقور تحولوا إلى حمائم»، كناية عن القيادات «الإخوانية» القديمة التي تسعى، بحسب ما تناقلته مواقع إخوانية إلى إيجاد صيغة حل مع الدولة المصرية، وإلى «حمائم تحولوا إلى صقور» في وصف للقواعد «الإخوانية» الشابة التي تتمسك بمواصلة العنف ضد الدولة المصرية، حتى إنهاء ما يعتبرونه انقلاباً على الشرعية.

خرج الخلاف للعلن بعد الإعلان الذي نشره الأمين العام للجماعة محمود حسين على صفحته بالـ«فايسبوك» ونصب فيه نفسه مرشداً عاماً، استناداً إلى اللوائح التنظيمية التي تنص على أن يتولى الأمين العام المنصب في حال شغوره حتى يتم انتخاب مرشد عام جديد.

إعلان أنهى به حسين شهوراً من الصمت والغياب، وفجر به ردود فعل مستنكرة ورافضة من شباب «الإخوان».

هؤلاء اتهموا محمود حسين بمحاولة العودة إلى المشهد من جديد، مؤكدين أن الرجل تم عزله من هذا المنصب، وتعيين خلف له في انتخابات أجريت في شباط 2014 كما تم خلالها الاتفاق على أن المرشد العام للجماعة يبقى محمد بديع، وعلى تشكيل خلية أزمة لإدارة المرحلة المقبلة يتم تعيين رئيس لها في مصر وخارجها.

شباب الجماعة حملوا القيادات المعزولة مثل محمود حسين ومحمود عزت ومحمود غزلان مسئولية ما آل إليه حالها اليوم بما اعتبروه سوء إدارة للوضع خلال عام من رئاسة محمد مرسي، وكذلك بعد عزله.

وأوضح بعض الخبراء والمقربين من الجماعة، أن الخلاف بدا على السطح قبل 4 شهور، وبلغ ذروته، الأسبوع الجاري، عقب مقال نشره المتحدث باسم جماعة الإخوان محمود غزلان، أكد فيه على السلمية، على عكس ما كان ينشره المتحدث الإعلامي للجماعة، محمد منتصر، على مدار الشهور الأربعة الماضية، حول التصعيد والقصاص.

ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية عن مصادر إخوانية مطلعة أن تحركات مكثفة تجريها قيادات من جماعة «الإخوان المسلمين» داخل مصر وخارجها، حالياً، لرأب الصدع داخل قيادة الجماعة في مصر.

وقالت المصادر، إن هذه التحركات تهدف في المقام الأول إلى تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع داخل جماعة «الإخوان»، ومن ثم السعي نحو إجراء انتخابات داخلية جديدة، لا يشارك فيها أي من المتنازعين على القيادة.

وتعليقاً على هذه التطورات، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، صبرة القاسمي، أن الجماعة أخفقت في احتواء غضب أبنائها في الداخل والخارج، متسائلاً كيف سمح المصريون لجماعة في هذا المستوى من الفشل السياسي بحكم مصر لعام كامل.

وأضاف القاسمي، أن ما يحدث داخل تنظيم «الإخوان» اليوم يشبه ما سبق ومرت به الجماعة في فترة الستينات، حيث شهدت حالة من الانقسامات بسبب القيادة الفاشلة، ولفت إلى أن جماعة «الإخوان» خسرت الكثير من الأنصار بسبب تخبطها، وأن ما يحدث يصب حكماً في مصلحة السلطة التي نشأت بعد 30 حزيران يونيو في مصر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى