هل تمدّد عرسال لجان لقهوجي؟
روزانا رمّال
لا يبدو حزب الله مصغياً إلى ما يدور من تساؤلات وانتقادات حول دوره ومواقفه من معركة عرسال وحول اعتباره يقرّر ساعة يشاء ساعة انطلاق المعارك في عرسال والتي شاء أن يحركها اليوم وليس من قبل تماشياً مع إنجازات القلمون لتبدو المعركة أكثر ارتباطاً واستراتيجية بما يجري في الأراضي السورية المتاخمة للبنان. وعليه فإنّ العملية العسكرية في عرسال هي جزء لا يتجزأ من إنجاح وتثبيت إعلان الانتصار في القلمون والجوار وجزء لا يتجزأ من المعركة لوجيستياً.
لم تكن الظروف مؤاتية من قبل للمواجهة في تلك المنطقة وفي منطقة القلمون أيضاً على حدّ سواء إن كان في القسم السوري منها أو اللبناني والثلوج كانت كفيلة بإطالة عمر الأزمة هناك وتأجيل المعارك حتى الساعة لتثبت الأحداث والتقدم السريع للحزب أنه كان باحثاً ممتازاً ومراقباً دقيقاً، حضر جيداً على مدار 9 أشهر لهذه المعركة لوجيستياً وعسكرياً، فظهر في الميدان سلاح جديد وأساليب فريدة في القتال كتلك الطائرات الصغيرة من دون طيار المبتكرة.
سياسياً، تلفت أجواء حزب الله إلى ضرورة قيام الدولة اللبنانية بواجبها في استرجاع عرسال من يد الإرهاب، ولكن من جهة أخرى يريد حزب الله من الدولة أن تحسم امرها وتقرّ بقدرتها على الالتفاف السياسي حول هذه المعركة لأنّ الحزب والعشائر سيتولون المهمة من دون الاهتمام بكلّ ما يصدر من مواقف.
حزب الله الذي ينطلق من تجربة تحرير لبنان من الاحتلال «الإسرائيلي» يعتبر أنه تحمل المسؤولية في ذلك الوقت عن الدولة التي تقاعست عن تحمل مسؤولياتها والإجماع على صيغة تطرد «إسرائيل» من البلاد، وبالتالي فإذا كان الملف «الإسرائيلي» المفترض أن يستقدم إجماعاً ووحدة أثبتت الدولة فيه عجزها، فإنّ البت في موضوع قتال الإرهابيين في أدقّ الظروف لن يكون موضع انتظار عند حزب الله الذي اتخذ قراره.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر مطلعة لـ»البناء أنّ السبيل الوحيد هو عملية عسكرية يتولاها الجيش اللبناني تشبه عمليات معركة عبرا وهو المخرج المرجح أن يسلك طريقه بمؤازرة المقاومة والأهالي، وإلا فإنّ عرسال والجوار على موعد مع مخاطر أكبر كلما تأخر وقت الحسم.
تترافق أزمة عرسال مع أزمة التعيينات العسكرية التي تشكل اليوم أحد أبرز مواقع العرقلة في الاتفاق على صيغة أمنية جديدة تحمي لبنان من مخاطر الإرهاب وتضفي طابعاً يبعث بعض التفاؤل الذي كاد أن يصبح معدوماً للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية.
رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون له رأي واضح في معركة عرسال وهو أنها منطقة لا تزال تشكل خطراً نظراً إلى المساحة التي احتلها المسلحون، وهو يدعو السلطة، بكلّ وزرائها ومسؤوليها العسكريين، أن تأخذ القرار وتحرّر الجرود، لأنّ هناك مجالاً لقيام قاعدة عسكرية كبيرة للمسلحين فيها، وخصوصاً أنّ الحكومة لا تزال ترفض القيام بعملية عسكرية والجيش الذي لا يتحرك في الحرب ينكسر ويهترئ.
هذا الموقف الواضح بالنسبة إلى العماد عون يبدو أنه يبتعد في شكل كبير عن ما تتحدث حوله مصالحه أو مواقفه التي يطالب فيها باعتبارها مصلحة وطنية وأبرزها تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، لأنّ مطالبة عون بتحرير عرسال تعني صراحة دخول الجيش في معركة قد تكون طويلة من أجل تحرير المنطقة من الإرهاب على أهميتها وبالتالي فإنّ معركة عرسال إذا تمّ توفير غطاء سياسي قد تكون أحد الأسباب التي ستؤكد أنّ التمديد للعماد جان قهوجي آتٍ، وخصوصاً إذا كان الجيش في وضع دقيق يستوجب ألا ينزلق إلى متاهات السياسة ومواقف المسؤولين وعلى الجميع الالتفاف حوله لأنها ستكون معركة وطن توجب على كلّ اللبنانيين التوحد حولها بدل التشويش وزعزعة استقرار المؤسسة العسكرية، إلا إذا كان توفير الغطاء السياسي في عرسال هذه المرة أمراً صعباً للغاية ومختلف عن حالة عبرا وطرابلس باعتبار أنّ المنطقة متاخمة للحدود السورية حيث تتجمع الخلايا الإرهابية وترتبط ببعضها مشكلة تداخلاً بين معارك سورية ولبنان في شكل لا يمكن الفصل فيه، وبالتالي يبدو أنّ حزب الله الذي يصرح نوابه ومسؤولوه في شكل متوال بأنه اتخذ القرار ولا ينتظر شرعية أحد يعرف أنّ هناك صعوبات تواجه هذا الإجماع الذي شكل بالنسبة إلى بعض المسؤولين تحدياً كبيراً وخصوصاً أنّ عرسال بالنسبة إلى الحريري خط أحمر وبالنسبة إلى وليد جنبلاط الذي لم يمانع أن تترك «جبهة النصرة» بحالها في المنطقة. فهل تكون عرسال فعلاً مقدمة للتمديد لقهوجي؟ أم أنّ حسمها وإصرار المقاومة على بتّ المعارك فيها هو كلّ مترابط قبل موعد محدّد وهو أيلول حيث تنتهي مهلة التمديد الأولى لقهوجي فلا يضطر اللبنانيون للتمديد له مجدداً، حينها يتوازى التوقيت مع انكشاف مصير المنطقة جراء التوقيع النووي بين طهران والغرب ومعروف أنّ تعيين القادة الأمنيين في لبنان هو أحد الملفات التي تحتاج إلى تدخل إقليمي أيضاً؟