استعدادات لتغيير السياسات تنتظر الملك السعودي الجديد

يوسف المصري ـ خاص

تتداول محافل سياسية ضيّقة في بيروت تقريراً منسوباً لشخصية على صلة بملف الشرق الأوسط داخل الاتحاد الأوروبي، يتضمّن جوانب مهمة من الرؤية السائدة حالياً في أوروبا تجاه العديد من الملفات السياسية والأمنية الساخنة في المنطقة، وذلك من الأزمة السورية مروراً بملف التفاوض النووي الإيراني والعلاقات الإيرانية – السعودية وصولاً إلى أوكرانيا.

يتحدث التقرير الذي حصلت البناء على أبرز فقراته، عن وجود توجهات دولية وخصوصاً أوروبية جديدة تجاه العديد من القضايا الساخنة التي تشهدها المنطقة، ولفت بخاصة إلى أجواء إيجابية مرشحة لأن تشهدها العلاقات الإقليمية البينية من ضمنها العلاقة بين الرياض وطهران متوقعاً أن يكون لذلك نتائج إيجابية على غير ملف ساخن في المنطقة.

وفي التفاصيل كشف عن أنّ الاجتماع الذي سيجري خلال الشهر المقبل في أثينا لوزراء خارجية الدول العربية والأوروبية سيكون برئاسة كلّ من كاثرين آشتون ونبيل العربي. وقال إنّ وزير الخارجية السوري لن يدعى، علماً أنّ السعودية تعمل جاهدة في الكواليس الدبلوماسية لحجز مقعد سورية في هذا الاجتماع لمصلحة ممثل عن الائتلاف السوري المعارض، ولكن هذا الاتجاه يلاقي معارضة من دول عربية وأيضاً من دول أوروبية. وهذه الأخيرة أن يبقى المقعد السوري شاغراً على أن يشغله ممثل عن الائتلاف السوري المعارض.

يقول التقرير إنّ الأوروبيين منشغلون جداً حالياً بموضوع أوكرانيا التي تقع على حدودهم الشرقية، ولا يوجد أحد الآن لا في الاتحاد الأوروبي ولا في موسكو يريد أن تندفع أحداث أوكرانيا باتجاه حرب أهلية، على رغم الاعتراف بأنّ الوضع هناك صعب جداً وأنه يسود داخل المحافل السياسية الأوروبية تقدير بأنّ أوروبا وأميركا أخطأتا في تقدير رد فعل بوتين حيال فتح الأزمة الأوكرانية. والاتجاه الآن هو للملمة الوضع إذا أمكن ذلك، ولو تحت الضغوط التكتيكية.

وينفى التقرير ما تتداوله محافل سياسية وإعلامية عالمية عن تراجع الاهتمام بسورية وإيران إلى مرتبة تالية، وذلك بسبب الاهتمام بالوضع في أوكرانيا. صحيح أن الأولوية هي لأوكرانيا، ولكن أيضاً لإيران وسورية.

ويشير التقرير إلى أنّ هناك امتعاضاً أوروبياً من أخطاء متتالية ترتكبها السياسة الأميركية تجاه الكثير من الملفات الساخنة في العالم، وخصوصاً في أوكرانيا. ولكن أوروبا قلقة جداً من التباعد الحاصل الآن بين موسكو وواشنطن، ويهمّها إيجاد حلّ يعيدهما إلى طاولة التفاوض، بخاصة أنّ مجال الصراع بينهما حالياً هو أوروبا.

ينظر التقرير بتفاؤل إلى حصول اتفاق نووي مع إيران في شهر تموز المقبل، ويرى مُعدّوه أن الأمور ذات الصلة بهذا الموضوع تعتبر حتى الآن جيدة على رغم المصاعب المثارة. وستكون لذلك نتائج إيجابية على مجمل ملفات المنطقة.

في الموضوع السعودي، يقول التقرير إن التغيير الداخلي في المملكة سواء على مستوى هندسة الحكم الداخلي هناك أو على مستوى انتهاج سياسات جديدة، قد بدأ، ولكنه لم يكتمل. وهو بالطبع سيُستكمل بعد الاتفاق النووي الإيراني، وهذا سيُعيد المملكة إلى لعب دور عقلاني في إدارة شؤون المنطقة، ثم ستعقب ذلك مصالحة بين الملك الجديد وبين الرئيس السوري.

المصالحة التي يتكلم عنها التقرير لن تحدث في عهد الملك عبدالله لأن الوقت ضيّق ولن يتسع لذلك، ولأنّ السعوديين يشخصنون خلافاتهم. وعلى هذا، فالمتوقع أن يتأخر مسار حلحلة الملفات العالقة حتى ما بعد تموز أو تشرين الأول المقبل كحدّ أدنى وهو موعد نضوج مسار التغيّرات السعودية. ومن جملة الملفات المؤجلة انتخاب رئيس جديد في لبنان، إلا في حال حصل اختراق ينتج حلاً موقتاً لهذا الملف، وهو أمر مستبعد، أقله من ضمن المعطيات الحالية.

يقول التقرير إنه سيتمّ رفع الصوت الأوروبي اعتراضاً على الانتخابات الرئاسية السورية، لكن حقيقة الأمر أن الموقف الأوروبي ضعيف تجاه الوضع السوري. ويتوقع التقرير أن تتمّ محاولات عرقلة للانتخابات السورية من طريق التوتير الأمني والعسكري، لكن أوروبا، وأيضاً أميركا، متأكدة من أنّ الدولة يمكنها أن تجري الانتخابات في معظم المناطق، وأنّ للرئيس الأسد مؤيدين كثراً. يضيف التقرير إن في النهاية سيتعامل الغرب مع مرحلة ما بعد انتخابات الرئاسة السورية.

ويرى التقرير أنّ الأشهر القليلة المقبلة ستكون حبلى بالاستحقاقات الدولية ولن تكون هادئة في سورية. لكن الملف الأكثر لفتاً للاهتمام الغربي الآن، وبخاصة لأوروبا، هو الإرهاب والمجاهدون الأجانب، خصوصاً الأوروبيين وحتى العرب منهم. هؤلاء سيحاولون توتير الأجواء قدر المستطاع، لكن الوضع الدولي لم يعد يسمح بالكثير من الدعم، والأوروبيون أصبحوا مقتنعين تماماً بأنه لا مجال لتغيير الواقع الميداني على الأرض. أوروبا منهمكة بأمور داخلية عدة، منها الانتخابات الأوروبية المقبلة، وتطور الأحداث في أوكرانيا. فلا أحد في أوروبا قطعاً يفكر في القيام بدعم أو أي عمل عسكري مباشر يغيّر المعادلات على الأرض في سورية.

يعتبر التقرير أن أوروبا ستبدأ في أيلول، أو بحدّ أقصى كانون الأول، حتى تقوم بتغيّرات كبرى في سياساتها، والعودة إلى التعامل مع الواقع الحقيقي على الأرض، والاعتراف مجدداً بالرئيس الأسد والحكومة السورية والتعامل المباشر معهما.

يفيد التقرير بأنّ الكثير من الدول الأوروبية جاهز لفتح علاقات مباشرة مع دمشق، مثل برلين وروما وبروكسيل، ويشير إلى وجود إرهاصات لأن تلتحق بهم فرنسا بعد تغيّرات محتملة داخل إدارة الاليزية ستحدث خلال هذا الصيف المقبل.

الغرب، وتحديداً أوروبا، مهتم أيضاً بموضوع النازحين السوريين والكارثة الإنسانية الناتجة منه. والأوروبيون سيلجأون في مرحلة لاحقة إلى طلب مساعدة الدولة السورية للمساهمة بحلّ هذا الملف، وذلك في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية وخلال وقت متأخر من هذا الصيف.

لا يوجد أي حراك في الكواليس الدولية لإعادة إحياء جنيف السوري كما يقول التقرير، ويضيف: لكن هناك بعض التحضيرات لعقد جنيف 3، لكن لا أحد يعلم من سيجلس إلى الطاولة، بخاصة من جهة المعارضة، وما هي مواضيع البحث، علماً أن بعض العرب والغرب مهتمّ بالقيام بخطوات تكتيكية نحو المعارضة غير الإرهابية من أجل عدم إشعار الرئيس الأسد بالراحة .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى