الفكر الداعشي والسعودي وجهان لعملة وهابية واحدة
لمى خيرالله
تتسارع الأحداث والتطورات السياسية والميدانية الدائرة في رحى المعارك المفتوحة في الرمادي مروراً بشمال ووسط سورية وجبال القلمون وصولاً إلى اليمن، بانتظار سباق ساعة الصفر الزمنية لتجميع الأوراق في الثلاثين من حزيران ليضع كلّ فريق حصيلة ما جنى ولتحسم الخسارات برسم شرق أوسط جديد يتوازى مع القوى السياسية الفاعلة في الساحة الدولية.
وفي سبيل تحقيق الحد الأقصى من المكاسب بالرهانات يسعى تنظيم «داعش» الإرهابي وداعميه بمد جذوره التكفيرية وزرع أورام فكرية دموية تتماهى مع البنية الوهابية.
فبعد تبنّي فرع تنظيم «داعش» في السعودية تفجيري الدمام والقطيف في 22 و29 آيار اللذين استهدفا مساجد للشيعة أعلن التنظيم عن رغبته في تطهير شبه الجزيرة العربية من الشيعة وحث الشباب في المملكة على الانضمام إلى صفوفه وقال المتحدث باسم التنظيم الإرهابي أن «تنظيم «داعش» أمر أتباعه في كل مكان بقتل «أعداء الإسلام» بخاصة الشيعة».
وتساءل المتحدث في التسجيل، «كيف إذا كانوا مع كفرهم يعيشون في جزيرة النبي محمد» قائلاً: «إنهم كفار مرتدون، مشيراً الى ضرورة قتلهم وتشريدهم بل وتطهير الأرض من رجسهم».
يفاجئ المتابع لتصريحات تنظيم «داعش» من منهجيتيه إلا أن الواقع يؤكد تبني سلوك المجموعات التكفيرية ذات الإيديولوجية الرجعية التي انتهجتها مملكة آل سلول منذ تأسيسها تجاه المناطق الشرقية بالحرمان والإقصاء والملاحقة للناشطين ورجال الدين ولعل اعتقال الشيخ نمر باقر أمين النمر الشاهد الأوضح على تلك الممارسات وهذا ما أكده عالم الدين السعودي «محمّد العنزي»، بأن «سياسة آل سعود المجرمة تسبّبت بقتل الشعب العراقي والبحريني واليمني، حتى أصبحوا هدفاً مكشوفاً لداعش والإرهابيّين الذين صنعتهم أقلام النظام السعوديّ وأموالهم» مشيراً إلى أنّ «الكتّاب وعلماء الدين في السعوديّة هم عبيد لآل سعود، وليسوا أصحاب مبدأ أو قضيّة».
وتحت الراية والقيم ذاتها وكنوع من المواربة يتم تلميع «جبهة النصرة» المسمّاة حديثاً بـ«جيش الفتح» كفصيل معتدل ينحو قرب جنيف ليكون بديلاً سياسياً وعسكرياً وليكون لورانس ما يسمى الربيع العربي الإرهابي أبو محمد الجولاني ممثلاً غير حصري لبن لادن والظواهري متخفياً بوشاحه الأسود على محطة تنظيم القاعدة التي كانت وما زالت مطبخاً دولياً للإرهاب ومتزعميه وقادته واتجاهاته المتلاقية مع كيان العدو والمتعاكسة مع العروبة والإسلام والمسيحية والإنسانية والتي تستحق جائزة داعش للقتل والدمار وليجثو القانون الدولي مكبّلاً تحت أقدام تمثال الحرية الأميركية وفي زنزانات الأمم المتحدة ومجلس أمنها الذي ينفث السم والبارود أمام قلقه من مدافع «داعش» و«جبهة النصرة» لتُقصف تدمر وإدلب وجسر الشغور وأريحا بما يترجم عقد جبهة النصرة الاتفاق الأردوغاني السعودي في جولة في نزالٍ تمسك مفاتيح خواتيمها الإستراتيجية في القلمون.
شعارات طائفية ما انفكت الدول الإقليمية وداعموها العزف على أوتارها فكانت الإنطلاقة الأولى لما يسمى بـ «الجيش الحر» وتلاه «النصرة» و«داعش» من دون تناسي تظاهرات درعا وادلب وحمص التي حملت ذات المعزوفة التكفيرية التي سبق وتم التخطيط لها وفقاً لأطروحة المؤرخ برنارد لويس، الداعية لإعادة رسم خرائط المنطقة خلافاً لخطوط «سايكس ـ بيكو»، واعتماد خطوط التماس بين الطوائف والأعراق والمذاهب كأساسٍ بديل للحدود الجديدة، جميعها شعارات تسقط ادعاءات الثورة العابرة للطوائف ليبقى الثابت الوحيد إحراق رسائل النار بالإصرار فإن كان للباطل جولة فللحق جولات.