«النصرة» التركية… آمال وهمية وآجال حتمية
فاديا مطر
بعد انجلاء الصورة الضبابية ووضوح الرؤية في ما تقدمه تركيا والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا من سلاح نوعي لتنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي، وبما أن الأسباب التي تقف وراء شن أي حرب متعددة لجهة تقدمها على بعضها أحياناً في الأهمية، يبرز انكشاف ظهر «النصرة» وداعميها، لكون الصورة أوضح في المشهد الميداني السوري الذي اظهر علاقة النصرة الإرهابية بدول المحيط الإقليمي والدور الحقيقي والواقعي التركي على مستوى خريطة المنطقة، فمن جملة النواتج والملحقات التي ترافق المواجهة العسكرية في سورية يبرز تناسل الأسئلة من قبل كل المراقبين عن الحديث الغربي ـ التركي في هذه الفترة التي تقف أمام استحقاق تركي انتخابي مهم في 7 الجاري يضع السياسة التركية والعسكرة أمام الرقم والقلم في ما تقدمه لتنظيم «جبهة النصرة» الارهابي على الميدان السوري، فمن المتوقع أن يكون الحديث التركي بعد الانتخابات البرلمانية عن «النصرة» هو حديث جديّ، لكن من نوع آخر نظراً الى ارتباط «النصرة» ومصيرها بوجود الفاعلية السياسية والعسكرية لحزب العدالة والتنمية الحاكم حالياً وأجهزة استخباراته المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتشكيلات الإرهاب «النصراوية» الوهابية التي وصفها الرئيس بشار الأسد في 18 نيسان الماضي بأنها «أساس كل الارهاب في العالم» وبأن «جبهة النصرة» والحكومة والمؤسسات والاستخبارات التركية كانت كلهت تصرف وكأنها جيش واحد في معركة «إدلب»، فالاستراتيجية التركية الداعمة للإرهاب تنتظر ما هو مقبل من تطورات تشكل ثقلاً حاسماً في مصير أردوغان ومكانته ونتائج انتخاباته التي ستحسم وضعه الداخلي ووضع «حديقته الخلفية» في الشمال السوري التي تخوض المعارك العسكرية التدميرية نيابة عن تركيا وبوكالة حصرية، لهذا فإن ماء «النصرة» كماء «داعش» يصب في الطاحونة التركية التي تتقاطع «وهابياً» مع التمدد العسكري للإرهاب في استراتيجية التمدد على خطوط الجغرافيا الإقليمية وقبض الأثمان، فالانتخابات التركية ونتائجها في الداخل التركي سترمي بثقلها على نشاط «النصرة»، خصوصاً بعد فضيحة شاحنات الأسلحة في بداية عام 2014 التي زودت بها تركيا تنظيم «النصرة» الإرهابي وما يتفاعل داخلياً من هذا الموضوع ليصبح ورقة تجاذب سياسي داخلي على عتبة الانتخابات التركية بعد تهديد أردوغان علناً صحيفة «جمهورييت» التركية التي كشفت الفضيحة في الأول من الشهر الجاري، مما سينعكس على نشاط «النصرة» العسكري المرتبط بأجهزة الاستخبارات التركية لوجستياً وتكتيكياً برابط أو ثقته الولايات المتحدة بحبال المال النفطي الخليجي والتغطية الإعلامية والسياسية الدولية، ليكون سير الأمور قابعاً بين آمال حزب العدالة والتنمية في قبض ثلثي البرلمان التركي الذي تحزبت له المعارضة والأحزاب المتحالفة معها في جبهة واحدة من الكرد والأرمن وغيرهم، وبين ما يخيم من أجواء التراجع التي بدأت تتسم معالمها في الأفق ليتجسد مشهد آمال الفوز التركي في الانتخابات باطرّاد إندفاع أردوغان نحو التشكيل السياسي الجديد للحكم في تركيا الذي سيترافق مع إعادة «الأتاتوركية» التي تعيد إملاء الفراغ العسكري في نشاط التنظيمات الإرهابية التي تحصد في مسعاها أوراقاً أستراتيجية تركية في خريطة المنطقة الجيوسياسية، لكن مشهد الإنكفاء جرت به أقلام الكثيرين من المحللين لجهة ما يتمثل من مفاجئة حقيقية دراماتيكية ستحل بالوضع «الأردوغاني» وعبره إلى الوضع العسكري «للنصرة» الإرهابية، وما سيتغير من مشاهد القراءة السياسية «التبيضية» التي تسعى إليها دول الحلف الغربي ـ العربي المعادي لمحور المقاومة الذي غير قواعد الاشتباك الإقليمية والاستراتيجية التي سترسم جواراً إقليمياً سورياً جديداً يضع «العدالة والتنمية» مع ظهرها الإرهابي في المشهد العسكري والسياسي أمام «جيوبوليتيك» يفرض حسابات دقيقة وأثماناً جديدة تٌقرب آجال من ذهب بعيداً في العداء لمحور المقاومة الذي بدأ يبدل موازين القوة العسكرية التي ستكبح الكثير من المشاهد التي ترغب في أن تكون على صدر المواجهة العسكرية المنتشرة على ضفتي نهاية حزيران السياسية الدولية.