حزب الله قوة إقليمية عظمى
ناديا شحادة وتوفيق المحمود
بعد الكم الهائل من الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري وحزب الله في المناطق المشتعلة في سورية، إبتداء من معارك تحرير القصير في صيف 2013، إلى معارك تحرير القلمون في ربيع 2015، بات من الطبيعي أن تصيب هذه الانتصارات بحالة هستيريا، الكثير من قوى التيار المعادي للدوله السورية ولقوى المقاومة في المنطقة. فهؤلاء بعد الانتكاسات التي منيوا بها، قرروا أن يصبوا جام غضبهم على حزب الله، الذي كان قرار تدخله في المعارك الدائرة في سورية، لا يخرجه عن خطه السياسي والنضالي كحركة مقاومة مسلحة، واستطاع الحزب أن يبرر دفاعه ووقوفه الى جانب الدولة السورية ضمن مفهوم العلاقة الاستراتيجية والأمنية بينهما نظراً إلى ما يمثله النظام السوري من حماية لظهر المقاومة اللبنانية والفلسطينية.
ووفق هذه المبادئ سار الحزب في الطريق الذي يراه ينسجم مع مواقفه ومبادئه السياسية والأخلاقية، فتدخل عسكرياً وبدأ الحسم على الأرض بالتعاون مع الجيش السوري.
ومن أبرز المعارك التي يخوضها مقاتلو الحزب في شكل مباشر دفاعاً عن المحور الذي ينتمي اليه، هي على جبهة القلمون. فهي حرب مفتوحة في الزمان والمكان والمراحل وتمكن خلالها من إلحاق هزيمة مدوية بالجماعات المسلحة، وقد أكد ذلك الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله. كما استطاع الحزب الذي يخوض حرباً شرسة ضد مقاتلين هم خليط مما يسمى «الجيش الحر» و«جبهة النصرة» وتنظيم «داعش»، أن يحقق سلسلة من الانتصارات ويلحق هزيمة كبرى بالجماعات المسلحة في المنطقة التي تحيط بها جبال القلمون الفاصلة بين لبنان وسورية، تلك الانتصارت التي مكنت الحزب من طرد تهديد الجماعات المسلحة المسلط على الحزب في جنوب لبنان وفتح طريق مباشر بين لبنان وسورية. هذا أيضاً ما أكدته صحيفة «فورين بوليسي» الأميركية في تقرير لها نشر أول من أمس. التقرير أكد أن مقاتلي الحزب سيطروا على 120 ميلاً من المنطقة المتاخمة للحدود اللبنانية طاردين ميليشيات جبهة النصرة.
وأضافت الصحيفة أن حزب الله بات في هذه المرحلة يخوض سلسلة معارك كبرى على الصعيد الإقليمي فهو يشارك في القتال في سورية، وفي موازاة ذلك يشن الحزب حرباً سياسية واعلامية ضد السعودية بسبب حربها على اليمن، كما يشارك الحزب في معارك أخرى وبإشكال مختلفة في العراق وفي الصراع مع عدوه الأساسي، العدو الصهيوني، من خلال العلاقة المميزة مع قوى المقاومة الفلسطينية. فحزب الله الذي نجح في السنوات الأخيرة في زيادة قدراته العسكرية والأمنية واللوجيستيه واكتسب مقاتلوه مهارات قتالية عالية، لا يزال يعتبر ان المعركة مع العدو الصهيوني هي الأساس وأن استعداداته مستمرة لمواجهة الجيش «الإسرائيلي» في أي معركة. وأعلن ذلك السيد نصر الله الذي أشار إلى أن «المقاومة لم تصب بأي خلل أو ضعف أو وهن ولم تتأثر قدرتها ولا جاهزيتها في مواجهة العدو الاسرائيلي». فحزب الله بدخوله في ساحات قتالية متعددة أكسبته العديد من التجارب والكفاءات وتحول إلى قوة اقليمية عظمى، وبات الشغل الشاغل لصنّاع القرار في الدول الغربية وأصبح العديد من التقارير العسكرية والسياسية الأميركية و«الإسرائيلية» تتحدث عن تعاظم قوة الحزب العسكرية، معتبرة ذلك نكسة كبيرة لاعادة رسم موازين ومواقع القوى في المنطقة.
فمع قوة حزب الله اللوجستية وقوة الردع والتنظيم المنضبط لمقاتليه، يؤكد المراقبون انه أصبح له دور متعاظم على مستوى المنطقة، وبات جزءاً اساسياً من محور إقليمي يستطيع ان يحدث تغييراً كبيراً في موازين القوى بين أطراف الصراع في المنطقة.