اتفاق مصري ـ سعودي على مواجهة التدخلات الخارجية: هل يشمل ذلك التدخل الأميركي؟
حميدي العبدالله
في المؤتمر الصحافي المشترك الذي جمع وزير الخارجية السعودي مع وزير خارجية مصر، أعلن أنه تم الاتفاق بين القاهرة والرياض على مواجهة التدخلات الخارجية في شؤون المنطقة. وبديهي أن هذه التصريحات مقصود بها من قبل السعودية على الأقل إيران، وربما هذا هو رأي مصر أو جارتها في رأيها، ولكن السؤال هل إيران وحدها التي تتدخل في الشؤون الداخلية العربية؟ ماذا عن تدخلات تركيا في الشؤون العربية، ألا تتدخل تركيا بكل أنواع التدخل، سياسياً وحتى عسكرياً، وتعمل على تأجيج الصراع هنا وهناك من خلال انحيازها إلى جانب فريق ليبي ضدّ فريق آخر، وألم تشارك تركيا في الحرب التي شنها الناتو على ليبيا؟ بل أكثر من ذلك ألا تتدخل تركيا ليلاً نهاراً في الشأن الداخلي المصري، وتصف نظام حكم الرئيس السيسي بالنظام الدكتاتوري والانقلابي، وتقدّم دعماً متعدد الأشكال للقوى الإرهابية، وحتى غير الإرهابية التي تناهض النظام في مصر؟
فهل يجوز الحديث عن رفض التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية العربية عندما يتعلق الأمر بقيام إيران بإقامة تحالفات مع هذه الدولة العربية أو تلك، أو مع هذه الجماعة السياسية أو تلك، ولا ينطبق الأمر ذاته عندما يتعلق بقيام تركيا بعمل مماثل، فلماذا مسموح لتركيا التدخل وغير مسموح لإيران ذلك، فهل تركيا دولة عربية حتى يحق لها التدخل في الشأن الداخلي العربي، أم أنها سياسة صيف وشتاء تحت سماء واحدة. ثم هل يحق لدولة مثل السعودية أن تقبل بالتدخل الأميركي في شؤونها الداخلية، وإقامة القواعد العسكرية في دول الخليج، وقبول الخطاب الأميركي والغربي، الذي يتحدّث عن مصالح للولايات المتحدة والغرب في المنطقة، ويتدخل بكلّ أشكال التدخل العسكري للحفاظ على هذه المصالح، وهو يبعد آلاف الأميال عن المنطقة العربية، ولا يجمعها مع شعوبه سوى السيطرة والهيمنة ونهب الثروات، ولا يسمح لدولة جارة مثل إيران يجمعنا معها تاريخ مشترك وقيم أكثر تقارباً، وأكثر تشابهاً مما يجمع شعوبنا مع الشعوب الغربية أن يكون لها ذات الحقوق، لماذا يعتبر وجود خبراء إيرانيين وبطلب من الحكومة العراقية لمساندتها في مكافحة الإرهاب تدخلاً في الشؤون العراقية ونفوذاً إيرانياً غير مقبول، ووجود مئات الخبراء الأميركيين لا يشكل تدخلاً ونفوذاً أميركياً في العراق، أليس تواجد الخبراء الإيرانيين والأميركيين بطلب من الحكومة العراقية، فلماذا يصبح وجود الخبراء الإيرانيين غير شرعي ومصدر نفوذ مرفوض لإيران، ووجود الخبراء الأميركيين وجوداً شرعياً ولا يشكل أيّ تهديد، لا شك أنّ هذه المعايير المعتمدة من قبل بعض الحكومات العربية، والتي عبّرت عنها تصريحات وزيري خارجية السعودية ومصر في مؤتمرهما الصحافي المشترك تكشف بؤس السياسة العربية وعدم واقعيتها، وكيلها بمكيالين على غرار السياسة الغربية.