حسم المنطقة عبر «اثنين»

خمس سنوات من عمر «الشرق الأوسط» المحموم مرّت على المنطقة بأزمات فتحت ولا تزال كرات النار تتدحرج بين لهيب الإرهاب وكبحه، وبقيت الأزمة السورية الأكثر ترجمة لحرب الخصوم والأكثر حدّة، وبقيت الأزمة السورية حتى الساعة ميدان إعلان الرابح والخاسر في الكباش الدولي الذي طالت مدّته وتمادت حتى سقطت حسابات الدول الغربية فيه، إلا أنّ المشهد السوري الذي بدأ بهذا الشكل لا يبدو أنه الجبهة الوحيدة القادرة على إرساء معادلات المنطقة بسبب الأزمات الأخرى المستحدثة واحدة منها أزمة اليمن.

في الواقع فإنّ الملفين الرئيسيّين حالياً بعدما أخذت المسألة في سورية تتخذ طابع الرسائل والنقاط، وأصبح «ستاتيكو» لتعثر المفاوضات بقرار دولي، هما أولاً الملف النووي الإيراني الذي يعني «إسرائيل» بشكل مباشر في المنطقة، والذي على أساسه تبني «إسرائيل» قوة وضعف إيران، وتعرف أنه الملفّ الذي سيسقط حجة فزاعة «إسرائيل»، وثانياً الملف النووي الذي يعني السعودية بشكل مباشر، والذي أصبح ملفاً أكثر حساسية بالنسبة إلى السعوديين مهما حاولت الرياض إشاعة تصدّر الملف السوري في اهتماماتها وحشدها لمواقف داعمة في مصر، واستجداء تغيير في الموقف الروسي من أجل التغطية على الملف الأخطر الذي من الممكن ان يأكل النسيج السياسي السعودي الجديد اليوم نظراً لحساسيته وتداعياته.

أكثر الملفات حساسية تبقى دائماً تلك التي تعني «إسرائيل» والسعودية بشكل مباشر إقليمياً وعلى المستوى العربي بشكل أساس، لهذا السبب فإنّ كلّ الملفات المتبقية العالقة والتي تصدّرت المشهد في المنطقة قبل سنوات أصبحت ثانوية اليوم في انتظار التوقيع النووي الإيراني مع الغرب الذي يعتبر لوحده، وبغضّ النظر عن الملف اليمني، وبالنسبة إلى «إسرائيل» والسعودية، معاً هو نقطة التحوّل الكبرى في الشرق.

حاولت إيران في غير مرة الطلب من الولايات المتحدة الاميريكية عدم خلط الأمور والملفات، وعدم بحث كلّ ملفات المنطقة على الطاولة، ايّ الاكتفاء بالموضوع النووي وحله بدون اي محاولة أميركية للابتزاز والتأثير عبر خلط الملفات كنوع من شروط التعجيز أمام إيران، وهذا كان في البداية، أما اليوم وفي المراحل الأخيرة للاتفاق فإنّ المعطيات تشير الى انّ الأميركيين والإيرانيين لا يبحثون فقط الملف الإيراني النووي، باعتبار انّ هذا الملف، إنْ تمّ، ستكون له تأثيرات جمة على باقي الملفات، وعلى أزمات الجوار سياسياً واقتصادياً، وبالتالي لم يعد ممكناً تجاهل البحث في الملف العراقي او السوري او اليمني وعزل التشابك الذي فرضته الجبهات.

اما من جهة الملف اليمني فإنّ الاهتمام السعودي مهما بلغ حجمه في سورية لم يعد ممكناً تقبّل اعتبار «إسقاط الأسد» همّاً أكبر وأشدّ دقة بالنسبة للسعوديين الذين أيقنوا أنّ «عدوهم» المجاور المتمثل بالثوار والحوثيين هو «عدو» عنيد ومتمكن قادر على الصمود في الحرب وشنّ الهجمات الصاروخية على السعودية، عكس ما كانت تتوقع لتتحوّل تدريجياً الضغوط لأجل الحلّ على الملف اليمني أولى أولويات الرياض في العالم.

في المحصلة تبقى سورية والعراق وأيّ تقدم للإرهاب في جسر الشغور وإدلب وتدمر السورية وفي الرمادي العراقية ليس سوى نقاط تسجل وتحسب للحلفاء من اجل الضغوط على المفاوضات لا حسم الملفات وختمها.

وعليه ان تحسم المنطقة… يعني ان يحسم اثنان: «الملف النووي والملف اليمني».

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى