الراعي: لانتخاب رئيس على مستوى آمال اللبنانيين قباني: لنتعالى عن الخلافات التي يغذّيها المستفيدون من الفتنة

شارك رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في اللقاء الوطني الروحي المسيحي – الإسلامي، لاستذكار وصية البابا القديس يوحنا بولس الثاني «لبنان الرسالة، الذي انعقد أمس في الصرح البطريركي في بكركي بمشاركة رؤساء الطوائف المسلمين والمسيحيين.

وقد أكدت الكلمات التي ألقيت على دور لبنان الرسالة وأهمية العيش المشترك بين مختلف الطوائف، «على قاعدة ما يجمعهم من جذور تاريخية، وقيم أخلاقية وإنسانية في هذه المنطقة من العالم».

كما أشادت بمواقف البابا الراحل يوحنا بولس الثاني الذي «سيبقى في وجدان اللبنانيين دائماً، كما كان لبنان واللبنانيون في عقله وقلبه ووجدانه، لا سيما في أشدّ أيام اللبنانيين ظلمة خلال حروب الفتنة».

قباني

وألقى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني كلمة قال فيها: «نلتقي اليوم في هذا الصرح البطريركي، وصاحب المناسبة هو البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، الذي سيبقى في وجدان اللبنانيين دائماً، كما كان لبنان واللبنانيون في عقله وقلبه ووجدانه، لا سيما في أشدّ أيام اللبنانيين ظلمة خلال حروب الفتنة، وهو الذي زارنا في لبنان بعد أن اطمأنّ إلى استقرار خلافاتنا، وأطلق رسالته الشهيرة تحت عنوان: «رجاء جديد للبنان»، هذه الرسالة التي حملت في عنوانها الأمل الكبير للبنان، حملت في طياتها دعوة صريحة وقوية إلى الوحدة والحوار الدائم بين اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، على قاعدة ما يجمعهم من جذور تاريخية، وقيم أخلاقية وإنسانية في هذه المنطقة من العالم».

وأضاف: «لقد كانت رسالة البابا يوحنا بولس الثاني إلى اللبنانيين دعوة أيضا إلى ثقافة الحوار العاقل، البعيد عن الأهداف الذاتية والطائفية والمذهبية، وأكدت أن لا قيمة ولا معنى للبنان إن لم تشكل هذه الثقافة شراكة حقيقية بين اللبنانيين تحترم فيها حقوق الإنسان، ومن بين تلك الحقوق الحرية الدينية واحترامها».

وتابع: «إنّ اللبنانيين لن ينسوا مواقف البابا يوحنا بولس الثاني من أجل لبنان ودوام العيش المشترك فيه. كما لن ينسى المسلمون مواقفه تجاه الإسلام، وخصوصاً في المناسبات الدينية الإسلامية، ودعوته الدائمة إلى الحوار بين الديانات».

وقال: «إننا في لبنان مدعوّون دائما إلى التلاقي والتعاون، والتفهم والتفاهم، والعيش سوياً في شراكة دائمة، نتعالى فيها عن الخلافات التي يغذيها المستفيدون من زرع الفتنة والفرقة والشقاق بين اللبنانيين، والمسؤولية الكبرى في هذا المجال تقع على عاتق الجميع، وخصوصاً الرؤساء الدينيين، لجعل التعاون والمحبة تربية وسلوكاً يومياً في حياتهم».

الراعي

الى ذلك، قال البطريرك الراعي: «نسأل البابا يوحنا بولس الثاني أن يفيض على الجميع نِعمَ السماء، وإن استقبال ذخائره في كنيسة الصرح تحمل رمزية تختص بما عنت له بكركي ودعوته الملحّة للمصالحة والحوار».

وأضاف: «نستشفع البابا يوحنا بولس الثاني معكم انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية هذا الأسبوع الأخير فيكون رئيساً على مستوى آمال الشعب».

وتابع: إنّ البابا يوحنا بولس الثاني قال: «منطقة الشرق الأوسط بحاجة ملحّة إلى المصاحلة، والمصالحة الحقة لا تحصل على حساب الحقوق، وإذا زال لبنان فقضية الحرية بالذات ستصاب بالفشل الذريع»، لافتا إلى أنّ «الحل عنده للقضايا اللبنانية عبر المصالحة والحوار، فكم من مرة كرر الدعوة للحلول السلمية في لبنان»؟.

وأردف: «لم يتكلم أحد مثل يوحنا بولس الثاني بجرأة وتفصيل عن لبنان، وإننا نرفع صلاة الشكر له على كل ما فعله لأجل لبنان وهو ما انفك يوماً من الدفاع عنه، فخلال 15 سنة كانت له 171 مداخلة حول لبنان، ورسائل إلى الجميع الى اللبنانيين وسفراء العالم والأمم المتحدة».

وقال: «إننا نجدد العهد معاً بالمحافظة على لبنان بكل مكوناته والسعي الدائم لتعزيز العيش معاً والتعاون بين المسيحيين والاحترام على أساس حماية الحريات وحقوق الإنسان، مع الإدراك أنّ لبنان قيمة ثمينة ينبغي وضعها في خدمة الأسرتين العربية والدولية».

قبلان

من جهته، أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «أنّ الوطن لا يكون بطينه بل بإنسانه لأنه ذخيرة الله»، مشيراً إلى أنّ «العقل السياسي وإرادة العيش ومعدل القيم يجب أن تتكرس ميثاقاً يلحظ هذا الوطن، وهذا يلزم منه أنّ على المسجد والكنيسة إنتاج إنسان المحبة والشراكة».

وأضاف: «إننا نؤكد أنّ العيش التاريخي بين المسيحيين والمسلمين يجب أن يتجسد برئيس جمهورية يحفظهما بمشروع مودة قبل أن يكون مشروع دولة».

حسن

ودعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، في كلمته الجميع في لبنان إلى أن « تكون نواياهم وقلوبهم واحدة منصبّة على الإقدام الحقيقي الفاعل على كل ما يعزز الروح الميثاقية من دون تحريف معانيها، وجعلها حرفاً ميتاً بل روحاً، تجمعنا على التمسك بكل ما يحققها لأنّ بذلك تتحقق المصلحة الوطنية العليا».

ورأى انه «إذا صفيت القلوب والنوايا، نعرف أنّ ألف بائها هي وحدة الأرض والشعب والمؤسسات، هي أولوية السيادة والحرية والديمقراطية الصحيحة، هي العيش الإيجابي المتفاعل المشترك، هي أن لا يكون البيت بمنازل متعددة، بل أن يجمعه كنف العائلة الواحدة كي يكون لبنان»، لافتاً إلى أنّ «هذا ما نصبو إليه وتجتمع حوله الرؤية الروحية والسياسية لطائفة الموحدين الدروز».

وأشار حسن إلى أنّ «شخصية البابا يوحنا بولس الثاني استثنائية بمقاييس متعددة، وقد قدم لعقيدة دينية عاشها بكل ما أوتيه، وهو نظر منذ البداية إلى الكائن البشري نظرة الاحترام، وتميز عهده بنشاط دؤوب هائل متسع الآفاق عبر ورش عمل بكل المستويات».

وقال: «إننا نؤكد أنّ لبنان وطن الشراكة الدينية والتضامن السياسي، وحينما تتعمد المحبة بماء الأزل يتحول الوطن إلى عناق بين أهله وأبنائه».

الحداد

وقال الرئيس الإقليمي للآباء اللعازريين في الشرق الأب زياد الحداد: «كما جمعنا يوحنا بولس الثاني في حياته على الصعيدين العالمي واللبناني، كذلك يجمعنا اليوم قديساً حول ذخائره، وحول الذخيرة التي منحنا إياها عند تسميته بلدنا «وطن الرسالة» ودعوته لنا للمحافظة عليه، وقد خصصه بسينودس يقرأ في حاضره ومستقبله. ولا شكّ في أنّ القديس يوحنا بولس الثاني سعيد أن يرى مكونات الأمة اللبنانية تجتمع اليوم لتعبّر معاً عن عرفانها بالجميل لمن أحب لبنان ولتؤكد أنها ماضية معاً في تطبيق مواد الإرشاد الرسولي التي ركزت على التعاون والعيش معاً لجعل هذا البلد الصغير مثالاً يحتذى به في العالم».

وأضاف: «لقد عرف البابا يوحنا بولس الثاني أنّ العيش المشترك رسالة لها أبعادها العالمية، وهي مختبر في عالم النزاعات وتصادم الثقافات والحضارات. فقرّر أن يضع المداميك لحوار حقيقي في العمق، بين أبناء كل الديانات، حتى غير السماوية منها، لأنّ لها الحق أيضا في عيش السلام والتفاعل الإيجابي مع الآخرين، طالما أنهم كلهم ولدوا على صورة الله ومثاله».

وتابع: «لقد آمنت جمعية الآباء اللعازريين بكل هذا، بل وعاشته في رسالتها بهذا الشرق التي بدأت عام 1774 في لبنان وسورية، وسرعان ما انتشرت في مصر والأراضي المقدسة، حيث لنا مؤسسات تتابع العمل الاجتماعي والتربوي في خدمة الإنسان، وركزت في رسالتها على قبول الآخر والبحث عن القواسم والقيم المشتركة معه من دون التركيز على نقاط الاختلاف».

ولفت الحداد إلى «أنّ التزام الآباء اللعازريين بلبنان ينطلق من روح الإرشاد الرسولي الذي وضعه يوحنا بولس الثاني، وهو يترجم في حياتنا وفي عملنا في خدمة العائلة، والشبيبة وخصوصاً المعوزين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى