تأميم بنك آسيا المسمار الأخير في نعش أردوغان

توفيق المحمود

أينما كنت تنظر في تركيا ترى الرئيس رجب طيب أردوغان يخطب في حشدٍ معبراً عن غضبه وموجّهاً اتهاماته إلى كل أحزاب المعارضة ووسائل الإعلام التي لا تواليه وتدعم حكومته، منتهكاً ما يمليه عليه الدستور من حياد سياسي إزاء الانتخابات، ومتسلّحاً بحصانة منصبه، فدخول أردوغان الحملة الانتخابية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الذي انفصل عنه رسمياً لدى تولّيه الرئاسة كانت محاولة منه لإنعاش شعبية الحكومة المتراجعة، لكن استطلاع الرأي الذي أعلن عنه مركز كوندا عالي الصدقية أظهر تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية وجاء في الاستطلاع الذي نشرت صحف تركية أجزاء منه أن حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد سيحصل على 11.5 في المئة من الأصوات أي أكثر من الحد المطلوب لدخول البرلمان وهو عشرة في المئة، فأرجع المحللون سبب تراجع شعبية الحزب الحاكم هو سياسة أردوغان، وتدخُّله في شكل مباشر في الحملة الانتخابية للحزب والأهم تجميده عملية السلام الكردية التي أفقدَتْه جزءاً مهماً من أصوات الأكراد، واعتماده أكثر على التيار الإسلامي في محاولة لاستعادة أصوات الإسلاميين المستائين من العمل لتصفية تيار إسلامي شقيق بحجة الخلاف السياسي مع زعيمه فتح الله غولن.

فمع ارتفاع حدة حملة أردوغان التي بلغت حدّ ظهوره حاملاً مصحفاً، ومتهماً أحزاب المعارضة بالخيانة ودعم الإرهاب والكذب والإلحاد والعمالة للغرب وموجّهاً اتهامات وتهديدات إلى وسائل إعلام معارضة، وإعلاميين بالاسم في خطب شعبية متكررة، في شكل يومي هاجم أردوغان الكثير من وسائل الإعلام وعلى رأسها وسائل إعلام إسلامية تابعة لجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، مثل «زمان» و «بوغون».

وبدأت الحكومة بالعمل لإغلاق هذه الوسائل، بعد تسجيل جماعة غولن بوصفها «تهديداً» وذلك في محضر اجتماع مجلس الأمن القومي في أيار الماضي واعتبارها «جماعة إرهابية» يجب استئصالها من جذورها.

ويخشى أردوغان من تنامي نفوذ خصمه غولن في مؤسسات الدولة وتشكيل «كيان موازٍ» لها، في وقت تسعى الحكومة للضغط باتجاه منع الجماعة من التأثير في سير الانتخابات، بالتحالف مع أحزاب المعارضة المعروفة وكانت قد كشفت مصادر رسمية تركية أن النيابة العامة في أنقرة، أرسلت طلباً إلى إدارة شركة «تركسات» المشغلة للأقمار الاصطناعية التركية تطلب فيها وقف بث وسائل الإعلام التي تقوم بالدعاية لـ«الكيان الموازي».

وكان اردوغان اتهم في 23 أيار الماضي الولايات المتحدة الاميركية بدعم فتح الله غولن لإسقاط حكومته، وقال إن «الكيان الموازي» له ما بين 160 إلى 170 مدرسة في مناطق مختلفة في اميركا وتدعم واشنطن هذه المدارس في شكل خاص، وتتكفل بمصاريفها كاملة، وتدعم ذلك الكيان من خلالها، وشدد على مواصلة ملاحقة «الكيان الموازي» واستثماراته في تركيا وكان آخرها منذ أيام، وأفادت صحيفة «زمان» أن وكالة تنسيق ومراقبة العمل المصرفي بتركيا، قررت الاستحواذ على بنك آسيا، أكبر بنك غير ربوي وثالث أقوى بنوك القطاع الخاص في البلاد، وذلك في شكل غير قانوني بحجة دعمه لجماعة فتح الله غولن ولطالما استهدف أردوغان مراراً بنك آسيا في خطاباته منذ الكشف عن فضائح الفساد والرشوة الكبرى في 17 من كانون الأول عام 2013، وبحث عن طرق لمصادرته لارتباطه بجماعة فتح الله غولن، الذي أطلقت عليه الحكومة التركية «الكيان الموازي» وتزامن مع هذه العملية غير القانونية نشر مقاطع فيديو كشفت عن وجود أسلحة في شاحنات الاستخبارات الوطنية التي كانت تتجه إلى الجماعات الإرهابية المقاتلة في سورية فحارب أردوغان في سورية كما لم يفعل أي عدو حاقد فأرسل الأسلحة والمخربين والإرهابيين والقتلة والمجرمين لتخريب البنية التحتية والمنشآت والمصانع السورية وقتل السوريين وأرسل كل أنواع القتل والتدمير إليهم، ولا يزال يمارس الإجرام منذ أكثر من أربع سنوات وأمام أعين الأمم المتحدة والدول الكبرى والاتحاد الأوروبي.

اخيراً هل ستكون عملية الاستحواذ على بنك آسيا الهجوم الانتحاري الأخير وإطلاق رصاصة الرحمة على حزب «العدالة والتنمية» قبل أيام من الانتخابات البرلمانية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى