إذا كان حنق أوباما يصبّ في مصالح «إسرائيل» الوجودية… فليستمر في الغضب!
كتب حاييم شاين في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية:
شاهدت أمس المقابلة التي أجرتها إيلانا ديان مع الرئيس أوباما. في الحقيقة، شعرت بالرحمة إزاء الرئيس المستنزف للإمبريالية الأقوى في تاريخ الإنسانية. رئيس يرى في نهاية ولايته الأمل الكبير وهو ينهار مثل الدومينو. على خلفية أحداث الحاضر التي تشهد سفك الدماء وتجدّد الحرب الباردة، وفقدان السيطرة العليا الأميركية. ليس هناك أسهل من الحديث عن مستقبل جيد وواعد، وكأنه شاعر يكتب عن الأمل. حينما سُمع الرئيس الأميركي مثل النبي، فإنّ الثقافة الغربية يجب أن تفهم أنها في أزمة كبيرة في مواجهة قوى الظلام.
لقد انتُخب أوباما على خلفية المُخلّص الحالي. للمرّة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة يُنتخَب رئيس لا ينتمي إلى النخبة القديمة. أميركا الثانية وأيضاً الثالثة قامتا بإرسال مبعوث إلى البيت الابيض. التوقعات كانت كبيرة. أوروبا الباردة أيضاً سُحرت من أوباما، وفي عام 2009 مُنِح جائزة نوبل للسلام على حساب المستقبل بسبب المساهمة الخاصة في التعاون بين الشعوب. وقد تبين سريعاً أن جبل الوعود تمخض فولد ثقباً أسود مليئاً بالعنف وسفك الدماء والجرائم ضد الانسانية. أصدقاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأوروبا خائبو الأمل. على قدر حجم التوقعات كان حجم خيبة الأمل. ولا خيبة أمل أكبر من مُخلّص خيّب الآمال. لماذا نستغرب إذاً من أن الرئيس ما زال يأمل ترك إرث باتفاقه مع ايران وعملية سلام مفروضة على دولة «إسرائيل»؟
كان اللقاء شفافاً خلال الحديث مع «الإسرائيليين» من فوق رأس حكومتهم المنتخبة وإقناعهم بالشعارات التي يتبنّاها المعسكر الصهيوني الذي خسر في الانتخابات، وكان قلق الرئيس إزاء القيم الديمقراطية لدولة «إسرائيل» ومستقبلها الديمغرافي مؤثراً. وكان اهتمامه بالفلسطينيين مستفزّاً، الذين هم بالنسبة إليه مثل السود في الولايات المتحدة. لكن ما العمل بعد 67 سنة من الصراع الذي يخوضه «مواطنو إسرائيل» من أجل حريتهم واستقلالهم. فقد كفّوا عن كونهم ساذجين. وهم يفضّلون الاستمرار في النضال بدلاً من الموت في مسارات السلام الكاذب والوهمي.
الرئيس أوباما يتهم دولة «إسرائيل» بعدم التقدّم في عملية السلام مع الفلسطينيين. هذا اتهام باطل، إذ حاولت «إسرائيل» على مدى سنواتها التوصّل إلى السلام مع جيرانها. وكل دولة اعترفت بها تم توقيع اتفاق سلام معها. الفلسطينيون غير مستعدين للاعتراف بدولة «إسرائيل»، ومنذ عام 1967 يتملصون من اتخاذ قرارات تُمكن من التقدم باتجاه السلام. وقد حصلوا من رؤساء حكومة في السابق على كل شيء تقريباً بما في ذلك سيطرة في القدس وحق العودة الجزئي. وعلى رغم ذلك، فقد هربوا بلا رجعة.
حول الموضوع الإيراني، واضح أن أوباما يفهم جيداً أن الايرانيين لا ينوون الالتزام بالاتفاق الآخذ في التبلور معهم، إذا تم التوقيع عليه. يبدو أن أوباما يهتم بإرثه أكثر من إمكانية حصول إيران على القنبلة النووية بعد عهده. فهو لن يكون هناك من أجل المحاسبة، ومن غير المنطقي رفع العقوبات عن إيران لأن هذا سيُمكّنها من التقدم باتجاه القنبلة، والمليارات التي ستحصل عليها ستُمكّنها من الاستمرار في التطوير وتشجيع الإرهاب في أرجاء العالم.
لقد صدق الرئيس أوباما: إن «الإسرائيليين» حذرون وشكّاكون. بعد آلاف السنوات من التاريخ والكارثة، من حق اليهود أن يقلقوا على أمنهم. ولا يمكنهم المراهنة على مستقبلهم. لقد اقتنعت في نهاية اللقاء أن على «إسرائيل» التصميم على مواقفها، وأن السلام سيتحقق فقط إذا كانت «إسرائيل» قوية وحازمة، وتحقق الحلم والطريق. أوباما يستطيع الغضب من نتنياهو، وهذا أفضل من محبة الزعماء الذين يتنازلون عن مصالح «إسرائيل» الوجودية.