مساعٍ عُمانية لايجاد مخرج للازمة اليمنية
ناديا شحادة
التكتيك العسكري والاستراتيجي الذي اتبعه الحوثيون في تعاملهم مع «عاصفة الحزم» أربك السعودية وتسبب لها في صداع لوجيستي وأدخلها في دوامة لم تعد تعرف كيف الخروج منها.
فالحملة التي تقودها السعودية ضد الشعب اليمني لم تجبر الحوثيين على ترك مواقعهم والشعب اليمني لم يستسلم، ووصلت قذائف المقاومة اليمنية الى الاراضي السعودية فباتت المملكة تبحث عن مخارج لها من المأزق الذي تورطت به.
وأدت مجريات الأحداث على الساحة اليمنية الى تراجع في مواقف السعودية وحلفائها بعد فشلهم العسكري وأصبحوا يأملون في خلق مساحة لحل تفاوضي يصلون من خلالها الى نتيجة ايجابية عبر المفاوضات .
فها هو الرئيس الهارب الى السعودية عبد ربه منصور هادي الذي كان قد اشترط سابقاً تسليم الحوثيين اسلحتهم قبل المشاركة في محادثات سلام معهم، يوافق الآن على المشاركة في المحادثات مع الحوثيين التي ستعقد في جنيف برعاية الامم المتحدة، بحسب تصريحات احد مساعديه. فقرار هادي جاء بعد لقائه في الرياض مبعوث الامم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ احمد وهذا ما اكدته.
وكان تم تأجيل مؤتمر جنيف الذي كانت الامم المتحدة تنوي عقده في 28 أيار الماضي بسبب اعتراض هادي الذي اشترط تنفيذ القرار الأممي 2216 الذي يتضمن بنوداً عدة بينها انسحاب الحوثيين من العاصمة صنعاء والمدن الرئيسية وتسليم اسلحتهم قبل ايه محادثات معهم.
يأتي ذلك في ضوء استمرار المشاورات التي يشارك فيها وفد من الحوثيين في سلطنة عمان التي تقود حراك تسعى من خلاله الى ايجاد حل سياسي للازمة اليمنية، ويؤكد المراقبون ان سلطنة عمان التي تقود هذا الحراك في امكانها ان تمارس دوراً حقيقياً في حل الازمة بالتعاون مع الولايات المتحدة الاميركية التي كان لها دور حاضر في الأزمة اليمنية من خلال الاعلان الاميركي الصريح عن الدعم الاستخباراتي واللوجستي لـ«عاصفة الحزم» التي فشلت في تحقيق اهدافها المعلنة وغير المعلنة .
فواشنطن التي ادركت ان السعوديين لا يملكون استراتيجية حقيقية لتحقيق اهدافهم السياسية في اليمن، باتت تسعى للعب دور آخر من خلال الوساطة بين الاطراف المتنازعة، فدخلت طرفاً في محادثات تقريب وجهات النظر للحوار المزمع عقده في جنيف بين الحكومة اليمنية والحوثيين، وعلى ضوء هذا الحراك أجرى مسؤولون اميركيون محادثات مع الحوثيين في سلطنة عمان وهذا ما اكدته ماري هارف مستشارة وزير الخارجية الاميركي للاتصالات الاستراتيجية في 3 حزيران حيث قالت إن مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى آن باترسون أجرت لقاءات عدة مطلع الاسبوع الحالي بسلطنة عمان ومع الاطراف اليمنية بمن فيهم الحوثيون.
ويؤكد المراقبون ان الصراع في اليمن بات شكلاً من اشكال الصراعات التي لا يمكن حلها عسكرياً، فقوة الحوثيين فاجأت الطرف المعادي لهم، وحققوا العديد من المكاسب على الارض، لذا بات لا بد من السعي الى الحلول الدبلوماسية التي ستشكل مخرجا ًلهذا الصراع وعلى ضوء ذلك بدأ حراك لبعض الدول منها سلطنة عمان لايجاد حل سياسي للازمة اليمنية، وتراجع هادي عن عدم المشاركة في حوار مع الحوثيين إلا بعد تسليم سلاحهم.
فمع تراجع هادي عن شروطه التي وضعها للجلوس مع الحوثيين ومع المساعي التي تبذلها سلطنة عمان، التي يدرك العديد من الدول الاقليمية صدقية الحكومة العُمانية وسعيها الدائم من اجل ايجاد مخارج سلمية لبعض الازمات، يبقى السؤال هل سنشهد نهاية لـ«عاصفة الحزم» وتقبل السعودية بالحوثيين كجزء اساسي في السلطة الحاكمة في اليمن ويتم اعلان توقف الحرب على الشعب اليمني قبل شهر رمضان؟ سؤال ستجيب عنه مجريات الأحداث المقبلة.