الأعور: تحالف جنبلاط و«النصرة» ناتج من حقد تاريخي على سورية وقيادتها

حاورته روزانا رمّال

أكد عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب فادي الأعور أن زيارة رئيس حزب «القوات» سمير جعجع رئيس التكتل النائب ميشال عون جاءت بسرعة بناء لحاجات ضمن الشرائح الأساسية «للقوات» بعد حديث عون الصريح عن الغبن الذي يلحق بالمسيحيين، مشيراً الى أن لقاء الجانبين حاجة مشتركة في المستقبل وتظهر حدودها مع الأفعال بعد الصورة والنيّات.

وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز»، لفت الأعور إلى أن «الزيارة وضعت عناوين أساسيّة مشتركة بين الفريقين لما هو قادم، متحدثاً عن ضوء أخضر سعودي لجعجع بأن يتابع الإتصلات مع عون على قاعدة أنها قد تمنع عون من إحكام قبضته على كل الأوساط السياسية المسيحية.

وإذ استنكر الأعور النهج السعودي في لبنان، أشار الى «أن المشروع السعودي الذي يستهدف لبنان المقاوم تعطّل بوثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله التي جاءت نتيجة رؤية استراتيجية وقناعة لدى عون».

وجزم بأن «التكتل لن يخلي الساحة للآخرين لا بالإستقالة من المجلس النيابي ولا من مجلس الوزراء بل سيواجه من داخل الحكومة».

وأوضح الأعور أن «مسؤولية عرسال الداخلية وظيفة الجيش اللبناني والدولة، لكنه استبعد أن تخرج الحكومة بقرار لمواجة الإرهاب لوجود فريق يبني استراتيجيته على سقوط النظام في سورية للإنقضاض على المقاومة في لبنان».

ورأى الأعور أن «جبهة النصرة هي الحليف الأقصى لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط وهذا ناتج من حقد تاريخي على سورية وقيادتها»، لافتاً إلى أن جنبلاط يبني استراتيجيته على أن «النصرة» ستتحول إلى جيش سيؤدي إلى سقوط النظام في سورية.

وأكد الأعور أنه «لا يمكن لدروز سورية أن يتجاوبوا مع جنبلاط لأنهم مقاومة لكل مستعمر ومحتل ومشاريع شهداء في سبيل سورية الواحدة».

وفي ما يلي نص الحوار:

ما هي قراءتك لزيارة رئيس حزب «القوات» سمير جعجع الرابية؟

لا شك في أن جعجع له حضوره على المستوى المسيحي العام لكن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون هو القائد المسيحي الأول وهذا ما أظهرته كل استطلاعات الرأي والإحصاءات. الزيارة لم تأتِ من لا شيء، منذ اتفاق الطائف حتى اليوم لم نتمكن من دمج المسيحيين بعملية متكافئة ومتوازنة في الدولة اللبنانية، بل كان حضورهم يقتصر على نوع من الوجود في الحكومة بلا فعاليّة، وكان هناك مايسترو يدير اللعبة السياسية ضمن الحكومة بالكامل والمسيحيين، وبعض الآخرين كانوا بمثابة الموظفين عند الشهيد الرئيس رفيق الحريري، هذا ولّد نوعاً من التراكم التاريخي لدى المسيحيين، واليوم يسألون عن كيفية الشراكة الحقيقية بمشروع الدولة اللبنانية ولم يأخذوا جواباً حتى الآن، تيار المستقبل منذ الـ2005 يشارك بعض الأشخاص المسيحيين ويوصلهم إلى الندوة البرلمانية على قاعدة أن الموظفين لا يملكون أرضية متماسكة في مجتمعاتهم ما خلق أجواء في الأوساط المسيحية تشعر بالغبن وأنهم ليسوا شركاء حقيقيين وفاعلين في الدولة وبدأت قراءة المواقف المشتركة بين «القوات» والتيار الوطني الحرّ حتى وصلوا إلى نوع من إعلان النيّات وتوجت بلقاء عون وجعجع على قاعدة الشراكة الحقيقية في المسائل ضمن الدولة، والكلمات التي صدرت من الجانبين حفظت لكل طرف حقوقه في المواضيع السياسية وتموضعه في المسائل الاستراتيجية. نحن مع كل النيّات الحسنة والتفاهمات التي تساعد على وحدة شعبنا وأهلنا لنخرج من الإشكالات بأسرع وقت ولكن لا مؤشر حتى الآن في هذا الاتجاه.

هل تعتبر أن جعجع تسرّع في الزيارة في ظل الخلاف على البنود الرئيسية كالتعيينات الأمنية والرئاسة؟

الزيارة تزامنت مع جملة أحداث وخلافات كبيرة داخل الحكومة حول ملفات وازنة ولكنها لم تحمل حلولاً، بل وضعت عناوين أساسية مشتركة بين الفريقين لما هو قادم وتلائم الفريقين، منها قانون الانتخاب والتعيينات.

تكتل التغيير والإصلاح ومشاركته بالحكومة مستمر بوثيقة التفاهم مع حزب الله حول موضوع جرود عرسال، وزيارة جعجع جاءت بسرعة بناء لحاجات ضمن الشرائح الأساسية للقوات وفي المقابلة الأخيرة لعون كان واضحاً وصريحاً في الحديث عن الغبن الذي يلحق بالمسيحيين، وأخذت صداها ضمن الأوساط الشعبية، فاضطر جعجع أن يزور عون ويشاركه هذا الطرح لتلبية الحاجات النفسية لشرائح لبنانية كبيرة.

هل تحمل الزيارة أبعاداً سياسية خارجية، بمعنى أنها ترتيب سعودي بدأ منذ زيارة جعجع مرتين إلى السعودية التي تعاطت معه كحيثية مسيحية يجب أن تنفتح على عون، وبالتالي حوار «القوات» والتيار مقدر له النجاح وليس وليد اللحظة؟

عون بمقاربته للملفات العالقة هو القائد المسيحي الأول على الساحة المسيحية والخط السياسي الذي تتحرك من ضمنه «القوات» بقيادة جعجع هو خط ممسوك من السعودية، بالتأكيد يوجد ضوء أخضر سعودي لجعجع بأن يتابع الاتصالات مع عون على قاعدة أنها قد تمنع عون من إحكام قبضته على كل الأوساط السياسية المسيحية في لبنان ويكون معه شركاء كجعجع.

في 18 شباط الماضي التقى عون مع الوجه الأول للسعودية في لبنان أي الرئيس سعد الحريري الذي قال كلاماً ثم تراجع عنه في اليوم التالي. وكل ما يفعله ويقوله الحريري يأتي من السعودية وهو لم يظهر يوماً أن ولاءه للبنان وهذا أحد أسباب خسارته في الشارع اللبناني. لقاء عون وجعجع هو خطة تعبر عن مجموعات حاجات مشتركة في المستقبل وتظهر حدودها مع الأفعال بعد الصورة والنيّات.

هل تحاول السعودية أن تجذب القرار العوني إليها لكي تسلخه عن حزب الله تدريجاً لكي لا يظهر الحزب دائماً أنه هو الذي ينادي بمطالب عون؟

النهج السعودي واضح في هذا الاتجاه وهذا ما نشهده منذ الـ2005 لإبعاد لبنان في شكلٍ كامل عن كل ما هو مقاوم، واليوم المشروع السعودي الذي يستهدف لبنان المقاوم تعطل بوثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله وهي نتيجة رؤية استراتيجية وقناعة وسلوك تاريخي لدى عون، هذه قاعدة استراتيجة وأساسية لدى عون لأن المقاومة إكسير حياة لبنان وهذا رأي عون لأن المقاومة كرامة لبنان ولكن في الملفات التفصيلية يستطيع كل طرف أن يناور وهذا طبيعي. السعودي لن يترك وسيلة لا في الإعلام ولا في المال لمحاولة الانتقام من كل مقاوم عربي في وجه «إسرائيل» لأن السعوديين مجموعة من البدو لا علاقة لهم بحضارة الإنسان التي تبنى على المقاومة، كل أزماتنا السياسية الحديثة منبعها السعودية هي بنك الإرهاب ومصنعه. نحن مستمرون بمواقفنا وبمقاومتنا وسنقاوم المشروع السعودي في لبنان وسورية والعراق وفلسطين وفي كل مكان للحفاظ على شخصيتنا التاريخية.

ماذا عن التعيينات الأمنيّة، لماذا يريد عون رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش، لماذا لا يكون منصب قيادة الجيش لحزب الكتائب على سبيل المثال؟

هذا لا يمكن أن يحصل إلا في مناخ ديمقراطي ومن يحدد ذلك الناخب أي مجلس النواب وإذا كان منتخباً في شكل صحيح، بالتالي يُنتخب رئيس صحيح، ومجلس الوزراء بالتصويت على التعيينات هو يمثل مجموعة قوى سياسية في هذا الأمر. فريق 14 آذار مرتبط بأجندة خارجية أميركية «إسرائيلية» سعودية لضرب فريق المقاومة، نحن نبني علاقاتنا الخارجية بناء على قضايانا وليس على مصالحنا وعلى أساس العداء لـ«إسرائيل».

اليوم مجلس النواب الذي ينتخب رئيس الجمهورية معطل وحتى الآن لا يوجد اتفاق على رئيس، الحل هو في الذهاب إلى استطلاعات رأي تكون ملزمة للجميع أي انتخابات مباشرة من الشعب، المجلس الحالي يمثل أكثرية وهمية نتجت من قانون انتخابي مبني على التزوير، لن نخلي الساحة للآخرين لا بالاستقالة من المجلس النيابي ولا من مجلس الوزراء ونصرّ على وجودنا في الحكومة وسنطالب في كل جلسة بوضع التعيينات الأمنية بنداً أول على جدول الأعمال وأن تكون تعيينات سلة متكاملة، كما مرّت كل التعيينات السابقة. فلماذا عندما تصل الأمور إلى المراكز المسيحية يختارون موظفاً برتبة وزير عند ميشال سليمان الذي لم يمثل خلال حقبته إلا بحقيبة سفر ولا سلطة له بل يحميه فريق سياسي ليهاجم الجميع، سبب خراب لبنان هو السعودية وهي المصرف المالي والمصنع لـ«داعش»، لبنان لا يكون بخير إلا بأن تكون قضيته بألف خير وقضيته هي مقاومته.

كتيبة «الفاروق عمر» هددت بأنها ستواجه حزب الله إذا دخل عرسال، هذا التحريض ماذا سيولّد؟ ومن يقف وراء هذه المجموعات؟

المقاومة لم تقل يوماً انها ستدخل عرسال، فريق تيار المستقبل يشعر بالهزيمة والانكسار لأن التكفيريين يخسرون في القلمون، الحديث هو عن جرود عرسال مركز الإرهاب ومكان وجود العسكريين المخطوفين ومكان الخطر الدائم على عرسال، وأصوات كثيرة خرجت من البلدة بأنها إلى جانب المقاومة لتحرير جرودها من الإرهاب، أما داخل البلدة فهو من مسؤولية الداخلية والجيش اللبناني والدولة لكن الحكومة لن يخرج منها قرار يواجه الإرهاب. والأميركيون يرسلون سلاحاً إلى الجيش من جهة ويرسلون مثله إلى «النصرة» من جهة أخرى. يوجد فريق يبني استراتيجيته على سقوط النظام في سورية للإنقضاض على المقاومة في لبنان، من يستهدف لبنان هم التكفيريون في جرود عرسال، الجيش ينتطر قراراً من الحكومة لإنقاذ عرسال وتحريرها من الخاطفين الإرهبيين، لذلك لا يريدون العميد شامل روكز قائداً للجيش لأنه قائد بالفعل، وبالمناسبة، فوج المغاوير هو الذي قضى على ظاهرة أحمد الأسير في صيدا والقيادة كانت مترددة وهذه طبيعة عمل المغاوير في الجيش عندما يرى خطراً كبيراً على البلد يحسم أمره. سبب المشكلة في قيادة الجيش والتعيينات الأمنية هي أن الشخص الذي يأتي في أي منصب يجب أن لا يسمع لأحد بل يهمه لبنان أولاً، بل هم يريدون قائداً يريد السعودية أولاً، لكن الحل الأمثل يقرره اللبنانيون عبر انتخاب رئيس مباشرة ثم تعيين قائد جيش يهمه مصلحة لبنان وإلا سيبقى عدد كبير من الضباط عند الأميركيين والسعوديين والفرنسيين والقطريين حيث السياسة والمال.

موقف النائب جنبلاط من جبهة «النصرة» مريب، فهو لا يعتبرها فصيلاً إرهابياً ويراهن عليها كشريك في التفاوض مستقبلاً وشرعنتها كما يحاول الكونغرس الأميركي وتركيا شرعنتها لتكون «النصرة» القوة العسكرية الرئيسية في سورية، ما رأيك؟

كل مواقف جنبلاط مريبة، هو كان واضحاً وصريحاً وخلال جولته في منطقة حاصبيا اعتبر ان «النصرة» في موقع الحليف لأسباب عدة لديه، وقال ذلك أمام الحاضرين. فهي الحليف الأقصى وهذا ناتج من حقد تاريخي من جنبلاط على سورية وقيادتها واليوم نتيجة الإحباط وفشل «النصرة» وفريق جنبلاط في سورية أي «المعارضة السورية» يبني جنبلاط استراتيجيته على ان «النصرة» ستتحول إلى جيش سيؤدي إلى سقوط النظام في سورية وهو منذ سنوات ينتظر الجثث لتطفو على النهر والوقت سيبيّن من الذي سيطفو. «النصرة» أسوأ أداة تكفيرية وهي التي تخطف العسكريين اللبنانيين، القطري والتركي يحاولان إظهارها على أنها «المعارضة المعتدلة»، هل سأل جنبلاط حلفاءه «النصرة» ماذا بقي من الخصوصية الدرزية في إدلب؟ لا يمكن لدروز سورية أن يتجاوبوا معه وهو ليس الزعيم الدرزي، بل هو زعيم على فريقه، لأن حدود زعامته هو لبنان، والدليل على ذلك عدم تجاوب دروز جبل الشيخ وجبل العرب معه، بل بالعكس وقفوا الى جانب الدولة السورية، إذا كان جنبلاط يطمح لأن يكون زعيماً على دروز سورية فهذه حسابات خاطئة، دروز سورية هم إيمان قومي وفعل وطني ومقاومة لكل مستعمر ومحتل، فهم في جبل الشيخ والجولان وجبل العرب مشاريع شهداء في سبيل سورية الواحدة ولا أحد يستطيع تغيير تاريخهم، وجنبلاط لم يصل إلى هذا الموقع القيادي الأول في لبنان لدى الدروز إلا بسبب الرعاية السورية له.

الدروز مرتبطون بهذا المشرق وأخلاقنا التاريخة تبدأ بوحدة اوطاننا والنضال في وجه كل مستعمر وضد العدو «الإسرائلي» مع امتداد الجبهة معه، وسورية هي دولة الدروز وأمهم وحاضنتهم.

هل يمكن أن نشهد إنعطافة جديدة لجنبلاط إذا رأى أن الاميركيين سيبدلون في سياساتهم؟

كل زيارة أقوم بها إلى الشام أفكر بأنه يمكن أن يسبقني جنبلاط إليها. أخذوه الى المحكمة الدولية ليشهد ضد سورية وحزب الله فشهد معهما وشهادته أفادت سورية وحزب الله وأتمنى أن يكون ما أدلى به بحق سورية والمقاومة في المحكمة الدولية ساعة صحوة، لا يمكن استبعاد أي موقف جديد لجنبلاط لكن هذا مرتبط بوريثه السياسي تيمور جنبلاط ليبقي آفاقاً موضوعية للمرحلة المقبلة، لكن منذ الـ2005 حتى الآن لم يستطع جنبلاط تحقيق أي نجاحات في السياسة إطلاقاً، ارتباط الدروز بسورية عقائدي والرئيس الدكتور بشار الأسد يمثل كل المشرقيين المدنيين ويخوض المواجهة عن الجميع، حاول الأميركي و«الإسرائيلي» تفكيك سورية منذ العام 1973 ولم ينجحا، وما يحصل في سورية اليوم هو نتيجة الصراع مع العدو «الإسرائيلي»، الكرة الأرضية ضد سورية وهناك مجموعة من الحلفاء يقفون معنا لكن إذا قررت سورية استعادة الذين تمحوروا حولها في السابق ستفعل ذلك على قاعدة هذا الخيار، فلنترك للسوريين ليحددوا ماذا يريدون في هذا الموضوع، الآن سورية لديها هموم أكبر وفريق جنبلاط و14 آذار يراهنون حتى أيلول المقبل ليكون اليمن قد سقط بيد السعودية وحزب الله هزم وسورية سقطت والعراق سقط وإذا أصروا على هذه الفكرة سيدفعون ثمنها، لأن كل هذه الملفات لن تحسم حتى مع توقيع الإتفاق النووي الإيراني الذي سيؤثر إيجاباً على حركتنا ومشروعنا في المنطقة وليس العكس.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى