تقرير
ذكرت صحيفة «هاآرتس» العبرية أنّ وثائق سرّية من أرشيف الجيش «الإسرائيلي»، كشفت مضمون المداولات التي أجرتها هيئة أركان الجيش «الإسرائيلي» في الأيام التي سبقت حرب حزيران عام 1967 وخلال الحرب، عن خطط لترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية، وخلافات بين القيادة السياسية والعسكرية حيال شنّ الحرب، واقتراح وزير الحرب «الإسرائيلي» حينذاك، موشيه دايان، تشكيل حكومة عربية في جزء من الضفة الغربية، ومخططات «إسرائيلية» لتكريس احتلال الضفة.
وتُظهر محاضر المداولات، أنّ رئيس الأركان في حينه، إسحق رابين، لم يستبعد نشوب الحرب، معتبراً أنّ ثمة خطراً جدّياً على وجود «إسرائيل»، موضحاً أنّ الحرب ستكون قاسية جدّاً وستكلّف «إسرائيل» خسائر كبيرة.
وأضاف رابين خلال المداولات التي شارك فيها عدد من وزراء الحكومة، أنه في ضوء جاهزية الجيش المصري في سيناء، فإن كل يوم يمرّ من دون هجوم «إسرائيلي» على مصر، سيسمح للجيش المصري بتعزيز تحصيناته في سيناء. وأضاف أنه في حال اضطرت «إسرائيل» لضرب الجيش المصري، فإن الأمر سيكون أكثر صعوبة، مشيراً إلى أنّ السوريين لن يقفوا متفرّجين.
وقال رابين إنّه يشعر بأن حلقة ضيقة، عسكرية وسياسية، آخذة بالانغلاق حول «إسرائيل»، ولا يوجد من يستطيع تفكيكها غير «إسرائيل» ذاتها. وأضاف أنه ليس مسموحاً الانتظار حتى نشوء وضع أصعب، في حال لم تبادر «إسرائيل» إلى العمل فوراً، موضحاً أنّ الهدف المركزي إنزال ضربة ساحقة بالرئيس المصري جمال عبد الناصر، معتبراً أنّ من شأن ذلك إحداث تغيير في الشرق الأوسط كله.
من ناحيته، أكد قائد سلاح الجوّ «الإسرائيلي» آنذاك الجنرال مردخاي هود، جاهزية سلاحه لشنّ غارات جوّية فوراً، معتبراً أنه لا داعي للانتظار 24 ساعة. بينما اعتبر آرييل شارون، أنّ الجيش «الإسرائيلي» جاهز أكثر من أيّ وقت مضى من حيث قدرته على إبادة القوات المصرية وصدّ الهجوم المصري. معتبراً أنّ التردّد والمماطلة أدّيا إلى فقدان «إسرائيل» عامل الردع، الذي يتمثل بخوف الدول العربية من «إسرائيل».
وأمام هذه الأجزاء، قال رئيس الحكومة في حينه، ليفي أشكول: «إذا افترضنا أننا تمكنّا من كسر قوة العدوّ، فإنه سيتعيّن علينا بدءاً من الغد أن نعيد بناء قوّتنا. وإذا اضطررنا عندئذٍ أن نحارب كل عشر سنوات، فسيتعيّن علينا أن نفكّر ما إذا كان لدينا حليف سيساعدنا».
وجاء في المحاضر، أن دايان أوصى بعدم مهاجمة سورية، لكن الطيران السوري هاجم طبريا وقاعدة «ماجيدو» الجوية، بعد ساعة من غارات سلاح الجو «الإسرائيلي» على المطارات المصرية، وفي أعقاب ذلك، تقرّر أن يهاجم الطيران «الإسرائيلي» أهدافاً في سورية وقصف أربعة مطارات عسكرية.
تضيف المحاضر، أنّ قرار احتلال الضفة الغربية كان يرتبط بالوضع في الجنوب. وأن إمكانية احتلال الضفة بكاملها أفضل من الوصول إلى جبل المشارف في القدس الشرقية فقط. وفي اليوم الثاني للحرب، تقرّر إنه إذا كان الوصول إلى جبل المشارف سيتم في الصباح، فينبغي احتلال الضفة حتى قمم الجبال، وإعطاء المدنيين الفلسطينيين إمكانية للهرب. وقد تمّ بالفعل إبلاغ قائد سلاح الجوّ «الإسرائيلي»، أنّ هناك حالة هروب جماعية للفلسطينيين باتجاه الأردن. وفي مساء اليوم نفسه، أبلغ دايان قادة الجيش بالاستعداد لاقتحام البلدة القديمة في القدس.
تضيف المحاضر، أنه في اليوم التالي للحرب، 7 حزيران، أصدر دايان، صباحاً أمراً بإغلاق البلدة القديمة واقتحامها، وألا تقتحم القوات «الإسرائيلية» المسجد الأقصى وحائط البراق. وعُيّن شلومو لاهط، حاكماً عسكرياً على المدينة، وسط حركة نزوح جماعية للفلسطينيين عن الضفة باتجاه الشرق. وقبل ظهر اليوم نفسه، تلقت قيادة الجيش بلاغاً من القوات بأنّها احتلت الحرم القدسيّ، وصارت قرب ساحة البراق.
في موازاة ذلك، وجّه الجيش «الإسرائيلي» تهديداً للأردن بأنه في حال عدم توقف القصف على القدس فإن الطيران «الإسرائيلي» سيقصف عمّان. لكن رقابة مشدّدة فُرضت على مقاطع من هذا المحضر بأمر عسكري.
وفي 8 حزيران، بدأ الجيش «الإسرائيلي» مناقشة خطط ترسيخ احتلال الضفة الغربية، وتقرّر تعيين حاكم عسكري عليها، وتقسيمها إلى ستّ مناطق، وأن يكون الحكم العسكري خاضعاً لقائد الجبهة الوسطى في الجيش «الإسرائيلي».
ويتبيّن من المحاضر، أن دايان طرح عدّة أفكار حول مصير الضفة، بينها تشكيل حكومة عربية مستقلة في جزء من أراضي الضفة، وتوحيد القدس، وإلغاء اتفاقيات لجنة وقف إطلاق النار التي أقرّت الحدود بين «إسرائيل» والأردن، عام 1949.
وفي هذه الأثناء، بدأ الجيش «الإسرائيلي» بمهاجمة سورية، إذ أبلغت قيادة الجبهة الجنوبية في الجيش «الإسرائيلي» فجر التاسع من حزيران، القيادة العسكرية «الإسرائيلية» أن قواتها وصلت إلى ضفاف قناة السويس والبحر الأحمر، وأنه تم احتلال سيناء بالكامل، وأنّ الجيش «الإسرائيلي» ينتقل إلى الدفاع عن الحدود في الجنوب والشرق والشمال.